تسعى شركة “سبرنتس” الناشئة، لإحداث تحول كبير في سوق التدريب والتوظيف بالشرق الأوسط، من خلال نموذج عمل مختلف يدمج بين تطوير المهارات الرقمية وتوفير فرص العمل المباشرة للخريجين والمتدربين.
ولا تكتفي الشركة بدور المنصة التعليمية، بل تركز على جعل التوظيف هو الهدف النهائي لبرامجها التدريبية، واضعة نصب أعينها الوصول إلى توفير مليون فرصة عمل لمليون متدرب بحلول عام 2030.
وحتى الآن، تمكنت “سبرنتس” من استقطاب أكثر من 180 ألف مستخدم، مع خطة للتوسع والوصول إلى 500 ألف مستخدم خلال السنوات المقبلة، بالاعتماد على شراكات استراتيجية مع الحكومات والجامعات ومؤسسات التوظيف في المنطقة.
كما تستثمر الشركة أكثر من 4 ملايين دولار في البحث والتطوير لضمان استدامة الابتكار وتحقيق رؤيتها الطموح .
قال أيمن بازرعة، الشريك المؤسس والرئيس الاستراتيجي لشركة “سبيرنتس” لتعليم المهارات والتقنية والتوظيف، إن منصة “سبرنتس” تستهدف توفير مليون فرصة عمل لمليون متدرب بحلول 2030.
كما تستهدف المنصة زيادة عدد مستخدميها إلى 250 ألف مستخدم بنهاية العام الحالي و500 ألف بنهاية 2026، إذ تضم المنصة حاليًا 180 ألف مستخدم، إضافة إلى تعاونها مع جهات حكومية في مبادرات عدة منها “Egypt Forward” و”Depi” و”DeCi” لتدريب عشرات الآلاف من الشباب المصري، فضلًا عن تعاونات مماثلة مع وزارتي الاتصالات السعودية والإماراتية.
وقال بسام شرقاوي، الرئيس التنفيذي والشريك المؤسس لشركة سبيرنتس لتعليم المهارات والتقنية والتوظيف، إن نمو المنصة جاء مدعوما بجولات تمويلية تمكنت الشركة عبرها من جمع 4 ملايين دولار من مستثمرين محليين ودوليين، وكان آخرها في 2023.
وتخصص “سبرنتس” نسبة 20% من ميزانيتها لفريق البحث والتطوير، على رأسه أستاذ بجامعة ماريلاند الأمريكية.
أضاف لـ”البورصة” أن برامج المنصة تجاوزت 3.6 مليون ساعة تعليمية، تدرب من خلالها عشرات آلاف الشباب، وتتعاون الشركة مع أكثر من 300 جهة توظيف.
البداية والرؤية
كشف أيمن بازرعة، أن فكرة “سبرنتس” بدأت في عام 2019. ورغم أن الفكرة كانت جديدة في ذلك الوقت، خاصة قبل انتشار جائحة كورونا التي عززت مفهوم العمل والتعلم عن بعد، إلا أن مؤسسي الشركة كانوا مؤمنين برؤيتهم.
أضاف أن الشركة تعمل بشكل رئيس في أسواق مصر والخليج، بينما تعمل منصة “هاير ريموترز” التابعة لها مع شركات في أوروبا وأمريكا والخليج، مشيرًا إلى وجود خطط قيد التنفيذ لإنشاء فرع جديد في السعودية خلال العام الحالي، إضافة إلى فروع الشركة الحالية في مصر والإمارات وهولندا.
وقدّم بازرعة، نظرة شاملة عن “سبرنتس”، مؤكدًا أنها ليست مجرد منصة تعليمية، بل شركة متخصصة في كل ما يتعلق بتكنولوجيا التعليم، ينصب تركيزها الأساسي على إنتاج محتوى تعليمي مصمم خصيصًا للتدريب من أجل التوظيف في المجالات التكنولوجية، ولا تقتصر هذه المجالات على التخصصات التقنية البحتة، بل تشمل أيضًا المهن التي تحتاج إلى دعم تكنولوجي لتكون قادرة على المنافسة في السوق الحديثة.
أضاف أن برامج الشركة مصممة لتكون الوظيفة نهاية المطاف فيها، فلا تترك خريجيها إلا وهم في وظيفة حقيقية، سواء كانت في شركات ناشئة أو كبرى محلية أو عالمية، يمكنهم العمل معها عن بُعد.
