عندما فتحت إندونيسيا “بالى” أمام المسافرين الدوليين الملقحين القادمين من بعض الدول في أكتوبر بعد نحو عامين من الإغلاق الوبائي، كان من المفترض أن تبشر بعودة الحياة الطبيعية للجزيرة المعتمدة على السياحة والتي تضررت بشدة إثر تفشي جائحة كوفيد-19.
لكن، بعد مرور شهر، لا تزال “جزيرة الآلهة” مجرد ظل لما كانت عليه في السابق، فالمتاجر والمطاعم المغلقة تهيمن على شوارعها التي كانت تعج بالحركة في يوم من الأيام مع انخفاض الزوار الأجانب أو يمكن القول انعدام وجودهم.
لم تهبط أي رحلة جوية خارجية واحدة في مطار نغوراه راي الدولي في بالى منذ إعادة افتتاحه، وهو ما آثار حالة من الإحباط العميق والقلق في قطاع السياحة الذي يخشى الخسارة أمام المنافسين الإقليميين.
يلقي العمال باللوم على عوامل عدة من بينها التأشيرة التي تستغرق وقتاً طويلاً، كما أنهم يطالبون الحكومة الوطنية ببذل مزيد من الجهود لمساعدة الشركات على التعافي من تداعيات الوباء، حسبما أفادت مجلة “نيكاي آسيان ريفيو” اليابانية.
قبل أن تغلق إندونيسيا أبوابها أمام الزوار الأجانب، عمل ديفيد لين، عضو الجمعية الإندونيسية للمرشدين السياحيين، مع نحو 2000 زائر يتحدثون اللغة الصينية كل شهر.
وقال لين إنه كان قادراً على جني 1500 دولار شهرياً قبل الوباء، لكنه يجني الآن حوالي 200 دولار، وهذه المكاسب ليست من السياحة، فقد انتقل لبيع أضلاع لحم الخنزير المجمدة عبر موقع إنستجرام لتغطية نفقاته.
وهناك آخرون غادروا بالي تماماً، إذ أوضح لين أن عدد المرشدين السياحيين المسجلين في القسم الناطق باللغة الصينية بالرابطة انخفض من 1500 إلى حوالي 100 مرشد.
كانت منطقة منتجع نوسا دوا بجنوب بالى نقطة جذب للسياح الأجانب، لكن شواطئها الرئيسية كانت فارغة تماماً في منتصف نوفمبر، فلم يكن هناك من يستمتع بأشعة الشمس الرائعة أو بالبحر الفيروزي.
وتوصلت وزارة السياحة في البلاد إلى خطة مفصلة لتعيين ثلاث مناطق سياحية في بالي باعتبارها “مناطق خضراء”، إذ يمكن للزوار تنفيذ الحجر الصحي الإلزامي لمدة ثلاثة أيام في فنادق المنتجعات، كما كثفت السلطات حملة التلقيح في بالي تحسباً للترحيب بالضيوف الدوليين، وبالتالي تلى 70% تقريباً من سكان الجزيرة اللقاح بشكل كامل، وهي واحدة من أعلى المعدلات في البلاد.
ومع ذلك، فإن هذه الخطوات لم تفعل الكثير لإعادة إنعاش السفر، إذ أظهرت بيانات وكالة الإحصاء الوطنية أن مطار بالي لم يشهد قدوم سوى 35 زائرا أجنبيا فقط في الأشهر التسعة الأولى من العام، وهو رقم لن يتغير كثيراً على الأرجح خلال الأسابيع القليلة الماضية نظراً لقلة الرحلات الجوية الدولية.
وهذا يتناقض بشكل ملحوظ مع مدينة بوكيت التايلاندية، التي استقبلت أكثر من 200 سائح أجنبي تم تطعيمهم في يوم واحد عندما أعيد افتتاح المدينة في الأول من يوليو.
وأدى غياب السياح الأجانب إلى تدمير اقتصاد بالي، إذ تراجع ناتجها المحلي الإجمالي بنسبة 9.3% عام 2020، وهو أكبر انخفاض بين 34 مقاطعة في إندونيسيا.
وانخفض الناتج المحلي الإجمالي للجزيرة بنسبة 2.97% في الربع الثالث من العام الحالي مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، عندما نما الناتج المحلي الإجمالي الوطني بنسبة 3.51%.
وليس هناك أي مكان آخر يتجلى فيه الانكماش الاقتصادي بشكل أوضح مما هو عليه في كوتا، وهي مركز سياحي بالي آخر كان يجذب الزوار في السابق من جميع أنحاء العالم.
اتفق آخرون في القطاع على أن السياحة الداخلية يبدو وكأنها تعود مرة أخرى، خصوصا بعد انخفاض حالات الإصابة بكوفيد بشكل كبير في جميع أنحاء البلاد، لكن كثيرين قالوا إن النمو التدريجي في عدد السياح المحليين لا يمكن أن يعوض فقدان المسافرين الدوليين.
وأوضح تيوك باجوس بيمايون، القائم بأعمال رئيس مكتب السياحة الإقليمي في بالي، أن السياح الأجانب في بالي سينفقون حوالي 150 دولار يومياً، أي حوالي خمسة أضعاف ما ينفقه الزوار الإندونيسيون، وبالتالي وجود السياح المحليين لن يستطيع سد الفجوة الناجمة عن غياب السياح الأجانب.








