نائب رئيس البنك الأوروبى لإعادة الإعمار: مصر على الطريق الصحيح فى مجال الإصلاحات والنمو يجب أن يشمل الجميع
قال آلان بيلو، نائب رئيس البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية، إن عمليات البنك فى مصر بدأت فى 2012 من الصفر وسارت بشكل متسارع من خلال إدارة العمليات بشكل مباشر على الأرض، ورغم أن المبلغ الذى يستثمره البنك فى مصر سنويا يعد إنجازا كبيرا، لكن الأهم منه هو الأنشطة التى يركز عليها.
وأضاف بيلو فى حوار لـ»البورصة» مع الإدارة العليا للبنك أنه منذ البداية كان التركيز على كل ما يصنع فارقا حقيقيا وتحتاجه الدولة، وأنه مع التحول لاستراتيجية جديدة فإن جميع الدروس المستفادة على مر تلك السنوات سيتم وضعها فى الاعتبار ليكون البنك أكثر قدرة على اختيار الأنشطة والمحاور التى تمس صلب التنمية فى مصر.
وأشار إلى أن أكثر ما لمسه البنك خلال فترة عمله أن الاقتصاد المصرى بحاجة للشمول واحتواء النساء والشباب والمجتمعات المهمشة فى سوق العمل، لكى تتوفر فرص عمل لشريحة كبيرة تتخطى 800 ألف شخص يدخلون سوق العمل سنويا، لذلك فالتركيز على النمو الاحتوائى هو أول محاور استراتيجية البنك فى مصر.
وذكر بيلو أن المحور الثانى للاستراتيجية سيكون دعم التحول الأخضر، مع تصدره الأجندة العالمية والاهتمام القوى الذى توليه مصر له محليا، لمواجهة التغيرات المناخية. لذلك من الواجب دعم البلاد فى خفض الانبعاثات الكربونية والوصول بها لـ %0 وهو هدف عالمى، وكذلك دعمها للتكيف مع التغيرات المناخية والتى تظهر أولا فى المياه.
أما المحور الثالث فهو تحسين مستوى الحوكمة بالأخص متابعة العمل مع القطاع الخاص وتمكينه، بالإضافة الى دعم القطاع العام من وقت لآخر، لتحسين تنافسية الاقتصاد المصرى، عبر زيادة عدد شركات القطاع الخاص، وعدد الشركات القادرة على التصدير، وكذلك أن تكون الشركات المملوكة للحكومة ذات إدارة أفضل، ولديها فاعلية أكبر، وبالتالى تصبح مصر ذات اقتصاد قادر على توليد وظائف لاستيعاب الأعداد الكبيرة من الشباب التى تنضم لسوق العمل سنويًا.
قالت هايكه هارمجارت المدير التنفيذى لمنطقة جنوب وشرق المتوسّط للبنك الأوروبى لإعادة الاعمار والتنمية، إن تنفيذ استراتيجية البنك على أرض الواقع تكون عبر الاستثمار فى المؤسسات لتحسين وضع المرأة فيها، أو عبر تمويل رائدات الأعمال، مشيرة إلى الاستثمار الأخير الذى قام به البنك بالشراكة مع الاتحاد الأوروبى عبر شركة ريفى للتمويل متناهى الصغر بقيمة. 80 مليون جنيه لتمويل السيدات أصحاب المشاريع خاصة فى المحافظات خارج القاهرة.
أضافت أن الاتفاق لا يقتصر على التمويل المادى فقط، بل الدعم الفنى والمعرفى أيضا وبناء القدرات للسيدات اللاتى يقدن مشروعات صغيرة ومتوسطة ومتناهية الصغر، وعلى سبيل المثال تم التعاقد مع البنك الأهلى لتمويل المشروعات التى يقودها الشباب، فالبنك حريص أن تكون جميع الفئات مشمولة فى برامجه داخل مصر.
