شهدت صادرات مصر من الذهب والأحجار الكريمة نموا ملحوظا خلال النصف الأول من 2025، مدفوعة بزيادة الكميات المنتجة وارتفاع معدلات التصدير، وتوسيع قاعدة مشاركة المشروعات الصغيرة والمتوسطة فى الصادرات، عبر دعم سلاسل القيمة وتوفير برامج تمويل وتدريب موجهة للمنتجين بالقطاع.
واستحوذت صادرات قطاع الأحجار الكريمة على الحصة الأكبر من إجمالي صادرات مواد البناء، التى سجلت نموا بنسبة 57.8% خلال النصف الأول من 2025، لتصل إلى 7.4 مليار دولار، مقابل 4.7 مليار دولار خلال الفترة ذاتها من العام الماضي، في حين سجلت صادرات الذهب والأحجار الكريمة وحدها 3.936 مليار دولار.
قال سمير نعمان وكيل المجلس التصديري لمواد البناء والحراريات والصناعات المعدنية، إن قطاع الذهب والأحجار الكريمة أصبح المحرك الرئيس لصادرات الصناعات المعدنية، بعد أن سجل أداء غير مسبوق خلال النصف الأول من 2025، مستفيدا من النمو المتزايد فى الطلب العالمي على المعدن النفيس، وتوسع الإنتاج المحلي للشركات، خصوصا من منجم السكري الذى يمثل أحد أعمدة الإنتاج القومي فى هذا المجال.
أضاف لـ «البورصة»، أن المجلس التصديري يستهدف الوصول بإجمالى صادرات الذهب إلى 5 مليارات دولار نهاية 2025 من خلال خطة توسعية تشمل دعم الشركات والمشروعات المصدرة فنيا وتمويليا، وتحفيز زيادة القيمة المضافة فى المنتج، بالإضافة إلى تكثيف المشاركة فى المعارض الإقليمية والدولية لتوسيع قاعدة العملاء بالأسواق الخارجية.
ولفت إلى أن الفترة المقبلة ستشهد تركيزا أكبر على تطوير سلاسل الإمداد والاعتماد على تكنولوجيا تصنيع متقدمة، بما يعزز تنافسية الذهب والأحجار الكريمة فى الأسواق العالمية، خاصة فى ظل تزايد المنافسة من دول كبرى، منها تركيا والهند والإمارات.
جمال الدين: التحركات الترويجية وسعت قاعدة المصدرين من الورش الصغيرة
وقال وليد جمال الدين عضو المجلس التصديري لمواد البناء والحراريات، إن الأداء الإيجابي للقطاع يعكس ثمار التحركات الترويجية التى تبناها المجلس من خلال فتح قنوات تصديرية جديدة، وتوسيع نطاق العمل مع الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتحسين بيئة الأعمال المرتبطة بالصناعات المعدنية.
أضاف لـ «البورصة»، أن المجلس مستمر فى دعم القطاعات المعدنية الأخرى بالقدر نفسه، بهدف رفع إجمالي صادرات مواد البناء، وتعزيز قدرة المنتجات المصرية على التواجد بشكل مستدام فى الأسواق الدولية.
العادلي: القطاع يضم أكثر من 700 ورشة تشكل قلب صناعة الأحجار الكريمة
وقال حمادة العادلي رئيس غرفة الصناعات اليدوية باتحاد الصناعات، إن الورش الصغيرة والمتوسطة لعبت دورا كبيرا فى دفع حركة التصدير، مدعومة بزيادة الطلب المحلي والدولي على الأحجار الكريمة كبديل للذهب والفضة، فى ظل ارتفاع أسعارهما.
أضاف لـ «البورصة»، أن مصر تضم عددا كبيرا من الورش المتخصصة فى صناعة الحلي والأحجار الكريمة، سواء فى المناطق التاريخية مثل الحسين والجمالية بالقاهرة، أو فى محافظات الصعيد، مشيرًا إلى أن القطاع الرسمي يضم نحو 200 ورشة، بالإضافة إلى ما يقرب من 500 ورشة تعمل بشكل غير رسمى.
