توقعت مجموعة «إى إف جى القابضة»، أن يشهد الاقتصاد المصرى تسارعًا ملموسًا فى عام 2026، مدفوعًا بانحسار الضغوط التضخمية، وتحسن موارد النقد الأجنبي، واستمرار سياسة التيسير النقدي.
ووفق التقرير السنوى للمجموعة، من المرجح أن يتراجع متوسط سعر صرف الجنيه أمام الدولار إلى 48.04 جنيه خلال 2026، على أن يسجل مزيدًا من الانخفاض ليصل إلى 49 جنيهًا فى العام التالى له، فى إطار سياسة سعر صرف أكثر مرونة، مدعومة بتحسن التدفقات الدولارية واستقرار الأوضاع النقدية.
وعلى صعيد النشاط الاقتصادي، تتوقع «إى إف جي» أن يسجل الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى نموًا بنسبة 5% خلال 2026، قبل أن يتباطأ نسبيًا إلى 4.6% فى 2027، مع اتساع قاعدة التعافى الاقتصادي، خاصة فى قطاعات الصناعة، والإنشاءات، والسياحة، والتجارة.
وترى المجموعة أن الاستثمار الأجنبى المباشر سيحصل على دفعة قوية، بدعم من صفقة “الديار القطرية”، ما يرفع التدفقات إلى نحو 15 مليار دولار خلال العام المالى الجاري، ثم 16.2 مليار دولار فى 2026، قبل أن تتراجع نسبيًا إلى 14.2 مليار دولار فى 2027، مع بقاء مصر فى وضع أفضل من حيث الاكتفاء الذاتى من موارد النقد الأجنبي.
وفيما يخص مصادر العملة الصعبة، توقعت «إى إف جي» أن ترتفع إيرادات السياحة إلى 18.7 مليار دولار بنهاية 2026، مدفوعة باستمرار التعافى القوى فى القطاع، على أن تواصل الصعود إلى 21.3 مليار دولار خلال 2027.
وتبقى الخصخصة وطرح حصص الدولة أحد أبرز عوامل الصعود المحتملة، رغم محدودية التقدم المحقق حتى الآن، وترى المجموعة أن إبرام صفقة مفاجئة قد يعزز الاحتياطيات الأجنبية ويحسن الوضع الخارجي، بما ينعكس إيجابًا على ثقة المستثمرين.
الاستثمار الأجنبى المباشر يرتفع إلى 16.2 مليار دولار مدعومًا بصفقات كبرى
وعلى مستوى السياسة النقدية، تتوقع «إى إف جي» أن يواصل البنك المركزى المصرى دوره فى خفض أسعار الفائدة، بإجمالى يتراوح بين 600 و700 نقطة أساس خلال 2026، لتصل أسعار الفائدة الرئيسية إلى نحو 15% بنهاية العام، مستفيدًا من التراجع التدريجى لمعدلات التضخم.
وتوقعت أن متوسط التضخم سيتراوح بين 8 و10% بنهاية 2026، أى أقل بنحو 4 إلى 6 نقاط مئوية، مقارنة بمستويات 2025، ما يوفر مساحة مريحة لمزيد من التيسير النقدى مع الحفاظ على معدلات فائدة حقيقية موجبة.
وفيما يتعلق بسوق المال، تتوقع المجموعة نموًا تراكميًا فى أداء البورصة المصرية بنسبة 13% خلال العامين المقبلين، مدعومًا بتحسن الأرباح، واستقرار سعر الصرف، وتراجع تكلفة التمويل.
وحذرت المجموعة فى الوقت نفسه من أن السوق لايزال يواجه تحديًا هيكليًا رئيسيًا يتمثل فى ضعف جاذبيته للمستثمرين الأجانب، نتيجة محدودية الوزن النسبى لمصر فى المؤشرات العالمية، وانخفاض السيولة، وهو ما انعكس فى استمرار ضعف مشاركة الأجانب رغم الأداء الإيجابى للسوق.