هارمجارت: نعمل مع شركائنا على تنفيذ استراتيجيتنا على أرض الواقع
وقالت هارمجارت، إن دعم التحول الأخضر ربما كان ملحوظا فى الخطوط التى تم فتحها مع البنوك لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، حيث تم توفير جزء منها عبر آلية تمويل المناخ «GEFF» التى تم إطلاق النسخة الثانية منها هذا العام، مشيرة إلى الاتفاق المبرم مع بنك قطر الوطنى الأهلى وكذلك الأهلى المصرى والكويت الوطنى وغيرها من البنوك، بجانب العمل مع الشركات على الوصول لنماذج أكثر استدامة لأعمالها.
وقال خالد حمزة، نائب رئيس مكتب البنك الأوروبى لإعادة الاعمار والتنمية فى مصر، إن حجم عمليات البنك سنويا لا يقل عن مليار دولار وإنه منذ بدء العمليات فى مصر تم ضخ أكثر من 8 مليارات دولار فى 137 مشروعًا فى قطاعات عدة على رأسها القطاع المالى والتصنيع الزراعى والتصنيع والخدمات ومشروعات البنية التحتية ومعالجة مخفلفات المياه والمساهمة فى تحديث وسائل النقل.
وذكر أن البنك منفتح على تمويل أى فرصة فى إطار استراتيجيته، خاصة حينما تدعم التحول الرقمى، ويرحب بتقديم الدعم المطلوب فيما يخص مشروعات مثل البنك الرقمى لبنك مصر الذى تربطه شراكة ممتدة بالبنك الأوروبى لإعادة الإعمار.
ولفت إلى أن اتفاقية تمويل شركة طاقة لتنفيذ محطة طاقة شمسية لصالح مزارع دينا، كانت من بين أبرز المشروعات التى مولها البنك، إذ تدعم مواجهة التغيرات المناخية، وتعزز استثمارات القطاع الخاص فى الطاقة.
كيف يختار “الأوروبى لإعادة الإعمار” الاستثمارات التى يشارك فيها بحصص؟
قال حمزة إن البنك الأوروبى لإعادة الاعمار والتنمية لم يشارك فى طرح «إى فينانس»، حيث لم تكن هناك حاجة لتواجده، فالطرح بالفعل تم تغطيته 61 مرة بمشاركة قوية من المستثمرين الأجانب، لذلك لم يكن هناك قيمة مضافة أو هدف.
وأشار إلى أن البنك حينما يقرر الدخول فى الاستثمار فهو إما يسعى لإضافة خبرة ما لأحد الشركات، أو يعمل كمحفز لدخول استثمارات أجنبية لها كون وجوده يعطى مصداقية للصفقات التى يشارك فيها، فدوره هو التكامل مع المستثمرين وليس مزاحمتهم أو منافستهم، لكنه أكد أن البنك مهتم بالفعل ببرنامج الطروحات الحكومية وأى عملية خصخصة قد تحدث فى مصر، وسيساهم حينما يكون ذلك ضروريا.
حمزة: نستثمر ما لا يقل عن مليار دولار فى مصر سنويا
وذكر أنه على القدر نفسه من الاهتمام يعمل الأوروبى لإعادة الاعمار والتنمية مع السلطات فى مصر للتأكد من عدالة المنافسة بين القطاعين العام والخاص، وأن الجميع يتمتع بالفرص نفسها للنجاح.
كيف اختلف مناخ الأعمال فى مصر؟
أشار بيلو، إلى أنه بمقارنة مناخ الأعمال فى مصر حاليا وما كان عليه فى 2012، فقد حدث تطور هام نتيجة للإصلاحات التى يجب أن تتيح الآن للقطاع الخاص المجال لجعل هذا النمو مستداماً.
أوضح: «ويتمثل ذلك فى المنافسة العادلة، وتسهيل الحصول على تراخيص، وتعيين العمالة، والاستيراد، وما إلى ذلك من أنشطة دورية لتسهيل حياة الشركات الخاصة فى مصر، وهى إصلاحات مستمرة لا نهاية لها، وأبدى ارتياحه لتركيز الحكومة فى برنامج الإصلاح الهيكلى الذى اعلنته مؤخرا حول الشركات التى تركز على التصدير خاصة فى قطاعات التصنيع والتكنولوجيا والزراعة».
