بات “الشراء بالهامش” أحد أبرز الأدوات التمويلية التي تثير جدلاً متزايدًا في البورصة المصرية، إذ يراه البعض وسيلة لتعظيم المكاسب وتحقيق عوائد تفوق القدرات الذاتية للمستثمر، فيما يحذر آخرون من مخاطره المرتفعة التي قد تقود إلى خسائر متسارعة تجبر المتعامل على البيع القسري لتغطية مراكزه.
وتقوم آلية الشراء بالهامش على تمكين المستثمر من شراء أوراق مالية بقيمة تتجاوز ما يمتلكه فعليًا من أموال، عبر اقتراض نسبة من ثمن الصفقة من شركة السمسرة، مقابل سداد فائدة على الجزء الممول، وعادةً ما يلتزم المستثمر بسداد ما لا يقل عن 50% من قيمة الأسهم من موارده الخاصة، بينما تغطي الشركة النسبة المتبقية.
ورغم أن الهدف من الهامش هو مضاعفة العوائد إذا تحركت الأسعار في الاتجاه الصحيح، إلا أن تقلبات السوق العكسية قد تؤدي إلى خسائر فورية، وقد تصل إلى “المارجن كول” أي مطالبة شركة السمسرة للمستثمر بتسييل جزء من محفظته لتغطية المركز المفتوح.
المصري: مخاطر الآلية تفوق العوائد ويتطلب محترفي
قال مصطفى المصري، العضو المنتدب لشركة ثاندر لتداول الأوراق المالية، إن الشراء بالهامش يسهم في زيادة السيولة اليومية عبر رفع أحجام التداولات، لكنه يحتاج إلى محترفين في استخدامه لأن حجم المخاطر غالبًا ما يفوق العوائد المرجوة.
وأوضح أن أفضل أوقات الاستفادة من الهامش تكون خلال فترات الهبوط الحاد المصحوب بارتدادات حتى ولو كانت بسيطة، مشيرًا إلى أن التعامل به في موجات الصعود يتطلب رؤية واسعة لاستمرار الاتجاه وعدم حدوث مستجدات سياسية أو عالمية قد تعرقل السوق.
ونصح المصري المستثمرين الراغبين في التعامل بالهامش بالتركيز على الشركات والقطاعات الكبيرة ذات الأداء المستقر والأقل عرضة للتقلبات.
عوض: 35% من التداولات اليومية قائمة على (T+1)
من جانبها، قالت منى عوض، مدير التداول بشركة عربية أون لاين، إن مخاطر الشراء الهامشي تفوق فوائده، خاصة في ظل مرحلة الحركة العرضية التي تشهدها السوق، حيث تتساوى نسب الربح والخسارة.
وأشارت إلى أن نحو 30-35% من حجم التداولات اليومية في السوق قائمة على نظام (T+1)، وهو ما يساهم في تنشيط السوق وتعزيز السيولة.
وأكدت أهمية تعميم التقارير الصادرة عن البورصة المصرية حول نسب التعاملات الهامشية على الأسهم، لتكون متاحة أمام شركات السمسرة والمستثمرين على حد سواء.
سيد: “التعاملات الهامشية” لا تتجاوز 1% من القيمة السوقية
وأوضح أحمد سيد، العضو المنتدب لشركة فيصل لتداول الأوراق المالية، أن الهامش يعد فرصة جيدة عندما تكون القيمة العادلة للسهم أعلى من سعره السوقي، مشيرًا إلى أن حجم التعاملات الهامشية في البورصة المصرية لا تمثل أكثر من 1% من إجمالي القيمة السوقية.
وأكد أن الآلية تظل أداة تمويلية تضيف للسيولة وتتيح للمستثمرين فرصًا استثنائية، لكن بشروط صارمة وإدراك كامل للمخاطر.
قباني: ضرورة رفع الوعي وزيادة التغطية البحثية
أما هيثم قباني، العضو المنتدب لشركة بيتا كابيتال، فأكد أن الهامش يحمل مخاطر مرتفعة للغاية، مشددًا على ضرورة تعزيز التغطية البحثية للأوراق المالية وتزويد المستثمرين بالمعلومات الكافية لتحديد القيم العادلة للأسهم، بما يقلل من الاندفاع نحو أوراق بعينها.
وأشار قباني إلى أن الشراء بالهامش، إلى جانب آليات مثل الشورت سيلينج والمشتقات المالية، يسهم في زيادة عمق السوق وسيولته، لكن بشرط أن يكون على دراية كاملة بمخاطره، وأن تُتاح لهم المعلومات الكافية لتقليل أثر السلوكيات العاطفية.
بدوره، قال أدهم جمال الدين، رئيس قسم التحليل الفني بشركة كايرو كابيتال سيكيوريتيز، إن التعامل بالهامش “سلاح ذو حدين”، حيث يضاعف السيولة والتعاملات داخل الجلسة، لكنه في الوقت ذاته يرفع من مستويات المخاطرة على المحافظ الاستثمارية.
وأضاف أن على المستثمر الالتزام بمستويات سعرية منخفضة والقدرة على تعويض الخسائر حال وقوعها، محذرًا من اللجوء إلى الهامش عقب فترات الصعود الطويلة لتجنب الخسائر الناتجة عن أي حركة تصحيحية.