وأكد العادلي، أن مصر تمتلك ميزات تنافسية قوية مقارنة بدول أخرى مثل تركيا، إذ تتوافر خامات الأحجار الكريمة محليًا، مما يقلل تكلفة الاستيراد، بالإضافة إلى انخفاض تكلفة العمالة، مما يمنح المنتج المحلي قدرة عالية على المنافسة السعرية.
وحول التحديات التى تواجه القطاع، أشار إلى أن أصعب المراحل تتمثل فى التنقيب عن الأحجار الكريمة، الذى يتطلب الحصول على تصاريح من جهات رسمية متعددة، مما يحد من قدرة المستثمرين الأفراد على الدخول فى هذا المجال.
ميلاد: الشعبة تسعى لتعزيز تنافسية الذهب أمام المنتجات الإيطالية والتركية
وقال هاني ميلاد رئيس الشعبة العامة للذهب باتحاد الغرف التجارية، إن السبائك الذهبية استحوذت على 95% من صادرات الذهب والباقى مشغولات ذهبية، بدعم من تراجع القدرة الشرائية للمستهلكين بالسوق المحلي.
أضاف لـ «البورصة»، أن زيادة صادرات شركات القطاع تأتى بدعم من إقامة الشعبة معرض «نبيو» للذهب والمجوهرات السنوي، والذى بدوره أسهم فى ترويج المشغولات الذهبية المصرية وإبرام عقود تصديرية جديدة مع عملاء بالشرق الأوسط.
وكشف أن أبرز الدول التى استحوذت على صادرات سبائك الذهب المصرية، هى سويسرا وكندا والإمارات، بينما استحوذت السعودية والولايات المتحدة الأمريكية والإمارات على صادرات القطاع من المشغولات .
وطالب ميلاد، بتسهيل إجراءات رد الضريبة، ومنح البنك المركزي، المصدرين مدة أكثر من 75 يوما لتوريد حصيلة التصدير من تاريخ الشحن للخارج، وتحديث آلية دمج المشغولات المصدرة، مشيرا إلى أن الشعبة تسعى لتعزيز تنافسية الذهب أمام المنتجات الإيطالية والتركية.
نجيب: نمو صادرات القطاع يعود إلى زيادة تنافسية المنتجات المصنعة يدويا
وقال نادى نجيب السكرتير العام السابق لشعبة المعادن الثمينة والمصوغات والمجوهرات بالغرفة التجارية، إن نمو صادرات القطاع يعود إلى زيادة تنافسية الأحجار الكريمة التى تعد وتصنع يدويا فى مصر، باعتبارها مواد طبيعية عالية القيمة تدخل فى صناعة المشغولات الذهبية والفضية.
أضاف لـ «البورصة»، أن ثمة أسواق واعدة تشهد تزايدا فى الطلب على الأحجار الكريمة المصرية، من بينها هولندا وكندا، بالإضافة إلى بعض الأسواق العربية، وأبرزها الإمارات ، مؤكدا أن المعارض الدولية لعبت دورا كبيرا فى فتح قنوات تصدير جديدة وجذب عملاء إضافيين.
وأوضح نجيب، أن أبرز الأحجار التى تشهد طلبا متزايدا خلال الفترة الأخيرة، هي الإسكندريت والفيروز المصري، بفضل خصائصهما النادرة وجاذبيتهما فى صناعة المجوهرات الفاخرة.
وقالت فريدة محمد رئيس مجلس إدارة شركة أحجار فريدة للأحجار الكريمة العلاجية، إن نمو صادرات الأحجار الكريمة بما فيها الذهب يعود بالأساس إلى ارتفاع الطلب العالمي على المعدن الأصفر كملاذ آمن وسط التوترات الجيوسياسية والتقلبات الاقتصادية.
وأضافت لـ «البورصة»، أن التوسع فى استخدام الذهب بالقطاعات التكنولوجية، بالإضافة إلى دعم الدولة للصناعة من خلال تسهيلات التصدير والمشاركة النشطة فى المعارض الدولية، منح القطاع دفعة قوية نحو التوسع العالمي.
