فى عام 2007، كشف عملاق الهواتف المحمولة الأمريكى “أبل” النقاب عن هاتف “آيفون”، لكنه لم يستطع اختراع الهواتف الذكية، وذلك لأن هناك شركات مثل “بالم” و”بلاك بيري” كانت تبيعه منذ أعوام.
ومع ذلك، كان هاتف الآيفون مختلفاً تماماً عن أى هاتف آخر، فقد استطاع تقديم طريقة جديدة تماماً للتفاعل مع أجهزة الكمبيوتر، وبالتالى أصبح الاتصال الدائم بشبكات الإنترنت والشاشة التى تعمل باللمس والواجهة القائمة على رموز التطبيقات القابلة للنقر شائعة فى جميع الهواتف المحمولة الآن، لكن هذه التقنيات بدت بأكملها ثورية آنذاك.
وكان الهاتف الذكى بمثابة تحول جذرى فى عالم صناعة التكنولوجيا آنذاك، لكن بيانات “جارتنر” أشارت إلى تراجع مبيعات الهواتف الذكية لمدة عامين متتاليين للمرة الأولى.
لكن الهواتف الذكية أصبحت أخبار قديمة، لأن الرهان القادم لصناعة التكنولوجيا أصبح ينطوى على سلسلة من التقنيات، عادة ما تعرف باسم “الواقع المعزز – AR”، والتى تتضمن عادة كمبيوتر صغير يرتديه المستخدمين على أعينهم لرؤية شىء ما والغرق فى أرض الخيال.
ويعتقد مراقبو الصناعة والمشاركون أن “أبل” تتمتع بفرصة جيدة للتحقق من الواقع وإحداث ثورة فيه كما فعلت مع الهواتف الذكية، لكن “أبل” ليست المساهم الوحيد فى صناعة مثل هذه التقنيات، بل إن كبار التكنولوجيا جميعها، “مايكروسوفت” و”جوجل” و”فيسبوك” و”أمازون”، منخرطون فى اللعبة أيضاً.
وسلطت شبكة “سى إن بى سى” الإخبارية الأمريكية الضوء على الخطوات التى يتخذها كبار التكنولوجيا لمحاولة جعل الواقع المعزز صاحب الثروة المقبلة.
وإذا كانت “أبل” ستطلق نظارات واقع معزز بالفعل، فإنها قادرة بذلك على تحديد مصير صناعة الواقع المعزز، بالنظر إلى سجل الشركة فى نشر التقنيات الجديدة.
وذكر تقرير نشرته وكالة أنباء “بلومبرج” الشهر الماضى أن “أبل” قد تطلق أول منتج للواقع المعزز فى بداية العام المقبل، ويقال إن اللقطة الأولى ستكون عبارة عن سماعة رأس تعمل بالبطارية صُممت خصصيا للواقع الافتراضي، لكن مع كاميرات مدمجة لتمكين الواقع المعزز أيضاً، ويشير التقرير إلى أن هذا الجهاز قد تصل تكلفته إلى آلاف الدولارات وسيكون متاحاً فقط بأحجام منخفضة.
فى النهاية، يمكن أن تتلقى “أبل” دروس مستفادة من سماعة الواقع الافتراضى وتطبقها على نظارات الواقع المعزز خفيفة الوزن ذات الشاشات الشفافة، لكن هذا المشروع لايزال يواجه عملاً إضافياً فى القضايا التقنية مثل تصغير الحجم وتكنولوجيا العدسات.
وجدير بالذكر، أن شركة “جوجل” كانت أول شركة تقنية كبرى تطلق جهاز كمبيوتر يمكن ارتداءه على الرأس، حيث قدمت جهاز “جوجل جلاس” فى عام 2013، مقابل 1500 دولار آنذاك، وكان يستهدف بشكل صريح الأشخاص العاملين فى صناعة الكمبيوتر والمتبنين الأوائل، الذين أطلقت عليهم “جوجل” اسم “المستكشفون”.
وتم إيقاف عمليات بيع جهاز “جوجل جلاس” بشكل مؤقت فى عام 2015، ليعاد تنظيمها لتتوافق مع احتياجات ومتطلبات المستخدمين، ثم أطلقت للبيع مرة أخرى العام الماضى مقابل 999 دولاراً مقابل جهاز من خلال بعض بائعى الأجهزة.
وتعمل “مايكروسوفت” بشعار “العمل بشكل أكثر ذكاء مع الواقع المعزز”، حيث أعلنت شركة التكنولوجيا العملاقة عن سماعة الواقع المعزز تعرف باسم “Hololens” فى عام 2015، وأصدرت النسخة الأولى فى عام 2016، ولكنها أطلقت الآن النسخة الثانية من السماعة مقابل تكلفة تبلغ 3500 دولار.
وفى الوقت نفسه، تحدث الرئيس التنفيذى لشركة “فيسبوك”، مارك زوكربيرج، بشكل أكثر عن آماله فى الواقع المعزز، حيث قال خلال العام الماضى: “فى حين أننى أتوقع أن تظل الهواتف هى أجهزتنا الأساسية خلال معظم هذا العقد، إلا أنه فى مرحلة ما فى عشرينيات القرن الحالى، سنحصل على نظارات واقع معزز غير مسبوقة ستعيد تعريف علاقتنا بالتكنولوجيا”.