عام مضى سريعاً على رئاسة مصر الاتحاد الأفريقى حملت خلالها هموم وقضايا القارة السمراء، بل وحلولها وطرحها على جميع الأوساط الإقليمية والدولية، فعلى مدار عام كامل، حاول الرئيس عبدالفتاح السيسى، خلال رئاسته الاتحاد الأفريقى، أن يسوق قضايا ومشاكل القارة السمراء، والعمل على طرح الحلول لها.
من جانب جاءت مكاسب القارة الأفريقية من رئاسة مصر الاتحاد الأفريقى متعددة، جاءت أهمها مطالبة الرئيس السيسى، المؤسسات الدولية والقارية والإقليمية، بأن تقوم بدورها فى تمويل التنمية بأفريقيا، وتوفير الضمانات المالية لبناء قُدرات القارة، بما يُسهم فى تعزيز التجارة وزيادة الاستثمار، وعدة تحركات أخرى لتحقيق المتطلبات الاقتصادية للقارة الأفريقية، وخلق فرص عمل فيها، وإنشاء مشروعات قومية..
اهتمام الرئيس السيسى بأفريقيا ليس باطلاق النداءات للجهات والبنوك الدولية لتمويل مشاريع بالقارة الأفريقية وحسب، لكن تطور الأمر إلى دعوة الشركات بالقطاع الخاص المصرى بشكل مستمر إلى إقامة مشروعات تنموية فى القارة الأفريقية، لكونها البعد الاقتصادى الأهم لمصر، ولعودة الدور الاقتصادى المصرى فى أفريقيا، ليس هذا وحسب، لكن هناك شركات بدأت تعمل على مشروعات البنية التحتية والأساسية فى أفريقيا مثل إنشاء سد تنزانيا الذى تبلغ استثماراته قرابة 4 مليارات دولار، ويتم تدشينه بأيدٍ مصرية من شركات وطنية كبرى.
سعت الدول الكبيرة إلى التواصل الدائم مع القارة الأفريقية خلال فترة رئاسة مصر، وكان الجانب التمويلى للمشروعات هو الفيصل والتحدى الأبرز، وهو ما سعت له مصر لتذليل عقباته وتمكنت من الترويج لأفريقيا؛ لتحقيق مكاسب اقتصادية، وعلاقات تجارية ضخمة؛ لخلق التنمية فى أفريقيا، وخلال الفترة الأخيرة من رئاسة مصر الاتحاد الأفريقى سعت دول عدة لتعميق علاقاتها مع القارة الأفريقية؛ حيث تم إطلاق منطقة التجارة الحرة، والدول الكبرى ستسعى لتعميق علاقاتها مع القارة السمراء؛ لتحقيق التكامل، والاستفادة من حجم الطلب العالى للتجارة بأفريقيا.
بالتأكيد كانت رئاسة مصر، الاتحاد الأفريقى لها مكاسب عديدة، أيضاً، على مصر من أبرزها فى رأيى، إعادة مكانة مصر وريادتها لأفريقيا بعد سنوات عانت العلاقات المصرية الأفريقية جموداً حيث أدى التقارب فى السياسة الاستراتيجية بين مصر وأفريقيا لتقارب وجهات النظر بين مصر والدول الأفريقية، والتوصل لخطط استراتيجية واقتصادية بين مصر ودول أفريقيا؛ حيث إنَّ أفريقيا سوق مستهلك كبير وخصب يمكن أن نستفيد منه فى تسويق المنتجات المصرية، وفتح أسواق جديدة لنا بأفريقيا، بالإضافة إلى استيراد المواد الخام الرخيصة التى تمتع بها الدول الأفريقية من ثروات غير مستغلة واستخدامها فى الصناعات المحلية.
وعلى جانب آخر، حصدت مصر مكاسب عديدة على الصعيد الأمنى؛ حيث أطلق الرئيس السيسى مبادرة «إسكات البنادق» خلال القمة الأفريقية الثانية والثلاثين بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا فبراير 2019، والتى تستهدف تخليص قارة أفريقيا من النزاعات المسلحة، وتهيئة الظروف المواتية للنمو والتنمية فى القارة بحلول عام 2020.
