خففت الجهات التنظيمية فى الصين الضغط على مطورى العقارات من خلال تخفيف ضوابط الائتمان والسماح بمزيد من إصدار السندات خلال الأسابيع الأخيرة، فى محاولة لمنع القطاع من الانهيار.
لكن المحللين والمستشارين الحكوميين يقولون إن هذه الإجراءات لا تمثل تراجعا عن الحملة التى يشنها الرئيس شى جين بينج ضد القطاع.
وتشير التقديرات إلى أن العقارات تمثل ثلث النشاط الاقتصادى الإجمالى فى ثانى أكبر اقتصاد فى العالم، وهو ما يسلط الضوء على الآثار الأوسع نطاقاً لأى تحول مهم فى السياسة.
وذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية أن القطاع كان يكافح فى الأسابيع الأخيرة للتعامل مع أزمة السيولة التى دفعت بعض أكبر المطورين فى البلاد إلى حافة الإفلاس.
قال دينج هاوجى، محلل العقارات فى جوانجتشو: «لا تزال هناك مخاطر نظامية يشكلها الانهيار العقارى للاقتصاد الأوسع، والأمر يعود للجهات التنظيمية لتجنب هذا السيناريو».
وقال أحد مستشارى السياسات فى بكين :» إن جميع محاولاتنا السابقة لتنظيم سوق العقارات فشلت لأننا خرجنا فى منتصف عمليات الإصلاحات الشاملة، كما أن الحكومة المركزية مصممة على التمسك بالخطة هذه المرة».
وارتفع الإقراض العقارى بنسبة %1 منذ أكتوبر الماضى، لينهى بذلك أربعة أشهر متتالية من الانخفاض على أساس سنوى، بحسب بيانات صادرة عن شركة «ويند»، بعد أن قال جو لان، رئيس الأسواق المالية فى بنك الشعب الصينى، إن بعض البنوك أساءت تفسير سياسات بكين العقارية.
وقال جو، إن الهدف كان تقييد تدفق الائتمان إلى الشركات العقارية عالية المديونية بدلاً من إيقاف إصدار قروض التنمية، مشيرا إلى أنه تم إصدار تعليمات للبنوك الكبرى للمحافظة على ثبات وانتظام إصدار القروض العقارية.
كذلك، قال المسئولون التنفيذيون فى البنوك فى بكين وشنغهاى إن الفترة الزمنية لمراجعة طلبات الرهن العقارى انخفضت من 6 أشهر فى سبتمبر إلى أقل من ثلاثة أشهر.
كما قال مسؤول الإقراض فى بنك التجار الصيني: «تصرفنا بحذر شديد فى الماضى.. إننا نعود الآن للوضع الطبيعى».
ويستأنف المطورون عمليات إصدار السندات. فمنذ 10 نوفمبر، أعلن أكثر من 20 مطورا مملوكا للدولة خططا لإصدار ما قيمته 28.8 مليار رنمينبى «أى 4.5 مليار دولار» من أدوات الدين منخفضة الفائدة نسبياً فى سوق ما بين البنوك.. وكان المطورون يواجهون صعوبة تقليدية فى الوصول إليها.
مع ذلك، جاء تخفيف السياسة متأخر جداً بالنسبة لمطورى القطاع الخاص الأكثر مديونية فى البلاد، وتأمل الجهات التنظيمية أن تتمكن من إعادة الهيكلة عن طريق بيع الأصول، ما قد يؤدى إلى تحول الشركات لتصبح أصغر بكثير.
من جانبه، قال بو تشوانج، المحلل فى شركة «لوميس سايلز» لإدارة الأصول: «لن تكون هناك مشكلة إذا فشل بعض من كبار المطورين، لكن السلطات الصينية بحاجة إلى التأكد من أن إصلاح السياسة لا يقتل القطاع بأكمله».
فى الوقت نفسه، يقول مسئول الإقراض إنهم مترددون فى مساعدة مطورى العقارات المدينين بشدة، خاصة بعد انخفاض أعداد المعاملات السكنية بنحو الربع تقريباً من حيث القيمة الدولارية فى أكتوبر مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضى.
ويواجه المطورون أيضاً عقبات بسبب الرقابة الحكومية الصارمة على الأموال قبل البيع، التى كانوا قادرين على استخدامها فى السابق لسد فجوات التمويل.
وفى الأشهر الأخيرة، أعلنت أكثر من 20 مدينة قواعد تحد من استخدام عائدات البيع المسبق للمشروع فى هذا المشروع فقط.
كان على مجموعة «صن شاين سيتى»، وهى شركة تطوير فى مقاطعة فوجيان جنوب شرق الصين، المطالبة بتمديد مدفوعات السندات الدولارية بقيمة 650 مليون دولار رغم أنها أبلغت أن لديها أكثر من 27 مليار رنمينبى نقداً فى سبتمبر، وحُجز الجزء الأكبر من أموالها فى حسابات وصاية تسيطر عليها الدولة ومخصصة لمشاريع محددة.
واشتكى مسئول فى شركة صن شاين سيتى، فى وقت سابق من هذا الشهر فى خطاب مفتوح على وسائل التواصل الاجتماعي: «كيف يمكننا إيجاد مصادر بديلة للتمويل فى الوقت الذى لا يمكن فيه استخدام المليارات النقدية الخاصة بنا لسداد الديون؟»








