تبددت آمال العالم، في أن يكون التأثير التجارى لفيروس “كورونا” الجديد محدودا ، بعد أن أصاب 26 دولة وأسفر عن مقتل 774 شخصًا، وتسبب فى تراجع دورة السفر العالمى لمدة 6 أشهر.
ومع الإبلاغ عن الحالات الأولى فى إيطاليا وإيران نهاية الأسبوع الماضي، بدأت الشركات فى جميع أنحاء العالم، إلغاء المؤتمرات والأحداث من مدينة كان الفرنسية إلى كاليفورنيا الأمريكية، مما دفع قطاع السفر للشركات البالغ 1.4 تريليون دولار ، نحو التباطؤ.
وتضررت الخطوط الجوية التى تعانى بالفعل من انخفاض كبير فى الرحلات الجوية إلى آسيا بشدة ، إذ أعلنت شركة “لوفتهانزا” خفض رحلاتها القصيرة بنسبة تصل إلى 25% مع تراجع الطلب.
يأتى ذلك فى الوقت الذى حذرت فيه الشركة الأم للخطوط الجوية البريطانية “آى إيه جي”، من أن حالة عدم اليقين تعنى أنها لا تستطيع تقديم توقعات الربح لعام 2020. وتراجعت أسهم الشركة 8% وهبطت بمقدار الربع فى 10 أيام.
وقال الرئيس التنفيذى للشركة ، ويلى والش: “كان هناك تغيير كبير منذ يوم الاثنين الماضى فى إيطاليا. ونحن بحاجة لمعرفة كيف يؤثر ذلك على مدى فترة من الزمن؟”.
وذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز”، أن مئات الشركات بما فى ذلك الشركات متعددة الجنسيات ومنها “بريتش بيتروليوم” و “بى ام دبليو” و “اورانج”، أقدمت على تعليق السفر إلى البلدان التى تفشى فيها الفيروس، وفرضت الحجر الصحى على أى عودة من تلك المناطق.
وذهب آخرون ومنهم شركة “نستله” التى تضم 352 ألف موظف، وشركة “لوريال” التى يعمل بها 86 ألف موظف، إلى أبعد من ذلك،إذ تم إلغاء جميع الرحلات الدولية لمدة شهر على الأقل.
وتحدث استشاري الطيران جون ستريكلاند، الذي يتخذ من لندن مقراً له، موضحا أن العالم يشهد تباطؤ الأعمال، وإلغاء المؤتمرات والفعاليات. وهذا له تأثير أكبر على حركة المرور التى تشكل مصدراً حاسمًا لدخل العديد من شركات خطوط الطيران.
وقال الرئيس التنفيذى لشركة “بلايا أوتيل”، بروس واردنسكى ، المشغل للعديد من الفنادق منها “هيلتون” و”حياة” إنه يشعر بالإحباط لأنه يعتقد أن فيروس “كورونا” قد يتسبب فى توقف الأشخاص عن السفر، مما قد يؤثر على نتائج الأعمال لعام 2020.
ومع ذلك، من الصعب معرفة مقدار الثقة التى يمكن الاعتماد عليها من المسؤولين التنفيذيين فى مجال السفر ، لإدراك خطورة هذه الأزمة.
أما الرئيس التنفيذى لشركة “آى إيه جى”، ويلى والش، فقال إن هناك شركات طيران لا يمكنها البقاء على قيد الحياة ، إذ سيؤدى الفيروس الجديد إلى تسريع زوال عدد من اللاعبين الأضعف فى الصناعة .
وأوضحت الصحيفة البريطانية ان الخطوط الجوية النرويجية خسرت ما يقرب من نصف قيمة الأسهم الأسبوع الماضي، في حين جمدت شركة “إيزى جيت” التوظيف، وقلصت الاستثمار فى جهد طارئ لحماية الأرباح من ضعف طلب الركاب.