أما على صعيد القطاع المصرفي، فتتوقع «إى إف جي» أن يشهد ائتمان القطاع الخاص نموًا بنسبة 25% خلال العامين الماليين 2025/2026 و2026/2027، بدعم من خفض أسعار الفائدة الاسمية، وتحسن ثقة الشركات، وزيادة شهية البنوك للإقراض، ما يعزز الاستثمار والنشاط الاقتصادى بشكل عام.
وترى «إى إف جى القابضة» أن عام 2026 يمثل نقطة انعطاف حقيقية للاقتصاد المصري، بعدما نجحت الدولة خلال العامين الماضيين فى احتواء أزمة السيولة الأجنبية واستعادة قدر من الاستقرار النقدى والمالي.
وأكد التقرير، أن هذا الاستقرار لا يمثل نهاية المسار، لكن بداية مرحلة أكثر تعقيدًا، يكون فيها التحدى الرئيسى هو تحويل التحسن المالى إلى نمو اقتصادى مستدام يقوده الاستثمار والإنتاج، وليس فقط تدفقات رؤوس الأموال قصيرة الأجل.
الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى يتسارع إلى 5% قبل أن يتباطأ إلى 4.6% فى 2027
وبحسب التقرير، تدخل مصر عام 2026 وقد تحسنت مؤشرات الثقة، مقارنة بذروة الضغوط التى شهدها الاقتصاد فى السنوات السابقة، مدعومة بعودة قوية لتدفقات المحافظ الاستثمارية، وتحسن مرونة سوق الصرف، وتراجع نسبى فى معدلات التضخم.
فى الوقت ذاته، ترى أن هذه العوامل، رغم أهميتها، تظل غير كافية بمفردها لتحقيق طفرة نمو، ما لم تُستكمل بإصلاحات هيكلية أعمق تدعم دور القطاع الخاص وتزيد من جاذبية الاستثمار المباشر.
توقع التقرير، أن يشهد الاقتصاد المصرى خلال 2026 تسارعًا فى معدلات النمو، مقارنة بعام 2025، مع تحرك النمو الحقيقى فى نطاق أعلى، مدفوعًا بتراجع حدة القيود التمويلية، وتحسن النشاط فى بعض القطاعات الإنتاجية والخدمية.
ورجحت «إى إف جي» أن يتجاوز النمو مستويات الأعوام السابقة، مدعومًا بعودة تدريجية للطلب المحلى وتحسن نسبى فى الاستثمارات، وإن ظل دون الإمكانات للاقتصاد فى حال تسريع الإصلاحات بوتيرة أكبر.
وأشار التقرير إلى أن أحد العوامل الأساسية الداعمة لهذا السيناريو يتمثل فى تحسن أوضاع السيولة الأجنبية. فقد شهدت مصر خلال 2025 موجة ثانية من تدفقات ما يُعرف بـ«الكارى تريد»، انعكست فى ارتفاع ملحوظ بحيازات الأجانب من أدوات الدين المحلي، وهو ما وفر دعمًا مباشرًا للاحتياطيات الأجنبية وساهم فى تهدئة الضغوط على الجنيه المصري.
وأكدت أن الاعتماد النسبى على هذه التدفقات يظل سلاح ذو حدين، إذ إنها بطبيعتها أكثر حساسية لتغيرات الأوضاع العالمية وأسعار الفائدة فى الأسواق المتقدمة.
وتوقع التقرير، أن تواصل السياسة النقدية المصرية خلال 2026 التحول التدريجى نحو التيسير، مع استمرار تراجع التضخم مقارنة بذروته السابقة، ويرجح أن يشهد العام المزيد من خفض أسعار الفائدة، لكن بوتيرة محسوبة، توازن بين دعم النمو الاقتصادى والحفاظ على جاذبية أدوات الدين المحلى للمستثمرين الأجانب.
