تفشى الفساد يهدر 40% من الإنفاق الحكومى
واجهت ماريا تشين عبدالله تهديدات بالقتل، واحتجزت دون محاكمة فى الحبس الانفرادى وخضعت للعديد من تحقيقات الشرطة أثناء حملتها ضد الفساد فى مسقط رأسها ماليزيا.
تغير الوضع الان بعد ان باتت نائبة فى الائتلاف الحاكم الجديد (تحالف الأمل) وهى أم تبلغ من العمر 61 عاماً ساهمت فى طرد الحزب الحاكم من السلطة لأول مرة منذ الاستقلال عام 1957، فبعد عقود من الزمن، عليها الآن أن تواجه تحدياً أكبر من ذلك ألا وهو تفكيك النظام القديم وتنفيذ الإصلاح الجذرى والفرعى من خلال دورها كنائبة برلمانية.
ومن وجهة نظرها بحسب ما نقلت عنها صحيفة فاينانشيال تايمز أنه فى السنوات الماضية كان الأمر مجرد نقد والتنفيذ يحتاج وقت طويل والبداية تكون بتسوية الخلافات وترسيخ مبادئ الديمقراطية الجديدة لبلدها وهو ما سيستغرق بضع سنوات للوصول إلى التجانس التام بين فرقاء التحالف.
والآن على تحالف مهاتير إنجاز تلك المهمة الضخمة المتمثلة فى الوفاء بوعود إلغاء القوانين القمعية وإصلاح المؤسسات الفاسدة وضمان تقسيم أكثر عدلاً للموارد الاقتصادية.
ويرى المراقبون، أن تفكيك الدولة العميقة يبدأ بإلغاء التشريعات المقننة للقمع الأمنى لفتح المجال أمام العمل العام والقضاء على ثقافة التعصب الراسخة ضد النقد والتدخل فى أحكام القضاء ضد المعارضين كما ترى أماندا وايتنج أستاذة القانون الماليزى بجامعة ملبورن.
وأشارت إلى أن هناك انعداماً تاماً للثقة فى بعض المؤسسات العامة الرئيسية مثل المدعى العام وهناك شكوك قوية حول نزاهة القرارات التى اتخذت – واستعداد كبار الأشخاص للرضوخ للتحقيق كما يحدث الآن مع نجيب رزاق رئيس الوزراء السابق.
ويشير التقرير إلى أن ثقافة الفساد والتواطؤ والمحسوبية أصبحت جزء لا يتجزأ من الحياة المدنية المتضخمة فى ماليزيا، حيث وعد مهاتير بالقضاء عليها بداية من استهداف 17 ألف من المعينين السياسيين الذين خدموا فى عهد نجيب.
ويدعى ونج تشين، عضو البرلمان فى ولاية هروبان فى باكاتان، أن ما يصل إلى 40% من الإنفاق الحكومى السنوى ومن المتوقع أن يصل إلى 59 مليار دولار هذا العام قد ضاع بسبب الفساد والهدر مع قيام الحكومات السابقة بتسليم المنح والعقود للأصدقاء.
وازدادت مزاعم الفساد بشكل ملحوظ فى عهد نجيب، ولا سيما حول صندوق التنمية الماليزى حيث وصل مبلغ 681 مليون دولار لحسابه المصرفى الخاص فيما قال فى وقت لاحق إنه هدية من أمراء سعوديين وانه ردها ونفى دوماً ارتكاب أى مخالفات بشأن الصندوق.
لكن مهاتير شكل لجنة لمكافحة الكسب غير المشروع وأذن للشرطة بإجراء عمليات تفتيش مكثفة على الممتلكات التى استخدمها نجيب وعائلته حيث عثر على عدة مئات من حقائب اليد الفاخرة وعشرات الحقائب المليئة بالمجوهرات والنقود وغيرها من الأشياء الثمينة التى صودرت من مجمع سكنى فاخر فى كوالا لمبور وحده.
ويقول شكرى عبدول الرئيس الجديد للجنة مكافحة الفساد، إنه أثناء توليه منصب نائب رئيس اللجنة سابقاً أُجبر على الخروج من المنظمة خلال حكم نجيب بعد تلقيه تهديدات بالقتل لملاحقته لمخالفات الصندوق الذى استخدم لسداد 1.8 مليار دولار تقريبًا منذ أبريل 2017 لتغطية التزامات خدمة الديون.
لكن بيتر مومفورد، مدير آسيا فى مجموعة أوراسيا وهى شركة استشارية فى مجال المخاطر السياسية يحذر بأن هناك حدود لمدى ذهاب رئيس الوزراء الجديد للتصدى للفساد.
واضاف ان عملية التنظيف للنظام ستكون حذرة وانتقائية للخوض فى المستنقع نظراً لأن هناك الكثير من الهياكل العظمية فى الكثير من الحجرات التى توطن بها الفساد.
كما ان الحكومة السابقة ورطت البلاد فى اتفاق غير متكافئ لمشاريع البنية التحتية التى تقدر بمليارات الدولارات والمتفق عليها مع الحكومة الصينية كجزء من مبادرة الحزام والطريق للرئيس شى جين بينج، والتى تتطلب اعادة تفاوض، ولكن إعادة رسم ما وصفه مهاتير بأنه معاهدات غير متكافئة مع بكين سيكون صعبا، كما أن تنفيذ العديد من التغييرات الشاملة دفعة واحدة أمر معقد ومحفوف بالمخاطر بدافع من حماس التوقعات العالية للماليزيين العازمين على محاسبة قادة البلاد الفاسدين.