مبادرة “برايم” الدولية تسعى لدمج المرض النفسى فى الخدمات الأساسية
%13 نسبة الأمراض النفسية من العبء الصحى عالمياً
تتجاهل المنظومة الصحية العالمية المرض العقلى من قبل واضعى السياسات والجهات المانحة للمساعدات، وفى عام 1820 تم افتتاح مستشفى كيسى، وهو أقدم مستشفى للأمراض النفسية فى أفريقيا والمرفق الوحيد فى سيراليون للمرض النفسى ولديها حوالى 150 مريضاً، معظمهم جلبتهم أسرهم.
خارج العنابر، الجدران مطلية باللونين الأسود والأصفر وتوجد رسومات يصنعها المرضى وبعض المراحيض معطلة، لذا يبادر المرضى إلى التبول والتبرز فى دلو أسود، حيث تم توزيع عدد منه بجوار الأسرة فيلاحظ الشخص الرائحة العفنة عبر الممرات.
قد تكون “كيسى” مكاناً مروعاً لكن إهمال الصحة العقلية ليس مشكلة فريدة من نوعها فى سيراليون، كما يقول طارق إنديل من شراكة الملك سيراليون وهى جمعية خيرية إنجليزية تعمل فى البلاد.
فوفقاً لمسح الصحة العقلية العالمى الذى أجرته منظمة الصحة العالمية، فإن ما بين 76% و85% من الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات عقلية خطيرة لم يتلقوا أى علاج فى 2017.
وتنفق البلدان ذات الدخل المنخفض فى المتوسط 0.5% فقط من ميزانياتها على الصحة العقلية، وشكل الإنفاق على الصحة العقلية 0.4% فقط من الإنفاق العالمى على الصحة بين عامى 2000 و2014.
وينبع الإهمال جزئياً من الوصمة المرتبطة بالاضطرابات العقلية كما أن اختيار الطبيب للعمل هناك ينظر إليه على أنه خطوة غريبة ومحدودة الفرص فى ترقى العمل.
لكن مشاكل الصحة العقلية تهمل أيضاً لأنها قد تكون غير موثقة، وفى بحث نشر عام 2016، أظهر دانيال فيجو من كلية الطب بجامعة هارفارد وزملاؤه أن دراسة عبء المرض العالمى تتجاهل مختلف اضطرابات الشخصية ولا تحسب الانتحار وإيذاء الذات كمسائل تتعلق بالصحة العقلية.
ويعتقد الدكتور فيجو أن الظروف العقلية تشكل 13% من العبء العالمى للمرض وهو تقريباً نفس معدل الأمراض القلبية الوعائية وأكثر من السرطان.
ورغم أن الأدوية المضادة للصرع ومضادات الاكتئاب العامة والعلاج النفسى للاكتئاب كلها فعالة من حيث التكلفة مقابل المال الذى تقدمه مختلف تدخلات الرعاية الصحية لكن توفير مثل هذه العلاجات فى البلدان التى لا توجد بها فى الواقع خدمات صحية عقلية أمر صعب.
وتوجد جهود واعدة لتطوير الرعاية النفسية منها مشروع “برايم” وهو مشروع تديره جامعة “كيب تاون” فى أجزاء من إثيوبيا والهند ونيبال وجنوب أفريقيا وأوغندا.
ويقوم باحثو “برايم” بتدريب الممرضات والعاملين الصحيين المجتمعيين على تشخيص الاضطرابات واتباع الإرشادات الإكلينيكية، ودمج هذا العلاج مع أنظمة الرعاية الأساسية.
لكن الموارد لاتزال تحتاج لتطوير خاصة البشرية فعظم البلدان التى تعمل فيها مبادرة “برايم” لديها أقل من طبيب نفسى أو ممرضة لكل 100 ألف شخص.
ويبدو أن المنح الدولية لا تعمل بكفاءة، فى المراحيض المعطلة بمستشفى “كيسى” تحمل لافتة ضخمة تفاصيل مشروع ممول من الاتحاد الأوروبى لتجديد 5 مراحيض لا يعمل أى منها الآن وهى على بعد أمتار من المرضى المقيدين بالسلاسل أصلاً.
ويقول الدكتور دالى بارى من المشتشفى إن هذا أمر مثير للسخرية، لأنهم يبنون مراحيض وليس لديهم خطة شاملة للرعايا ثم يغادرون، وفى نفس الوقت توقفت وزارة الصحة فى سيراليون عن عن توفير الأدوية والممرضات الجدد.