وترى «إى إف جي» أن هذا التوازن سيكون عنصرًا حاسمًا فى تحديد مسار الجنيه المصرى واستقرار التدفقات الرأسمالية.
البنك المركزى يواصل خفض أسعار الفائدة بمعدل 600–700 نقطة أساس خلال العام المقبل
وبحسب تقديرات التقرير، فإن عودة إيرادات قناة السويس إلى مسارها التاريخى يمكن أن تضيف ما يقرب من 6 مليارات دولار سنويًا إلى موارد النقد الأجنبي، وهو ما سيكون له أثر جوهرى على الاقتصاد الكلي.
لفت إلى أن هذه الزيادة المحتملة كفيلة بتقليص عجز الحساب الجارى بنحو الثلث، ودفعه إلى مستويات أقل بكثير من السنوات السابقة، فضلًا عن دعم الجنيه المصرى وتعزيز قدرة البنك المركزى على مواصلة دورة التيسير النقدى دون ضغوط كبيرة.
أما فيما يتعلق بسوق المال، فيرى تقرير «إى إف جي» أن البورصة المصرية تقف عند مفترق طرق فى 2026. فبعد التحسن النسبى فى السيولة وعودة الاهتمام الأجنبى خلال 2025، لايزال السوق يعانى من محدودية المحفزات التشغيلية القوية لدى عدد كبير من الشركات المدرجة.
وأكد التقرير أن الأداء سيظل انتقائيًا بدرجة كبيرة، مع تركيز الاهتمام على الأسهم ذات الأسس المالية القوية والقدرة على الاستفادة من بيئة الفائدة المنخفضة نسبيًا.
ويرى التقرير، أن القطاع المصرفى ككل يظل أحد الأعمدة الرئيسية للاقتصاد المصرى فى 2026، مدعومًا بملاءة مالية قوية ومستويات مرتفعة من كفاية رأس المال.
وتوقع أن تشهد البنوك تحسنًا تدريجيًا فى نمو الائتمان، بالتوازى مع انخفاض تكلفة المخاطر، ما يدعم ربحيتها حتى فى ظل تراجع هوامش الفائدة.
أداء البورصة المصرية مرشح للصعود 13% مدعومًا بتحسن الأرباح واستقرار سعر الصرف
وفى المقابل، حذر التقرير من أن الاستثمار الخاص لايزال دون المستوى المطلوب لدفع نمو اقتصادى قوى ومستدام، فرغم تحسن البيئة المالية، لم تصل الاستثمارات إلى حجم كافٍ لإحداث تحول هيكلى فى الاقتصاد.
وأكد أن تسريع برنامج الطروحات، وتخارج الدولة من بعض الأنشطة الاقتصادية، وتحسين مناخ الأعمال، ستكون عوامل حاسمة فى تحديد مدى قدرة الاقتصاد على تحقيق قفزة نوعية فى النمو خلال 2026 وما بعدها.
وتطرق كذلك إلى وضع مصر ضمن مؤشرات الأسواق الناشئة، مشيرًا إلى أن الحفاظ على هذا التصنيف يظل عنصر بالغ الأهمية لجذب الاستثمارات غير المباشرة.
ويرى أن استقرار المؤشرات الكلية وتحسن السيولة الأجنبية يقدمان مسارًا أكثر مصداقية للاحتفاظ بهذه المكانة، شريطة تعزيز عمق السوق وزيادة عدد الشركات المؤهلة.
وأكد التقرير، أن عام 2026 سيكون عام اختبار الاستدامة، حيث لم يعد التحدى هو احتواء الأزمة، بل استغلال فرصة الاستقرار لبناء نموذج نمو أكثر توازنًا، فنجاح مصر فى تحويل التحسن المالى إلى نمو حقيقى سيحدد ملامح الاقتصاد لسنوات مقبلة، ويعيد رسم موقعه على خريطة الأسواق الناشئة.