وبالفعل، نجحت مصر فى هذه المبادرة، وانخفض مستوى الجريمة فى أفريقيا والقتال، وهذا يعود على مصر بالأمن والاستقرار، وذلك لوجود أغلب هذه الدول المشتعلة على حدود مصر، فقلت هجرة اللاجئين لمصر، وزاد الاستقرار بأفريقيا بالكامل.
وعلى صعيد السياحة، فقد زادت السياحة الأفريقية هذا العام لمصر، خاصة مع وجود أمن واستقرار بمصر، وأيضاً لانخفاض قيمة العملة ولقرب المسافة بين مصر والدول الأفريقية، استضافة العديد من الفعاليات الأفريقية، من أجل مناقشة مجموعة واسعة من قضايا الأعمال والتنمية فى القارة، والتعامل مع بعض أهم الشركاء الاقتصاديين فى أفريقيا، مثل مؤتمر الاستثمار فى أفريقيا الذى أقيم فى العاصمة الإدارية الجديدة، وأيضاً الاهتمام بالتعليم لخلق جيل أفريقى جديد يخرج من الثقافة المصرية، وذلك بوجود كلية متخصصة للدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة والتى تستقطب العديد من الأشقاء الأفارقة.
ومن المكاسب المهمة لمصر هو تكثيف مشاركات رئيس الجمهورية فى الفعاليات الدولية والقارية، ما أدى إلى زيادة المقابلات الثنائية مع قادة الغرب، وأدى ذلك إلى الخروج بمكاسب سياسية واقتصادية كبيرة.
وأيضاً الجدير بالذكر، أن فى ظل قيادة مصر الاتحاد الأفريقى سهل الكثير من هذه الفعاليات وذلك بسبب وجود قيادة حكيمة لمصر فرأينا تهافت دول العالم العظمى على التوجه والنظر للاستثمار فى أفريقيا، وذلك لم يحدث إلا فى ظل قيادة مصر الاتحاد الأفريقى، بعد أن كان دائماً النظر لأفريقيا بنهب ثرواتها بالاستعمار أو بتفشى الفساد، فرأينا القمة الألمانية الأفريقية التى عُقدت فى برلين مستهدفة تعزيز التعاون الاقتصادى بين أفريقيا ودول مجموعة العشرين. كما عُقدت فعاليات المنتدى الاقتصادى الأفريقى الروسى الذى عُقد لأول مرة على هذا المستوى فى تاريخ العلاقات بين الجانبين بمشاركة 40 دولة، كما عُقدت قمة صينية أفريقية مصغرة على هامش اجتماعات مجموعة العشرين، وأكد المشاركون فيها حرص مصر على القيام بدور فاعل وداعم لتحقيق الأهداف المرجوة، كما عُقد مؤتمر طوكيو الدولى للتنمية الأفريقية (تيكاد)، كما شارك الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى اجتماعات قمة مجموعة السبع الكبرى، ممثلاً عن أفريقيا، كما تم انطلاق منتدى أسوان للسلام والتنمية بأفريقيا.
لم ينتهِ دور مصر فى دعم أفريقيا بانتهاء رئاستها الاتحاد الأفريقى بل التاريخ يشهد أن مصر لم تبخل أو تتوانِ لحظة واحدة على تقديم الدعم والمشورة للدول الأشقاء بالقارة، وما زالت تنتظر القارة الأفريقية المزيد من مصر من خلال قوتها بموقعها الجغرافى، وريادتها الاستراتيجية للمنطقة.. هنيئاً لدولة جنوب أفريقيا رئاسة الاتحاد العام الجارى، واستكمال مسيرة الرئيس عبدالفتاح السيسى، وما حققه من نجاحات خلال تولى مصر رئاسة الاتحاد خلال هذا العام، فالحفاظ على النجاح أصعب من تحقيق النجاح ذاته.