تبلغ القيمة السوقية المجمعة لأفضل خمس عملات رقمية 1.4 تريليون دولار وتتوسع الروابط بين العملات المشفرة والعملات الورقية المدعومة من الحكومة بشكل سريع.
يحتاج المنظمون إلى السيطرة بشكل أفضل على القطاع، وليس لخنقه ولكن لمساعدته على النضوج، ويمكن أن تتصرف هيئة الأوراق المالية والبورصات بشكل حاسم عندما تشعر أن لديها سلطة قضائية
لم يقدم جارى جينسلر، رئيس أكبر هيئة رقابة على الأوراق المالية فى الولايات المتحدة، أى هجمات فى خطاب ألقاه مؤخراً حول العملات المشفرة، لكنه اشتكى من أن القطاع أصبح مثل «الغرب المتوحش»، وطلب من الكونجرس سلطات تنظيمية جديدة، والأسبوع الماضى، أكدت أنباء سرقة جريئة وجهة نظره.
قالت شبكة «بولى نتوورك»، وهى شبكة مالية لا مركزية، إنَّ المتسللين استغلوا نقاط الضعف فى أنظمتها للهروب بحوالى 600 مليون دولار من العملات الرقمية، وحتى الآن، اتخذ المنظمون نهج عدم التدخل فى العملات المشفرة، بالاعتماد بشكل عام على مبدأ «احذر أيها المشترى».
وصرحت لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية فى عام 2019 بأن البيتكوين ليس آمنة، وأن هيئة السلوك المالى فى بريطانيا لا تنظم معظم مجموعات الأصول المشفرة بشكل مباشر، بل تقوم فقط بتنظيم المشتقات التى تستند إليها، وكانت النتيجة نمواً سريعاً وازدهاراً فى الابتكار، وكان هذا إلى حد كبير أمراً جيداً، على الرغم من التقلب الشديد.
وخلص بحث حديث لبنك التسويات الدولية إلى أن معظم مشترى العملات المشفرة يفهمون أن ما يفعلونه محفوف بالمخاطر، وأنهم ببساطة يرون أن المكافآت طويلة الأجل تستحق العناء.
ومع ذلك، فإنَّ السماح بإجراء تجارب حرة فى زاوية صغيرة معزولة بأسوار من الأسواق المالية هو شىء، لكنه شىء آخر تماماً عندما تتضخم تلك الزاوية فى الحجم، وتبلغ القيمة السوقية المجمعة لأفضل خمس عملات رقمية 1.4 تريليون دولار، وتتوسع الروابط بين العملات المشفرة والعملات الورقية المدعومة من الحكومة بشكل سريع.
قد يكون إعلان سلسلة دور السينما «إيه إم سى» أنها تخطط لقبول المدفوعات ببتكوين حيلة ولكنه أيضاً علامة العصر الحالى، لذا هناك حاجة إلى الإشراف المناسب، وبسرعة، وتتراوح المشاكل من الوعود المضللة وعدم كفاية الأمن إلى سرقة المستثمرين واستخدام العملات المشفرة لغسل عائدات الجريمة وتمويل الإرهاب.
يحتاج المنظمون إلى السيطرة بشكل أفضل على القطاع، وليس لخنقه ولكن لمساعدته على النضوج، ويمكن أن تتصرف هيئة الأوراق المالية والبورصات بشكل حاسم عندما تشعر أن لديها سلطة قضائية بعد أن رفعت سلسلة من القضايا ضد عروض العملات الأولية، بحجة أنها كانت أوراقاً مالية غير مسجلة.
الآن يجب على اللجنة ونظرائها تقديم قواعد أوضح للطريق خاصة بالنسبة للبورصات التى تحتفظ بالعملات المشفرة للمستثمرين وتتبادل العملات الرقمية مقابل نقود حقيقية، وينبغى أن يكون هناك حد أدنى من المعايير الأمنية وتدقيقات مكافحة غسيل الأموال والإفصاح.
تحتاج العملات المستقرة، المربوطة بالدولار أو بعملات أخرى، إلى اهتمام خاص: يمكن أن تشكل عملة مستقرة كبيرة مخاطر نظامية إذا حاول المستثمرون الاسترداد بشكل جماعى ولم يكن هناك ما يكفى من الأصول السائلة لتلبية الطلب، ويحتاج القطاع أيضاً إلى تنسيق ومعايير عالميين.
وتختلف القواعد على نطاق واسع، وبعض مقدمى الخدمة غير خاضعين للإشراف فى الواقع، وأدت الحملة الأخيرة على «بينانس» إلى إثارة مخاوف المنظمين فى حوالى ست دول بشأن التراخى فى حماية المستهلك وممارسات مكافحة غسل الأموال، ومع ذلك، فقد غسل معظمهم أيضاً أيديهم من المسئولية المباشرة عن واحدة من أكبر بورصات العملات المشفرة فى العالم.
اتخذت مجموعة العمل المالي، وهى هيئة رقابة عالمية، خطوة أولى جيدة مع قواعد نموذجية لمكافحة غسيل الأموال نفذتها بالفعل أكثر من 50 دولة، ويمكن أن يساعد وجود منتدى لتعاون أوسع وتحديد المعايير فى منع المراجحة التنظيمية.
ونظراً إلى اهتمام بنك التسويات الدولية بالموضوع، فإنه يمكن أن يشكل بسهولة مثل هذا المنتدى، ربما على غرار لجنة بازل للإشراف المصرفى، ولا تكمن القضية فى منع المستثمرين الذين يرغبون فى المضاربة فى العملات المشفرة من القيام بذلك، وإنما التأكد من أنهم يعرفون ما الذى يستثمرون فيه والحصول على ما وُعدوا به.
.افتتاحية صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية








