إذا كان الشمول المالي يعني تمكين الأفراد والشركات من الوصول إلى خدمات مالية وبأسعار ميسورة تلبي احتياجاتهم وكذلك المعاملات والمدفوعات والمدخرات والتأمين والائتمان وغيرها من الخدمات التي يجب أن تُقدم بطريقة تحظى بشمول مالي حقيقي.
يجب توافر 4 عناصر أساسية تُعد ركيزة بناء مؤسسات مالية تتسم بالحوكمة تعمل تحت مظلة جهات رقابية قوية وواعية وقادرة، وتلك العناصر هي:
1 – الإتاحة.
2 – تسهيل الحصول على الخدمات المالية للأفراد والشركات.
3 – الاستدامة طويلة الأجل لكافة المؤسسات التي تعمل على تقديم خدمات مالية.
4 – ضمان استمرارية المنافسة العادلة والمُنظمة بين تلك المؤسسات من أجل تقديم خدمات مالية مميزة بين كافة الفئات.
ولما كانت التكنولوجيا المالية هي الصناعة التي تعني باستخدام التكنولوجيا الحديثة والإبداع في صنع نظم وتقديم خدمات مالية أكثر كفاءة.
وكذلك فإن هذه الصناعة تضم الكثير من الشركات الناشئة التي بدأت فى الظهور خلال الأعوام الأخيرة مُقدمةً تنوعاً فى نماذج الأعمال منها على سبيل المثال: المدخرات، شبكات الدفع الإلكترونية، وكذلك توفير التمويل اللازم لبعض المشروعات من خلال التطبيقات الإلكترونية.
ولا شك في أن هذه الصناعة هي محل اهتمام الكثير من المستثمرين حول العالم لما لها من مستقبل مُربح.. حتى أن سوق التكنولوجيا المالية العالمية شهد خلال النصف الأول من العام الماضي 838 صفقة بقيمة إجمالية تصل إلى 15 مليار دولار.
ولذا فهذه الصناعة أصبحت محل اهتمام الجهات الرقابية والمُنظمة حول العالم وذلك لضمان حقوق العملاء والمتعاملين مع تلك التطبيقات.. ولذلك نرى أن مشروع قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي الموجود حالياً بين جنبات وقاعات البرلمان المصري لدراسته وإقراره أفرد بالباب الرابع وتحديداً من المادة 184حتى المادة 206 تفصيلات حول نظم الدفع والتكنولوجيا المالية.
ولما كان أحد تعريفات مبدأ الحوكمة هو مجموعة من النظم والإجراءات والقواعد والممارسات التي يطمئن من خلالها مجلس الإدارة الي تحقيق النزاهة والشفافية فى علاقة الشركة مع جميع المتعاملين معها سواء الممولين أو العملاء أو الإدارة أو المجتمع أو الحكومة وكذلك الموظفين.
السؤال الذي نطرحه هنا.. هل هذه الشركات الناشئة التي تعمل في مجالات التكنولوجيا المالية وكذلك المستثمرين وحاضنات الأعمال جاهزة للالتزام بتلك القواعد؟ أم أن طبيعة ريادة الأعمال الغالبة على الشركات الناشئة من الممكن أن تحصر أهداف هذه الشركات فى مجرد الاستمرار والنمو دون النظر إلى تنظيم تلك العلاقات لتحقيق مبدأ الاستدامة؟ أم أننا سنرى أنواع الشراكات مع البنوك المرخصة وكذلك بعض عمليات الدمج والاستحواذ لتكوين كيانات قادرة على المنافسة في ظل الالتزام بقواعد الحوكمة والاستدامة؟.
بقلم: أحمد حشيش
عضو الجمعية المصرية للتكنولوجيا المالية