توقعات بوصول البرميل إلى 80 دولاراً.. وانتعاش الطلب سيستغرق مزيداً من الوقت
بعد 10 أشهر من التحول إلى المنطقة السلبية للمرة الأولى فى التاريخ، ارتفعت أسعار البترول مرة أخرى إلى مستويات ما قبل كورونا، مدفوعة بالتفاؤل بشأن توافر اللقاحات وخفض منتجى البترول لحجم إنتاجهم.
ووصل خام غرب تكساس الوسيط إلى 60 دولاراً للبرميل هذا الشهر، بارتفاع نسبته 60% عن مستويات أكتوبر.
كما أنه أعلى مستوى له منذ يناير 2020، أى قبل تفشى وباء كورونا المستجد حول العالم وتأثيره على الاقتصادات.
وذكرت مجلة «نيكاى آسيان ريفيو» اليابانية، أن أسعار البترول اضطربت الأسبوع الماضى مرة أخرى، بعد أن تعرضت تكساس لعاصفة شتوية تركت ملايين الأشخاص دون كهرباء لأيام، وأغلقت مصافى التكرير وخطوط الأنابيب.
وتراجعت أسعار البترول يوم الجمعة إلى مستوى أقل من 60 دولاراً للبرميل، وسط تكهنات بإمكانية ضعف الطلب على المصافى.. لكنها عادت يوم الأثنين إلى حوالى 60 دولاراً للبرميل مع عودة إنتاج البترول الخام الأمريكى.
وكان مؤشر خام غرب تكساس الوسيط، انخفض إلى أدنى مستوياته فى 20 أبريل الماضى، إذ بلغ سعر البرميل 37.63 دولار بالسالب.
ويرجع ذلك إلى التقنيات السوقية والتوقعات التى تفيد بأن الوباء سيقضى على الطلب العالمى على البترول، وأسباب أخرى أيضاً.
وتتوقع وكالات البترول، أن الانتعاش فى الطلب على البترول سيستغرق مزيداً من الوقت.
فقد خفضت وكالة الطاقة الدولية، فى يناير، توقعاتها للطلب فى عام 2021 بمقدار 280 ألف برميل يومياً، ليصل إلى 5.5 مليون برميل، مشيرة إلى أن ارتفاع حالات الإصابة بوباء كورونا أدت إلى عودة الإغلاق فى بعض الدول، وهو ما قد يؤخر الانتعاش المتوقع فى الطلب.
ومع ذلك، يراهن المستثمرون وصناديق التحوط، على أن حملات التطعيم التى تستعد لها جميع دول العالم للقضاء على الوباء ستشجع الاقتصادات على النمو من جديد.
كما أنهم يعتقدون أن تخفيف قيود الإغلاق سيعيد المسافرين إلى الرحلات البرية والطائرات النفاثة.. وبالتالى ارتفاع أسعار البترول.
وأوضحت المجلة اليابانية، أن ارتفاع أسعار الأسهم- ارتفع مؤشر «داو جونز» إلى مستويات قياسية- يعزز التفاؤل أيضاً بإمكانية اكتساب الأنشطة الاقتصادية زخماً كبيراً، ويعزز أسعار البترول بشكل أكبر.
وفى الوقت نفسه، تلعب السياسات النقدية فائقة السهولة فى العالم دوراً أيضاً، إذ يقوم البنك الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى بتزويد الأسواق بمبالغ نقدية ضخمة، والكثير منها يجد طريقه إلى البترول والسلع الأخرى.
كما أن الحكومات لا تزال تنفق بشكل كبير، فهناك الرئيس الأمريكى جو بايدن الذى يمضى قدماً فى حزمة تحفيز بقيمة 1.9 تريليون دولار، ويسيطر حزبه الديمقراطى على مجلسى الكونجرس، ما قد يمهد الطريق.
وساهمت تخفيضات معروض البترول من جانب المنتجين، فى الحفاظ على مستويات الأسعار الحالية.
فقد خفضت منظمة الدول المصدرة للبترول وحلفاؤها –تحالف «أوبك بلس»- إنتاج البترول منذ شهر يناير بمقدار 7.2 مليون برميل يومياً، أى حوالى 7% من الطلب العالمى، ويقترب معدل الامتثال بين أعضاء الكارتل الذين يتشاجرون كثيراً من 100%.
وفى خطوة مفاجئة، قررت السعودية، الزعيم الفعلى لمنظمة «أوبك»، خفض إنتاجها من جانب واحد بمقدار مليون برميل يومياً، أى حوالى 10% من حجم الإنتاج فى شهرى فبراير ومارس 2021، بجانب التخفيضات التى يقدمها تحالف «أوبك بلس».
ويأتى هذا القرار نتيجة الدرس الذى تعلمته السعودية من أسعار البترول السلبية فى عام 2020، إذ أدركت متى يجب أن تتوقف عن ملاحقة حصتها السوقية.
وبالنسبة للسعودية، يعد الحفاظ على أسعار البترول أكثر أهمية من أى وقت مضى، خصوصاً أن أسهم «أرامكو السعودية» تُتداول الآن فى سوق الأسهم المحلية، فهى تسعى لتحسين قيمة الشركة المملوكة من قبل الدولة.
وفى الولايات المتحدة، يبدو أن منتجى البترول الصخرى قد تعلموا الدرس نفسه، فقد كانوا حذرين بشأن زيادة الإنتاج. كما أن العديد من هذه الشركات عانى لأعوام، مما ساهم فى تردد البنوك وصناديق الأسهم فى تمويلها.
وأفاد بنك «جولدمان ساكس»، فى تقرير له: «لا نزال نتوقع أن هناك حاجة لارتفاع الأسعار من أجل انتعاش نشاط البترول الصخري».
وفى ظل تلميحات إدارة بايدن إلى إمكانية تقييد نشاط التكسير الهيدروليكى الجديد، فمن غير المرجح نمو إنتاج البترول الصخرى بشكل كبير ما لم يتغير موقف الإدارة، حسبما ذكر كبير الاقتصاديين لدى «نومورا سيكيورتيز»، تاتسوفومى أوكوشى.
ويعتقد أوكوشى، أن أسعار البترول ستظل عند مستويات 60 دولاراً للبرميل، فى حين العديد من الاقتصاديين الآخرين يعتقدون أن الأسعار سترتفع إلى حوالى 70 دولاراً أو حتى 80 دولاراً للبرميل.
ويشير خبراء آخرون إلى المخاطر السلبية. فثمة متغيرات مثل إيران والاتفاق النووى الذى انسحبت منه الولايات المتحدة فى عهد الرئيس السابق دونالد ترامب والتى قد تؤدى بدورها إلى خروج سوق البترول عن مساره الطبيعى، لكن يمكن لإيران استئناف صادرات البترول فى ظل سعى بايدن لاستعادة الاتفاق النووى.
وثمة أسئلة تحيط بتحالف «أوبك بلس»، من بينها «إلى متى ستستمر تخفيضات الإنتاج؟»
وسيجتمع أعضاء «الكارتل » فى بداية مارس، وسيناقشون مستويات الإنتاج الحالية.