تمضى وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة فى اتباع نهج جديد مع المصانع، وهو دفع قيمة الاستهلاك مسبقاً.
وتستهدف الوزارة الحد من تراكم مديونيات القطاع الصناعى، لكن هذا الاتجاه اعتبره المنتجون عبئاً جديداً يضيق الخناق عليهم.
قال فتحى الطحاوى، نائب رئيس شعبة الأدوات المنزلية (صاحب مصنع تحت الإنشاء)، إنه سيضطر لاستنزاف رأسماله العامل؛ لسداد مستحقات استهلاك كهرباء تكفى لمدة 4 أشهر على الأقل فور تشغيل المصنع.
وأضاف أن عملية بيع المنتجات الفعلية لن تبدأ قبل مُضى عدة أشهر على بدء الإنتاج، ولذلك من المتوقع أن يستمر فى الدفع المسبق لمدة قد تصل إلى 6 أشهر وأكثر، دون أن يحقق مصنعه أى إيرادات.
وذكر أن إلزام المصانع، التى تفتح أبوابها فى ظل ظروف السوق الصعبة، بنظام الدفع المُسبق مقابل خدمة الكهرباء، هو بمثابة تحميل أعباء إضافية على القطاع الصناعى فى ظل تباطؤ حركة السوق، ونقص السيولة عموماً؛ بسبب البيع بنظام الآجل (شهرين على الأقل).
وطالب الدولة، بأن تساعد المصانع الناشئة على النهوض بتيسيرات، وليس البحث عن الربح مقابل الخدمات التى تقدمها، خصوصاً أن الدولة تملك مُحاسبة المتهربين بصرامة، ولا داعى لتشديد الخناق على الجميع؛ خوفاً من المخالفين.
“الطحاوى”: أعباء إضافية في ظل تباطؤ حركة السوق
وقال محمد غنيم رئيس مجلس إدارة شركة ميدل إيست للأدوية، إن دفع فواتير استهلاك الكهرباء مُسبقاً سيضع المصانع تحت ضغط جديد، وهو ضرورة توفير سيولة إضافية، قبل الحصول على إيراداتها؛ لتجنب خطورة توقف التيار الكهربائى بشكل مُفاجئ.
وأوضح «غنيم»، أن مصنعه يدرس حالياً، كل الحلول المتاحة لضغط استهلاك الكهرباء قدر المستطاع؛ لأنها أصبحت تستنزف المصانع بشكل كبير.
ويبحث المصنع إحلال وتجديد مُعداته وخطوط إنتاجه بأخرى موفرة للطاقة، إلى جانب استخدام الطاقة الشمسية ولو فى توفير الإضاءة وبعض الاحتياجات الخفيفة.
وقال محمد حامد عامر، رئيس مجلس إدارة مصنع (مبيكو) للبلاستيك، إنَّ ثمة نظريات غير منطقية فى تطبيق نظام الدفع المسبق على أرض الواقع: «عبىء لن يقدر القطاع الصناعى على تحمله، خصوصاً المصانع المتوسطة والصغيرة».
وكشف «عامر»، أن متوسط فاتورة مصنعه تتجاوز مليون جنيه شهرياً. والدفع المسبق سيخلق عجزاً فى السيولة لديه.
وقال شريف عبدالمنعم، رئيس مجلس إدارة شركة (الشريف للأدوات المنزلية)، إنَّ وزارة الكهرباء فاجأته بتغيير عدادات مصنعه دون تخييره، وهو ما أربك آلية تسعير منتجاته، وتسبب فى زيادة أسعارها بما أثر عليه سلباً فى المنافسة محلياً.
وأوضح أن متوسط قيمة استهلاك الكهرباء ارتفع فى مصنعه من 12 ألف جنيه شهرياً، إلى 18 ألف جنيه، بعد تغيير العداد الخاص به.
كما أن الدفع المُسبق يتطلب توفر سيولة إضافية طيلة الوقت. وقد اضطر لتعديل نسبة استهلاك الكهرباء فى تكلفة المنتجات، من (4- %5) إلى (8 – %10).
أوضح «عبدالمنعم»، أن مصنعه تعرض للتوقف المفاجئ مراراً؛ بسبب نفاد القيمة المدفوعة مُسبقاً، وهو ما يعطل العمل فى المصنع حتى يتواجد المسئول عن إعادة الشحن مرة أخرى، وهى مُشكلة تتطلب من وزارة الكهرباء إيجاد آلية للدفع الإلكترونى وتفعيل نظم تنهى هذا الخلل.
وأشار إلى أنه يسعى للإسراع فى عمليات نقل مصنعه الحالى إلى موقع آخر داخل مدينة الأدوات المنزلية فى المنيا؛ لأنه سيُشغل أفران المصنع بالغاز، حيث أن المصنع الحالى يعتمد على الكهرباء، فى حين تُعد طاقة الغاز أكثر وفراً بالنسبة له، مقارنة باستخدام الكهرباء فى تشغيل الأفران.
وقال محمد قبانى، نائب رئيس مجلس إدارة شركة مودرنا قبانى (المتخصصة فى صناعة الأقمشة) إن المصنع يعمل بطاقات مختلفة على مدار العام الواحد؛ بسبب الركود فى بعض المواسم وكثافة الطلب فى أخرى، وهذه المصانع بالذات ستواجه مشكلة فى تقدير القيم المطلوبة مُسبقاً، وهو ما سيُعرض المصنع لأزمة التوقف المفاجئ عن العمل.
أما بالنسبة للمصانع المنتظمة طيلة العام، والتى تنجز معدلات طلبيات ثابتة فقد يكون حالها أفضل.
أضاف «قبانى»، أن متوسط قيمة استهلاك الكهرباء فى مصنعه، يتراوح بين 30 و40 ألف جنيه حسب ضغط العمل، ولكن فى ظل نظام البيع بالآجل المتبع حالياً، سيواجه المصنع المُشكلة فى تدبير سيولة إضافية لسداد استهلاك الكهرباء مُسبقاً، ما سيُربك آلية تسعير منتجاته.
وقال شادى العجار، رئيس شركة ألترا ميد (المتخصصة فى صناعة المستلزمات الطبية)، إنَّ أهم شىء بالنسبة للمُصنعين فى الوقت الحالى هو توفر السيولة، لدرجة أنه يتم تخفيض الأسعار لأى عميل سيدفع «كاش» وليس بنظام الآجل.
وأضاف أن اتجاه وزارة الكهرباء لتحصيل قيمة استهلاك الكهرباء مُسبقاً بمثابة تجميع الكاش المتوفر لديهم، لذلك سيضطر المستثمر إلى زيادة أسعاره منتجاته %5 لتجنب مخاطر نقص السيولة، كونها أكثر البنود المُهددة للمصانع حال نقصها.
أضاف «العجار»، أن متوسط فاتورة استهلاك مصنعه للكهرباء شهرياً لا يقل عن 500 ألف جنيه، وهو مبلغ كبير لا يمكن توفيره مُقدماً كل شهر، فى ظل وجود تعاقدات سنوية للبيع بسعر محدد، مهما ارتفعت التكلفة أو تأثرت السيولة.
وتابع: «الأعباء التى تلقى مراراً على عاتق المصانع، ستضيق الخناق حول المستهلك النهائى، والذى سيدفع الثمن، سواء الدولة وهى مستهلك أيضاً لبعض المنتجات مثل المستلزمات الطبية فى التأمين الصحى، أو المواطن العادى الذى يلجأ للقطاع الطبى الخاص».