اقرأ أيضا: “هيكسي فاير” تستهدف التوسع في السوقين المصري والعماني
ولفت إلى أن الشركة دشنت منصة أخرى منفصلة تابعة لها، تحمل اسم “هاير ريموترز”، متخصصة في التوظيف عن بعد، تستهدف قاعدة مستخدمي “سبرنتس” البالغ عددهم 180 ألف مستخدم، بالإضافة إلى أي شخص آخر يبحث عن فرصة عمل عن بعد، مشيرًا إلى أن المنصة “وسيط” بين الباحثين عن عمل والشركات التي تبحث عن موظفين، والتي تكون في الغالب شركات أمريكية أو أوروبية أو خليجية.
أكد بازرعة، أن “هاير ريموترز” لا تكتفي بتوفير فرصة العمل، بل تضمن للموظف كل المزايا التي يحصل عليها الموظف بدوام كامل، منها التأمينات الاجتماعية والتأمين الطبي والضمانات القانونية، وتلك النقاط بالتحديد تميز الشركة، إذ توفر للموظف الذي يعمل لدى شركة أجنبية الأمان والاستقرار الوظيفي الذي قد لا يجده في العمل الحر، وتتحمل “سبرنتس” مسؤولية دفع الضرائب والتأمينات وكل ما يتعلق بالتوظيف.
وحول طبيعة الوظائف المتاحة عبر المنصة، أكد بسام شرقاوي، أن جميعها مرتبطة بالاقتصاد الرقمي والتكنولوجيا، منها تطوير المواقع والتطبيقات وتصميم واجهات المستخدم وتجربة المستخدم (UI/UX) والتصميم الجرافيكي ومجالات الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات والأمن السيبراني والحوسبة السحابية.
إضافة إلى ذلك، تشمل الوظائف كل المهن التي يمكن ممارستها عن بُعد مثل المحاسبة والإدارة، وجميعها تتطلب مهارات رقمية متقدمة، مشيرًا إلى الطلب المتزايد على المتخصصين في توظيف الذكاء الاصطناعي داخل الشركات.
أكد شرقاوي، أن “سبرنتس” تعتمد على منهجية (Project-based Learning) التي تهدف إلى محاكاة بيئة العمل الحقيقية، إضافة إلى الذكاء الاصطناعي كمحرك رئيس للنمو. فبينما كان معدل النمو السنوي يتراوح بين ضعفين و3 أضعاف قبل دمج الذكاء الاصطناعي، تتوقع الشركة وصول النمو إلى 5 أضعاف سنويًا، لا سيما بعد تطوير أداة خاصة بها باسم Sprints AI Learning Studio تتيح إنشاء المحتوى التعليمي بجميع اللغات بسرعة وكفاءة، وتقدم نسخة تجريبية مجانية للجمهور.
إنجازات وشراكات
وتحدث بسام شرقاوي، عن الإنجازات التي حققتها الشركة على مدار سنوات عملها، مؤكدًا أنهم عملوا مع بعض الحكومات بالمنطقة.
ففي مصر، كانت لهم شراكة مع وزارة الاتصالات في مبادرات متعددة مثل “Egypt Forward” و “DeFi” و “DeCi”، استهدفت تدريب عشرات آلاف الشباب.
كما عملت الشركة مع وزارتي الاتصالات السعودية والإماراتية في مبادرات مماثلة، موضحا أن هذه الشراكات تؤكد تركيز الشركة على “التدريب من أجل التوظيف”، ليس فقط على المستوى المحلي، بل وعلى المستوى العالمي.
وكشف شرقاوي، عن إنجاز للشركة، وهو إطلاق أداة “”Sprints AI Learning Studio، تتيح لأي شخص أو مؤسسة (جامعة، مدرسة، صانع محتوى) أن ينتج محتوى تعليميًا كاملًا بشكل سريع وبجودة عالية.
وشرح بالتفصيل أن الأداة تبدأ بالبحث عن احتياجات السوق للمحتوى التعليمي، ثم تحدد أهداف التعلم، وتصمم وحدات الكورس، وتولد المحتوى المرئي، والمسموع، والمكتوب، كما يمكنها إنشاء تطبيقات ومشاريع وامتحانات افتراضية، وحتى معامل افتراضية للتدريب العملي.
وأشار إلى أن الأداة كانت تستخدم داخليًا في الشركة لإنتاج محتواها، ولكنها أصبحت الآن متاحة للجميع، مما يسرع عملية إنتاج المحتوى التعليمي بعشرات المرات ويخفض التكلفة بشكل كبير، كما يمكن للأداة تطوير المحتوى القديم وتحديثه، وإنشاء مساعد ذكي مدرب على المحتوى الخاص بالمؤسسة ليجيب على أسئلة المتعلمين بشكل فوري.