وقال إن الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلى الذى حققته البلاد بعد برنامج الإصلاح الاقتصادى فى 2016، ضرورة حتى تستمر رؤية المستثمرين لمصر بأنها مستقرة اقتصاديا، كما أنه مع تزايد الاهتمام العالمى بالتحول الأخضر يجب على مصر الاستثمار أكثر فى تقليل الانبعاثات الكربونية عبر الاستثمار فى الطاقة الجديدة والمتجددة، والهيدروجين الأخضر، وما إلى ذلك، وسيكون متوقعا منها أن تتخذ خطوات للتكيف مع التغير المناخى خاصة فى مجالى المياه وحماية الإنتاج الزراعى اللذان سيتأثران بالتغير المناخي.
وأشار إلى أنه بجانب ذلك يجب على البلاد أن تتأكد أن نموها شامل ويحتوى الجميع، فالاقتصادات التى لاتحتوى أعضائها لا تكون تنافسية وهو ما يقودنا مجددا لضرورة افساح المجال للقطاع الحاص، وأن تشمل التنمية الاقتصادية النساء والشباب والفئات المهمشة وجميع المحافظات.
فرصة كبيرة لجذب المستثمرين الأجانب
وكشف أن القطاعات المتجددة والخضراء تحمل فرصا لجذب المستثمرين الأجانب، فحينما تكون البيئة مناسبة بحيث إن القواعد المناسبة موجودة ولا تتغير لصالح أحد، والجميع يحظى بفرص متساوية ويعرف قواعد اللعبة يأتى المستثمرون.
أضاف:» خاصة أن معظم اللاعبين فى ذلك المجال مستثمرون دوليون سواء فى الخليج أو بريطانيا أو فرنسا أو المانيا، فكلما كانت البيئة جيدة ترتفع نسبة الحصول على استثمار وهذا نموذج يطبق على كافة قطاعات الاقتصاد. وهذا ما تحاول منطقة قناة السويس فعله بخلق بيئة عمل جيدة تستطيع جذب المستثمرين وهو أيضا ما حدث فى بنبان».
مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص
على صعيد الشراكة بين القطاعين العام والخاص، قال: «استثمرنا فى ميناء 6 أكتوبر الجاف، ونعمل على مشروع مماثل فى العاشر من رمضان حيث هناك حاجة لربطه بالسكة الحديد ونأمل أن محطات تحلية المياه التى تتزايد الحاجة لتدشينها تتم بمشاركة القطاع الخاص.
تابع: «نولى أهمية لتعزيز مشاركة القطاع الخاص فى مشاريع البنية التحية ،كما يتم فى العديد من البلدان، وندعم مشاركة القطاع الخاص فى أية مشروعات سواء البنية التحتية و الطاقة وربما المطارات فى المستقبل، فليس هناك حدود لما يمكن فعله».
وذكر نائب رئيس البنك الأوروبى لإعادة الإعمار:»نحن مهتمون بقوة بالاستثمار فى السندات الخضراء سواء التى تطرحها البنوك أو السندات التى تطرح لتمويل مشروعات خضراء».
قطاعات لديها آفاق نمو مرتفعة
وحول أكثر القطاعات التى يتوقع نموها خلال الفترة المقبلة، قال إنه بالنسبة لدولة ينمو سكانها %2.5 سنويًا، يصعب تحديد قطاعات بعينها فالنمو واسع النطاق، وجميع القطاعات لها فرص نمو كبيرة والفرص فى جميع الأرجاء، كما نعتقد أن تلك لحظة مناسبة لمصر للتوسع بصادراتها خارج حدودها نحو القارة الإفريقية ، بما يؤدى لنمو حجم الشركات المصرية وكذلك الاقتصاد».
أضاف: «لكن بالطبع هناك قطاعات تشكل القوى الأكبر لمصر مثل الزراعة، والمستحضرات الطبية، وكل ما يتعلق بالرعاية الصحية والتعليم مرشح للنمو بقوة خلال السنوات المقبلة».
