85% تراجعاً فى عدد الوافدين إلى الأسواق الناشئة خلال 5 أشهر
تعمل الاقتصادات الناشئة، المعتمدة على السياحة والتى كانت تعانى بالفعل قبل الوباء من ضغوط مالية وديون متضخمة، على حساب تكلفة الركود الصيفى الثانى على التوالي، حيث أدى تفشى فيروس كورونا إلى هروب السياح.
فى الأشهر الخمسة الأولى من عام 2021، تراجع عدد الوافدين الدوليين بنسبة 85% فى المتوسط عن الإجمالى المسجل قبل الوباء والبالغ 540 مليون فى عام 2019، بحسب بيانات أصدرتها منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة فى يوليو.
وهذا التراجع يعتبر أسوأ من التراجع المسجل فى نفس الفترة من العام الماضي، عندما انخفض العدد السنوى للوافدين بمعدل 65%.
تضررت منطقة آسيا والمحيط الهادئ بشدة بشكل خاص، حيث انخفض عدد الوافدين بنسبة 95% مقارنة بمستويات عام 2019.
والسبب فى ذلك يرجع بشكل كبير إلى استمرار غياب المسافرين الصينيين.
وعلى النقيض من ذلك، فإن عودة السياح الأمريكيين خففت من حدة الضرر على منطقة البحر الكاريبي.
يأتى التراجع فى عائدات السياحة حول معظم أنحاء العالم الناشئ مع تزايد ديون الحكومات فى وقت تكافح فيه لتغطية تكاليف الوباء، حسبما نقلت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية.
وسجل متوسط الدين الحكومى فى الاقتصادات الناشئة الكبيرة أكبر زيادة على الإطلاق، حيث ارتفع من 52.2% من الناتج المحلى الإجمالى إلى 60.5% فى عام 2020، وفقاً لمعهد التمويل الدولى.
لم يكن الضرر موزعاً بالتساوى، فبعض الاقتصادات واجهت الوباء فى حالة أفضل من غيرها وأصبحت أكثر قدرة على الصمود فى وجه العاصفة.فى بداية عام 2021، حذرت جيتا جوبيناث، كبيرة الاقتصاديين فى صندوق النقد الدولي، من أن الأداء الاقتصادى «يتباين بشكل خطير عبر الدول وداخلها، لأن الاقتصادات التى تتميز بطرح أبطأ للقاح ودعم محدود للسياسات واعتماد أكبر على السياحة لا تحقق نتائج جيدة».كذلك، قال كبير المحللين فى وكالة «موديز إنفستورز سيرفيس» فى نيويورك، ديفيد روجوفيتش، إن الدول الأكثر خطورة كانت «الاقتصادات الأصغر والأقل تنوعاً التى دخلت الوباء بظروف مالية ضعيفة، حيث تعتمد أماكن مثل جزر الباهاما وجزر المالديف وفيجى بشكل كبير على السياحة وقد شهدت صدمة كبيرة».
قال لويز إدواردو بيكسوتو، خبير الأسواق الناشئة لدى بنك «بى إن بى باريبا» فى لندن، إن عام 2021 حتى الآن كان أسوأ مما كان متوقعاً خلال العام الماضي، فقد كان هناك افتراضات بإمكانية تسجيل انتعاشاً فى عام 2021، لكن الأمور لا تتعافى كما هو متوقع.
أشارت «موديز» إلى أن تايلاند استطاعت توليد 20% من ناتجها المحلى الإجمالى وفرص العمل من السياحة فى عام 2019.
وكانت محاولات تايلاند لفتح فقاعات سياحية للزوار الذين تم تطعيمهم هذا الصيف مليئة بالتحديات، فقد أثبت الزوار إصابتهم بالفيروس على الرغم من الضوابط المفروضة على الدخول.
ومع ذلك، أشارت «موديز» إلى أن انهيار السياحة لم يدفع المالية العامة للبلاد إلى أزمة. وهذا الأمر يرجع إلى أن قوة القطاعات الاقتصادية الأخرى مثل التصنيع والأجزاء الأخرى من قطاع الخدمات قد عوضت الصدمة التى لحقت بالسياحة.كما أن الاقتصادات الآسيوية الأخرى المتنوعة جيداً مثل الفلبين وكمبوديا تعتبر فى وضع مماثل، لكن التنويع ليس خياراً متاحاً بالنسبة لاقتصادات الجزر الصغيرة، خاصة فى الأماكن التى أدى انخفاض عائدات السياحة إلى تفاقم المشاكل الموجودة من قبل.
تعد جزر البهاما، التى خُفض تصنيفها الائتمانى عدة مرات فى العقد الماضى بسبب أعباء الديون المتزايدة، أحد هذه الأماكن.
فعندما تفى الوباء، خفضت «موديز» التصنيف الائتمانى مرة أخرى فى يونيو من العام الماضى بمقدار درجتين، وأبقت على توقعاتها السلبية لتبرير إجراء المزيد من التخفيضات المحتملة.
فى الوقت نفسه، حذرت «موديز» من أن فيجى وجزر المالديف تواجهان تحديات مماثلة بسبب الديون المتزايدة وصعوبة إعادة تمويلها فى ظل تواجد مجموعة محدودة من المقرضين الدوليين.
وأوضحت «فاينانشيال تايمز» أن السياحة المحلية هى الأمر المشرق الوحيد، حيث تستفيد الدول ذات الطبقة المتوسطة من اختيار السكان للبقاء فى منازلهم هذا العام.
ويلاحظ بيكسوتو، من بنك «بى إن بى باريبا»، أن سعة خطوط الطيران المقررة للربع الثالث من هذا العام فى روسيا والصين أكبر مما كانت عليه فى نفس الفترة من عام 2019، وذلك بفضل الارتفاع الحاد فى السفر المحلى.
وتشير بيانات منظمة السياحة العالمية إلى قليلاً من الانتعاش المسجل فى شهر مايو، عندما انخفض عدد الوافدين الدوليين بنسبة تصل إلى 82% عن مستوى ما قبل الجائحة، من 86% فى أبريل.
وأوضحت أن معظم الانتعاش كان فى الاقتصادات المتقدمة، لكنه لم يترك سوى القليل من الأخبار الإيجابية للدول المعتمدة على السياحة فى العالم النامي، حيث تعتبر إعادة فتح القطاع السياحى فى المناطق الأكثر تضرراً معلقة إلى أجل غير مسمى.