وتركز الشركة على تقديم حلول استثمارية مبتكرة للعملاء، مشيرة إلى أن الذهب لايزال من أهم أدوات التحوط ضد التضخم، ويحافظ على قوته الشرائية على المدى الطويل، كما يوفر وسيلة فعالة لتنويع المحافظ الاستثمارية.
أصحاب ورش لـ”البورصة”: لدينا مزايا تنافسية قوية ونحتاج إلى استراتيجيات ترويجية
وقال محمد سمير، أحد الحرفيين المتخصصين فى تشكيل الأحجار الكريمة الذى نجح فى تحويل مشروعه الصغير إلى نافذة تصديرية للأسواق العربية، بعد أكثر من 40 عاما من العمل فى المجال، إن مسيرة التصدير بدأت بشكل تدريجي من خلال المشاركة فى المعارض المحلية والدولية، بالإضافة إلى المشاركة فى زيارات دورية لمستوردين من عدة دول، أبدوا اهتماما بالتصاميم اليدوية التى تحمل طابعا مصريا أصيلا.
وأضاف لـ «البورصة»، أن الورشة تسجل معدلات نمو سنوية تتجاوز 30% من حيث مبيعات القطع بالسوق المحلية والمصدرة، مدفوعة بالطلب المتزايد على الأحجار المصقولة يدويا، والتى تتميز بجودة عالية وتنوع في الأذواق، لتناسب متطلبات المستهلكين فى أسواق مثل الخليج، وبعض دول أوروبا.
وقال عصام رشاد صاحب أحد المحلات بمنطقة الجمالية، إن المنتجات المصرية من الأحجار الكريمة تشهد إقبالا متزايدا من السائحين العرب والأجانب، لما تتمتع به من تفرد فى التصميم، وجودة فى التقطيع والصقل اليدوى، بالإضافة إلى ما تحمله من رمز ثقافى وروح تراثية تميزها عن نظيراتها المستوردة.
وأضاف لـ«البورصة»، أن الأحجار المصرية تحمل مزايا تنافسية قوية، إذ إن أغلبها مستخرج من البيئة المصرية مباشرة مثل الفيروز من سيناء، والزبرجد من جزر البحر الأحمر، ويتم تصنيعه بالكامل داخل ورش الجمالية والصعيد، ما يمنحها طابعًا أصليًا يفضله السائح عن المنتجات الصناعية الجاهزة.
وقال فاروق محمود صاحب ورشة، إن سوق الأحجار الكريمة فى مصر يشهد ارتفاعا متزايدا فى الطلب المحلي، خصوصا على بعض الأنواع التى تجمع بين القيمة الجمالية والاستثمارية، فى ظل ارتفاع أسعار الذهب والفضة.
وأضاف لـ «البورصة»، أن أسعار الأحجار الكريمة لا تخضع لنفس آليات تسعير المعادن النفيسة، بل تتأثر مباشرة بحجم الطلب ومدى توافر المعروض فى السوق، موضحًا أن سعر الحجر الواحد يتراوح بين 300 – 1000 جنيه، وفقا للنوع والجودة.
ولفت إلى أن حجر العقيق يأتى فى مقدمة الأحجار المطلوبة بالسوق المصرى، نظرًا لتنوع ألوانه وأسعاره المناسبة، إذ يتراوح سعر الفص الواحد بين 50 – 300 جنيه، يليه حجر الفيروز الذي يعد من الأحجار النادرة محليًا ويباع بأسعار تتراوح بين 50 – 500 جنيه للجرام، وفقًا لدرجة نقاوته.
وأوضح أن طرق الاستخراج والتنقية تلعب دورا كبيرا فى تحديد القيمة السوقية للحجر، ضاربا المثل بحجر الفيروز الذى قد تشترى منه كميات ضخمة تصل إلى 10 كيلوجرامات، لكن بعد معالجتها وتنقيتها لا يتبقى سوى 200 جرام صالح للتسويق.
وأكد أن الأحجار الكريمة المصرية لا تقل جودة عن الأحجار المستوردة، موضحا أن العقيق المصري يفوق فى خصائصه الجيولوجية نظيره اليمني، إلا أن غياب استراتيجيات الترويج والتسويق منحه مكانة أقل فى السوق العالمي.
