استقلال الموارد الوطنية يعزز الاستجابة الفورية للأوبئة
%50 من سكان العالم يفتقدون خدمات الرعاية الصحية الأساسية
فى كل من البلدان الغنية والفقيرة، تجلب الرعاية الصحية الشاملة فوائد هائلة، لكن تحقيق المستوى المطلوب أمر ليس بالهين، كما يقول جون ماكديرموت فى تقريره المنشور بمجلة “إيكونوميست” البريطانية العريقة.
ويروى الصحفى البريطانى ما شاهده فى مايو 2014 عندما حضر العشرات من المشيعين جنازة سيدة بمنطقة “كيلاهون” فى شرق سيراليون حيث انتشر وباء إيبولا، والتى توفيت بسبب العدوى جراء تعاملها مع مصابين يعانون الحمى والقئ والإسهال الدموى.
وبينما كانت النساء تغسل جثتها بطريقة طقسية أصيب 14 منهن بالفيروس الذى قتلها والعديد ممن شاركوا معها فى فريق مكافحة المرض، واجتاح فيروس إيبولا غرب أفريقيا فى أسوأ وباء فى القرن الـ21 حتى الآن حيث تم تسجيل نحو 11 ألف وفاة جراء الإصابة.
وبحسب بيلور بارى وهو طبيب من سيراليون فإن تفشى الوباء فى بلاده متوقع نظراً لأنها تعد “صحراء صحية” فالمنظومة الصحية لا تتمتع بالرصد ولا بالصحة عامة ولا نظام رعاية صحى ومتوسط العمر المتوقع 50 سنة فقط، ويتوفى ثلث الأطفال قبل بلوغهم سن الخامسة.
وقبل تفشى الوباء كان للبلد طبيب واحد لكل 50 ألف شخص بينما تملك الولايات المتحدة طبيباً لكل 400 شخص، والصين طبيبا لكل 275 شخص وقد توفى 7% من العاملين فى الرعاية الصحية فى سيراليون بسبب الإيبولا أثناء انتشار الوباء.
وكان هذا الوباء مأساة يمكن تجنبها لولا الاستجابة الدولية البطيئة خاصة من قبل منظمة الصحة العالمية وضعف أنظمة الصحة المنزلية حيث شكلا معاً خليط قاتل.
كما انخفض عدد الأطفال الذين عولجوا من الملاريا فى سيراليون خلال سبتمبر 2014 بنسبة 39% قبل 4 أشهر لأن العاملين فى مجال الصحة انشغلوا بالإيبولا.
وبكتابه فى أبريل 2015 أعرب بيل جيتس، الذى تقوم مؤسساته الخيرية على المساعدات الصحية أكثر من مجموع ما تقوم به معظم الدول الغنية، عن أمله فى أن يكون فيروس إيبولا بمثابة دعوة للاستيقاظ من أجل الصحة العامة، ومنذ ذلك الحين، أطلق البنك الدولى تسهيلات للمساعدة فى تلبية تكاليف الاستجابة للوباء المستقبلى.
لكن إيبولا شجعت أيضاً على إعادة النظر على نطاق أوسع فى نهج الصحة العالمية، وتحويل التركيز من محاولة القضاء على الأمراض الفردية إلى بناء أنظمة صحية قادرة على مقاومة التهديدات المتنوعة وأقل اعتماداً على المساعدات.
ويمكن وفق الرؤية الجديدة الوقاية من انتشار الأوبئة جرى تقليل عدد الأشخاص الذين يتم دفعهم إلى مستوى الفقر من خلال اضطرارهم إلى دفع تكاليف الرعاية الصحية فيجب أن يكون كل فرد قادراً على الحصول على الرعاية التى يحتاجها دون مواجهة الخراب المالى.
وألزمت الأمم المتحدة جميع البلدان بالوصول إلى هذا الهدف بحلول عام 2030 كجزء من أهداف التنمية المستدامة لديها، والتى تشمل مجموعة كبيرة من الأهداف المتفق عليها فى عام 2015.
ووجد تقرير نشره البنك الدولى ومنظمة الصحة العالمية فى ديسمبر 2017 أن نصف سكان العالم على الأقل لا يمكنهم الوصول إلى ما يطلقون عليه الخدمات الصحية الأساسية مثل الرعاية السابقة للولادة والمعالجة الأساسية للملاريا وفيروس نقص المناعة البشرية والسل وارتفاع ضغط الدم وغيرها.
وتوجد دراسة أخرى، فى عام 2015 صادرة عن مجلة “لانسيت” الطبية قدرت أن خمسة مليارات شخص فى جميع أنحاء العالم لا يستطيعون الحصول على الجراحة الأساسية مثل عملية قيصرية، أو فتح البطن أو إصلاح العظام المكسورة.
ووفقاً لصحيفة البنك الدولى ومنظمة الصحة العالمية، فإن 800 مليون شخص ينفقون أكثر من 10% من ميزانية أسرهم على الرعاية الصحية، ويتم دفع ما يقرب من 100 مليون شخص إلى الفقر المدقع (يعيشون باقل عن 1.90 دولارا في اليوم) لأنهم يدفعون النفقات الصحية من جيبهم الخاص.
وتكشف بيانات مرضى بمستشفى حكومى فى أوغندا عام 2017 أن 53% من أسرهم اضطروا إلى اقتراض الأموال لدفع مقابل العلاج وباع 21% جزء من ممتلكاتهم فى حين فقد 17% وظائفهم بسبب الحالة الصحية.