وحول الشراكات، أكد المؤسس أن “سبرنتس” لديها شراكات استراتيجية مع شركات تكنولوجية عالمية، فهناك شراكة مع “مايكروسوفت”، التي تتيح لمتدربي الشركة استخدام إمكانيات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، إضافة إلى برامج تعليمية مجانية للشباب، كما أن هناك شراكة مع “أمازون” تتيح لهم استخدام خدمات الحوسبة السحابية (Cloud) وبرامجها التعليمية، فضلًا عن شراكة مع “جوجل”، وأكد أن هناك مباحثات جارية لتعاون مع “مانوس” الصينية، لتحسين التكلفة والجودة وتوفير أحدث الأدوات والتقنيات للمتعلمين.
تحديات.. وحلول
أما عن العقبات والتحديات، فقدم أيمن بازرعة رؤية فلسفية حول التعليم، مؤكدًا أن المشكلة لا تكمن في التعليم عن بعد أو الحضوري، بل في المنهجية نفسها.
فمعظم الطلاب في العالم، وربما ما لا يقل عن 80% منهم، لا يحبون المدرسة أو الجامعة لأن العملية التعليمية التقليدية تقوم على التلقين والحفظ، ولا توفر شعورًا بالقيمة أو الإنجاز.
أضاف أن “سبرنتس” تتصدى لهذا التحدي من خلال منهجية “التعلم القائم على المنتج”، إذ ينتج المتعلم كل أسبوعين منتجًا رقميًا قابلًا للاستخدام، مبينًا أن هذه المنهجية التي تسمى “التعلم المعكوس” كانت صدمة للجمهور في البداية، ولكن الجمهور تقبلها بعد رؤية نتائجها الملموسة في توظيف الخريجين، بعد عقبات واجهوها في إقناع الناس بفعالية هذه المنهجية الجديدة وبأهمية تعلم المهارات الشخصية ومهارات إدارة الأعمال إلى جانب المهارات التقنية.
وفيما يخص التمويل وإدارة الموارد المالية، أوضح بازرعة أن أكثر من 85% من دخل الشركة يأتي بالعملات الأجنبية من خلال منصة “هاير ريموترز” وبرامجها في الخارج، ما يجعلها في وضع جيد أمام تقلبات العملة المحلية.
أضاف أن إدارة التكاليف جزء أساسي من استراتيجية الشركة، حيث الاعتماد على البيانات لتحليل كل نفقاتهم وتحديد المجالات التي يمكن تحسينها باستخدام الأتمتة أو الذكاء الاصطناعي.
وأشار إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي لا يهدف فقط إلى خفض التكلفة، بل أيضًا إلى تحسين جودة الخدمة بشكل كبير، كالمساعد الافتراضي الذي يجيب على أسئلة المتعلمين بشكل فوري، بينما كان العنصر البشري يستغرق وقتًا أطول.
وحسب بسام شرقاوي ، فإن “سبرنتس” لديها سمعة طيبة في استقطاب أفضل الكفاءات، وأن ما حققته الشركة يعود في جزء كبير منه إلى فريق العمل المتميز، ومع ذلك، أشار إلى ندرة الكفاءات القوية في سوق العمل، قائلًا: “الشباب الذين يمكن الاعتماد عليهم من اليوم الأول قلّة”، مشيرًا إلى أن الشركة توظف طلابًا جامعيين أثبتوا قدرات إبداعية وسرعة في التنفيذ تفوق المتوقع.
وأشار إلى نقطة مهمة تتعلق بضرورة تحسين صورة مصر عالميًا كمركز للتكنولوجيا والابتكار، إذ إن مصر لديها بالفعل كفاءات هائلة، وأنها أكبر دولة جاذبة للاستثمار في الشرق الأوسط وأفريقيا في مجال ريادة الأعمال، لكن هذه الحقيقة لا تنعكس في الصورة الذهنية للعالم، التي ما تزال تربط مصر بالأهرامات فقط.
وطالب أيمن بازرعة، بجهود حكومية وإعلامية كبرى لتسويق مصر كوجهة تكنولوجية، حتى لا يتردد المستثمرون والشركات الأجنبية في التعامل مع الشركات المصرية، وضرب مثالًا بالصين، التي كانت منتجاتها محل شك في السابق، وأصبحت الآن موثوقة عالميًا.