وتم اتخاذ خطوات مماثلة من قبل “لوفتهانزا”، والناقلة الهولندية “كيه إل إم”فى وقت سابق من الأسبوع الماضي. وكذلك شركة “فرابورت” مشغل مطار فرانكفورت، أكبر مركز للنقل فى ألمانيا.
وعلى الجهة الأخرى تضررت الشركات الفرعية أيضًا. وقالت شركة “إس إس بى” مشغل الامتياز فى المطارات، إن انخفاض أعداد المسافرين سيقلل إيرادات المجموعة بما يصل إلى 12 مليون جنيه إسترليني الشهر الحالي، في حين حذرت شركة “بريتيش أميركان توباكو” من حدوث انخفاض فى مبيعات السجائر المعفاة من الرسوم الجمركية.
وحذر الاتحاد الدولى للنقل الجوي، من أن الطلب العالمى على السفر الجوى قد ينخفض للمرة الأولى منذ أكثر من 10 سنوات، مما يخفض ايرادات الصناعة بنحو 30 مليار دولار. لكن ذلك استند إلى تأثير فيروس “كورونا” على آسيا فقط، قبل أن يبدأ الانتشار على نطاق أوسع.
وكتب محلل الطيران فى مجموعة “سيتي” المصرفية، مارك ماندوكا، فى مذكرة إن تقلبات الأسبوع الماضى يجب ألا تشكل مفاجأة.
وأشار أيضًا إلى وجود العديد من الأسئلة، منها: هل سيتم إغلاق أجزاء من المجال الجوى فى الأسابيع المقبلة؟ وهل ستزيد حالات الإفلاس؟ وهل سينتعش سفر الشركات من جديد؟
وتستخدم الشركات الفيروس كفرصة لإدراك حقيقة التكلفة.
وقال ما يقرب من ثلثى الشركات التى ردت على استطلاع شمل أكثر من 400 شركة أجرته رابطة السفر التجارية العالمية، وهى مجموعة تجارية أمريكية، إنها ألغت اجتماعات أو أحداثا فى أعقاب انتشار فيروس “كورونا”، في حين سيتم إلغاء الكثير بعد توسع الفيروس بهذه الصورة السيئة.
وكشفت بيانات الصحيفة البريطانية، إلغاء أكثر من 230 معرضًا تجاريًا أو تأجيله ، إذ شهد يوم الجمعة الماضي إلغاء بورصة برلين الدولية للسياحة، وهو أكبر مؤتمر لصناعة الضيافة فى العالم .
وحظرت الحكومة السويسرية، جميع الأحداث التى يشارك فيها أكثر من 1000 شخص وألغت معرض جنيف للسيارات، ومعرض بازل الدولى.
وقال روبن روسمان، العضو المنتدب لشركة “إس تى آر” لأبحاث السفر: “تدرك الشركات العالمية أن إرسال مئات الأشخاص إلى حدث عالمى يمثل مخاطرة أكبر مما هم على استعداد لتحمله”.
وأشارت “فاينانشيال تايمز” إلى أن التأثير المباشر للفيروس هو أن الاجتماعات المباشرة بين العملاء تتضاءل ،إذ يقوم كل من بنك “جى بى مورجان” وشركة “جوجل” بفحص زوار مكاتبهم لأى شخص سافر مؤخرًا إلى مناطق فى آسيا.
وشجعت شركات مثل مدير الأصول البالغ حجمه 375 مليار دولار ، يانوس هندرسون، الموظفين على أخذ أجهزة الكمبيوتر المحمولة إلى المنزل يوميًا.
وقالت شركة “سبيرلاين” التى تراقب خطوط الهاتف الدولية إن اندفاع الموظفين الذين يستخدمون الهواتف أدى إلى تدهور جودة الصوت فى الصين وكوريا الجنوبية بنحو 10%.
وفى الوقت نفسه ، ما زالت صناعة السفر تتمسك بالأمل فى حدوث انتعاش سريع.