فى أعقاب تغيير الجداول الزمنية لأعمال البناء والتشييد خلال الصيف الماضى، طلبت الحكومة البريطانية من المهندس المعمارى البريطانى كيث وليامز إعداد خطة لإصلاح شبكة السكك الحديدية فى البلاد، حيث طُلب منه آنذاك إحداث ثورة فى عالم السكك الحديدية وليس مجرد تطوير.
ففى الوقت الذى وصلت فيه إيرادات السكك الحديدية فى المملكة المتحدة إلى أعلى مستوى لها منذ 4 أعوام وتسجيل رحلات الركاب رقماً قياسياً يقدر بـ2 مليار جنيه استرلينى، إلا أنها لاتزال تعانى من مشاكل عديدة.
ومن المنتظر أن يقدم وليامز تقريره الخاص بخطة الإصلاح فى الخريف، بعد أن كلفته وزارة النقل البريطانية فى سبتمبر الماضى باقتراح إصلاحات للنظام وكيفية تطبيق تلك الاقتراحات.
وقال وليامز، فى مقال نشرته صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، إن فكرة إنشاء خط سكة حديد يناسب متطلبات القرن الـ21 لن يكون أمراً سهلاً بالطبع، فهو يشكل، من نواحى عديدة، تحدياً على نفس مستوى الخصخصة فى التسعينيات.
وتختلف شبكة السكك الحديدية فى المملكة المتحدة فى عام 2019 بشكل كبير عن الشبكة التى كانت تتبع نظام الخصخصة فى الماضى، ولكن قطاع السكك الحديد، من ناحية أخرى، لم يتغير إلى حد كبير، فهو لم يُعد ليكون مرناً أو ليقود التغيير أو التكيف معه، كما أن تصميمه وثقافته يحتاجان إلى تحول بحيث تعطى الصناعة الأولوية للعملاء، أى الركاب والبضائع على حد سواء.
وفى الوقت نفسه، يجب أن يوفر خط السكك الحديدية قيمة لدافعى الضرائب، الذين يساهمون بشكل كبير فى عملية تمويله، فضلاً عن تدعيم الأعمال التجارية والمجتمعات المحلية.
وتحدث وليامز إلى المسافرين وشركات سلسلة التوريد ومتعهدى الشحن والمستثمرين من جميع أنحاء البلاد، أثناء تقييمه لخطوط السكك الحديد البريطانية، لتكشف هذه المناقشات عن إجماع حقيقى على ضرورة التغيير من جميع الجوانب، كما أن وزارة النقل البريطانية تدرك أن دورها يجب أن يكون مختلفاً، حيث يحتاج قصر وايت هول إلى التراجع عن التفاصيل التشغيلية، ويبقى السؤال هنا حول ما هو الإجراء الذى يجب اتخاذه بشكل ضرورى للتكيف مع المستقبل؟
وأوضح وليامز الحاجة إلى التركيز على إصلاحات فى عدد من المجالات الأساسية، ففى المقام اﻷول تحتاج السكك الحديدية إلى تقديم عرض جديد للمسافرين يركز على تقديم خدمة عملاء ممتازة وأسعار أقل وتحسين التواصل.
ولتحقيق ذلك، يجب أن تتبع مؤشرات اﻷداء لشركات تشغيل السكك الحديدية، إذا كان هناك رغبة حقيقة فى إحداث تغييرات حقيقية فى السلوك والثقافة.
ويعد تطوير نظام أسعار السفر أمراً بالغ الأهمية، فهو لم يطور بصورة ملحوظة منذ نحو 25 عاماً، كما أن النظام القديم يعيق عملية الابتكار، بما فى ذلك مجموعة التغييرات المفيدة مثل دفع أسعار تذاكر السفر عند المغادرة، بالإضافة إلى ذلك، يعتبر التركيز على أسعار القطارات واحداً من المبادئ الـ10 التى تركز على الركاب، كما أنه من المقرر تقييدها بالإصلاحات المقترحة، التى تهدف إلى تقديم تجربة ذات جودة متميزة مع نظام واضح وسهل الفهم للتذاكر.
وبعد ذلك، سيكون هناك حاجة لإعادة التفكير فى نموذج عقود الفرنشايز والهيكل الكامل للشبكة، فعقود الفرنشايز الحالية قد ولى زمانها، فما نجح قبل 20 عاماً يعيق الآن الابتكار واتخاذ القرارات طويلة اﻷمد وإيقاف عمل السكك الحديدية كنظام.
وأشار المهندس البريطانى إلى الحاجة لوجود علاقة مختلفة بين القطاعين العام والخاص، ذلك النوع من العلاقات الذى يسمح لمشغلى القطارات بالاستمرار فى تشغيل الخدمات لصالح الركاب، والذى يسمح أيضاً للوزراء باتخاذ مستوى أقل بكثير من القرارات.
بالإضافة إلى ذلك، إن أى ثورة عالم السكك الحديدية فى بريطانيا ستدرج اﻷفراد فيها، حيث يجب أن يكون لدى شركات السكك الحديدية قوى عاملة ماهرة ومشاركة ومتنوعة وتعكس بشكل أفضل المجتمعات التى تخدمها.
وأوضح وليامز، أن إحداث ثورة فى عالم السكك الحديدة سيحتاج تصميماً وقرارات صعبة، وسيحتاج أيضاً إلى الثقة والشراكة بين الحكومة والصناعة والركاب.
وسيتعين على الوزراء تحديد شكل هذه الإصلاحات، ولكن يجب أن يبدأ المسافرين أيضاً فى رؤية نتائج التغييرات الحقيقية قريباً، خاصة أن المملكة المتحدة أمامها فرصة رائعة لتنفيذ الإصلاحات حتى تستمر لأجيال قادمة وحتى تستعيد ثقة العملاء فى السكك الحديدية، وهو ما يجب اغتنامه.