استمتع المستثمرون في الأسهم، خلال الأشهر الخمسة الماضية، بالفعل، بنوع الأداء الذي يتراكم بشكل جيد للغاية على مدار عام تقويمي كامل.
وشهد العديد من أسواق الأسهم الأوسع، ارتفاعاً مثيراً للإعجاب منذ بداية يناير.
وبدأ مؤشر “إم إس سي آى” العالمى لأسهم البلدان المتقدمة، شهر يونيو في منطقة قياسية، وارتفع بنسبة 11% منذ يناير.
وبالنسبة لمنتقي الأسهم، حققت الشركات في قطاعات الطاقة والمال مكاسب أقوى بكثير، وهي مجالات مدعومة باحتمال إعادة فتح الاقتصادات ما يعطي دفعة لربحية شركاتها.
وتثير سرعة الارتفاع في العديد من مجالات سوق الأسهم، مخاوف من أن تحقيق مكاسب إضافية قد يكون صعباً، حتى مع ضخ كميات ضخمة من التحفيز النقدي والمالي عبر الاقتصاد الأوسع.
ويشير مدى ارتفاع المكاسب الرأسمالية العام الجاري من الأسهم إلى أن المستثمرين قد أخذوا في اعتبارهم الكثير من الأخبار الجيدة.
فهل يجب على المستثمرين خفض أشرعتهم والاستعداد لإبحار أكثر قسوة؟
على المدى القريب، يبدو ذلك حكيماً.. أما على المدى الأطول، فإن التحولات في أسواق الأسهم حتى الآن العام الجاري تبشر بأداء أفضل للأسهم الأوروبية والعالمية مقارنة بالأسهم الأمريكية.
وفيما يخص “وول ستريت”، لا ينبغي استبعاد احتمالية صيف صعب على المستثمرين، ويتركز الاهتمام على الوقت الذي سيشير فيه “الاحتياطي الفيدرالى” إلى سحبه المال السهل، وهو تحول يمكن أن يحفز ارتفاعاً آخر في أسعار الفائدة في سوق السندات لأجل 10 سنوات.
ومنذ أواخر العام الماضي، تأثرت جاذبية امتلاك الشركات الأسرع نمواً والتي تهيمن على مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” بسبب ارتفاع العائد.
وهذا يقلل من قيمة التدفقات النقدية المستقبلية إلى الشركات سريعة النمو، خصوصاً الشركات الناشئة غير الربحية المبنية على الكثير من الوعود، وقد يكون تجدد الضغط على أسهم التكنولوجيا التي يعج بها مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” هو إحدى النتائج المحتملة من أي رد فعل سلبي في سوق السندات في الأشهر المقبلة.
وصحيح أن أسعار الفائدة المرتفعة تدل على تحسن الاقتصاد، ولكن كذلك يعد تحسن صافي أرباح الشركات محركاً مهماً لأداء الأسهم على المدى الطويل، ويتوقع محللو وول ستريت نمواً في أرباح شركات مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” مكوناً من رقمين خلال الأرباع الثلاثة المتبقية من عام 2021، وفقاً لشركة البيانات “فاكت سيت”، وحتى الآن العام الجاري، أكدت نتائج الأعمال الأفضل من المتوقع على معنويات السوق الصعودية، ويعود نمو الأرباح الذي بلغ ذروته في الربع الحالي جزئياً إلى المقارنة مع الأرباح الضعيفة للغاية وسط عمليات الإغلاق قبل عام.
التحدي الذي يواجه المستثمرين، هو إذا ما كانت التوقعات العالية لنمو أرباح الشركات الأمريكية خلال بقية عام 2021 وحتى العام المقبل ستظل تؤتي ثمارها عندما تواجه المزيد من الشركات مشكلات قد تختبر هوامش الربح وتقييمات الأسهم المرتفعة، وكشف تقرير الأسبوع الجاري صادر عن الاحتياطي الفيدرالى، وهو مسح للشركات في جميع أنحاء البلاد، عن نقص في العمالة واضطرابات في سلسلة التوريد، وذكر: “بالنظر إلى المستقبل، تتوقع الشركات المستجيبة للمسح مواجهة زيادات في التكلفة وأسعار أعلى في الأشهر المقبلة”.
وهذه هي القضايا التي من المحتمل أن تزعج الاقتصادات الأخرى، وهناك بعض الدول التي لا تزال تجد صعوبة في طي صفحة الوباء، ولكن ما يبرز هو كيف تمتعت أسواق الأسهم خارج الولايات المتحدة بارتفاع قوى، وتفوقت الأسهم الأوروبية والبريطانية الشهر الماضي على “ستاندرد آند بورز 500” من حيث قيمة العملة المحلية والدولار، وقد ظهر هذا التحول في تدفقات صناديق المؤشرات الأمريكية في الآونة الأخيرة والتي أشارت إلى أن هناك “مجالاً لتسارع التدفقات إلى صناديق المؤشرات التي تركز على الأسهم الدولية” وفقاً لـ”سيتي”.
وصعد مؤشر “يورو ستوكس 600” الأسبوع الحالي إلى قمة جديدة، وهو ما يجعل السوق عُرضة للتراجع، ولكن بعيداً عن ضغوط السوق على المدى القريب، هناك أسباب تدعو لاتخاذ نهج أكثر إيجابية تجاه الأسهم العالمية التي تخلفت منذ فترة طويلة عن الأداء المدفوع بالتكنولوجيا في وول ستريت.
أحد المجالات التي من المحتمل أن تحدد إذا كان بإمكان أوروبا الآن إثبات أنها مكان أفضل لتخزين أموالك بخلاف الولايات المتحدة هو القطاع المالي، وكان الاتجاه الصعودي للقطاع في الماضي مليئاً بالبدايات الكاذبة، ورغم ارتفاع أسهم “ستوكس 600” مجتمعة بنسبة 35% العالم الجاري، فإنها لا تزال رخيصة عند النظر إليها من حيث قيمة ميزانيات شركاتها العمومية.
ونظراً إلى ربحية الشركات الأمريكية المرتفعة بشكل طبيعى، يعتقد كولين مو، رئيس قسم المعلومات العالمي في شركة “كولومبيا ثريدنيدل”، أن هناك حجة تثبت أن الأسواق الدولية قد تتفوق في الأداء نسبياً لبعض الوقت في المستقبل، وقال: “بعد فترة طويلة من الأداء المتفوق في الولايات المتحدة، سنشهد اتجاه أوروبا والأسواق الناشئة نحو إغلاق الفجوة الكبيرة في التقييمات.. وتعد الأسهم العالمية رخيصة نسبياً، مقارنة بالأمريكية وهذه فرصة للمستثمرين”.
بقلم: مايكل ماكينزي، محرر الاستثمار لدى “فاينانشيال تايمز”.
المصدر: صحيفة “فاينانشيال تايمز”.








