بداية نوضح ارتباط سعر برميل البترول الذى يتم بناء موازنة الدولة عليه بما يسمى «سعر التعادل» وهو السعر الذى يزيد أو قد يقل عن السعر العالمى، بما يحقق التوازن الممكن بين إيرادات الدولة من إنتاجها والنفقات العامة لاحتياجها المتوقع من موارد الطاقة، وحيث إن سعر التعادل يرتبط بالأولويات النقدية والصناعية للدولة وكذلك على توقعات الاقتصاد العالمى للسعر السائد لبرميل البترول ومصالح الدول الصناعية الكبرى كبح جماح التزايد السعرى الذى تعدى حاجز الـ70 دولارا للمرة الأولى منذ ثلاث سنوات وكذلك التزامات دول الأوبك لتعهدات بخفض مستوى الإنتاج حتى نهاية العام 2018، ونوضح أنه فى المفهوم العام للاتجاه المتحفظ لسعر الموازنة أقل من سعر السوق العالمى السائد والذى قد يرى مقبولا فى حال الدول الذى يغطى إنتاجها النفطى الاستهلاك المحلى فنجده على سبيل المثال فى روسيا التى اعتمدت موازنتها عند مستوى 45 دولارا وكذلك بالكويت أما بالسعودية فقد بلغ سعر التعادل 55 دولارا.
وعودة إلى الشأن المحلى فى تقييم الموازنة الجديدة بمصر عند مستوى 55 دولارا والذى استند إلى توقعات زيادة الإنتاج من الموارد البترولية للزيت الخام والغاز الطبيعى نتيجة الاكتشافات الجديدة وكذلك على محددات الاتفاق مع صندوق النقد فيما يتعلق بالدعم الحكومى للطاقة وأثره على عجز الموازنة ونسبته إلى الناتج القومى وكذلك للمعدلات المستهدفة للنمو الاقتصادى مرتبطة بالاتجاه العام لاستخدام البدائل المتجددة للطاقة.
وتشير التقديرات وتوقعات الأمانة العامة للأوبك ووكالة الطاقة الدولية إلى زيادة معدلات الطلب العالمى خلال 2018 بنحو 1.5 مليون برميل يوميا، وبينما نجد تباينا واضحا فى توقعات العرض من خارج دول الأوبك يتراوح بين 920 ألف برميل يوميا إلى 1.6 مليون برميل يوميا صدرت تأكيدات عن دول الأوبك بتمديد تعهداتها السابقة لخفض مستوى الإنتاج بنحو 1.8 مليون برميل/ يوميا حتى نهاية العام الحالى.
وتجدر الإشارة فى النهاية لعدة اعتبارات منها السياسات الاقتصادية والنقدية على الصعيد الدولى وما يرتبط بقيم العملات كمحرك أساسى للنمو وتعزيز القدرة التنافسية للتصدير وتخفيض الاعتماد على الاستيراد من الخارج وكذلك الاتجاه للمحافظة على سعر منخفض للطاقة وهو ما يحقق الاستقرار والنمو خاصة بالدول التى تعانى من ضغوطا وتسعى لكبح التضخم المتصاعد من جراء رفع أسعار الطاقة المرتبط بكافة النواحى الحياتية لمواطنيها من كهرباء ومياه ومواد غذائية وخدمات النقل وخلافه ولا يكون أمامها من مفر إلا بتبنى سياسات تقشفية لخفض نفقاتها العامة وزيادة مواردها من ضرائب ورسوم فى سعيها لمتابعة خطى الإصلاح ولتحقق العدالة الاجتماعية.