جيليان تيت تكتب: استخدام الأصول الروسية لإعادة بناء أوكرانيا لن يكون سهلا

عندما خاطب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ، المنتدى الاقتصادي العالمي عبر رابط الفيديو الأسبوع الماضي، أصدر نداءً صادقاً إلى الغرب: استخدموا الأصول التي صودرت من البنك المركزي الروسي والأوليجارشيين في البلاد لتمويل التكلفة المقدرة بـ 500 مليار دولار لإعادة بناء أوكرانيا، وقال: “إذا خسر المعتدي كل شيء فإنه ذلك يردع دوافعه لبدء حرب.. والقيم يجب أن تكون مهمة عندما يتم زعزعة الأسواق العالمية”.

يبدو أن العديد من القادة الغربيين يتفقون معه، وأشار جوزيب بوريل، كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي مؤخرًا إلى وجود “منطق” في استخدام احتياطيات النقد الأجنبي الروسي لإعادة بناء أوكرانيا، واستجابت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، لنداء زيلينسكي في دافوس بالإشارة إلى أن روسيا “يجب أن تساهم أيضًا” في إعادة الإعمار. وهذا ما يؤدي إلى إثارة الخطاب السياسي، ومع ذلك، فإن السر القذر في اجتماع المنتدى الاقتصادي العالمي الأسبوع الماض هو أن هذه النداءات العامة تسبب قلقًا خاصًا للعديد من النخبة المالية والشركات في دافوس، من الغرب وحلفائه.

هذا ليس بسبب عدم التعاطف مع محنة أوكرانيا، ولا فشل في الاعتراف بأن فاتورة إعادة الإعمار بعد الحرب ستكون ضخمة، وإنما تكمن المشكلة في الافتقار إلى الإجراءات القانونية الواجبة، وبينما يعتقد معظم الناس أن هناك حجة أخلاقية ساحقة لمساعدة أوكرانيا – ومعاقبة العدوان الروسي – فإن تجميد الأصول يختلف تماماُ عن إنفاقها.

إذا تم تنفيذ أي منهما بدون إطار عمل متسق وشفاف، فستواجه الحكومات الغربية إما سنوات من الدعاوى القضائية المكلفة أو ينتهي بها الأمر إلى تحطيم الثقة التي تدعم اقتصاداتها السياسية، وكما أشار زلينكسي نفسه، فإن “القيم” مهمة الآن أكثر من أي وقت مضى – لا سيما عندما تكون الأسواق مضطربة.

أشار أحد المستثمرين من صناديق الثروة السيادية غير الغربيين البارزين: “لقد قيل لنا منذ عقود ان الغرب يدعم سيادة القانون، واستثمرنا في الغرب على هذا الأساس.. هل هذا تمزق الآن؟ ما الذي من المفترض أن نفكر فيه؟ ” بالطبع، قد يجادل العديد من المراقبين الغربيين – والأوكرانيين – بأن هذا سؤال ثانوي الآن، بالنظر إلى أهوال الغزو الروسي، لكني أعتقد أن أولئك الذين يقلقون بشأن الإجراءات القانونية الواجبة لديهم وجهة نظر، إذن، كيف ينبغي حل هذا؟ يتدافع القادة بحثًا عن حلول.

وقالت فون دير لاين أمام المنتدى الاقتصادي العالمي الأسبوع الماضي “يعمل محامونا بشكل مكثف على إيجاد طرق ممكنة لاستخدام الأصول المجمدة”.

بشكل منفصل ، يدرس المحامون الغربيون المتعاطفون مع أوكرانيا الأدوات التشريعية الحالية لمعرفة ما إذا كان يمكن إعادة توظيفها لتحقيق هذه الغاية.

إحدى الأفكار المطروحة هي استخدام قوانين الضرر المدني الأمريكية الواسعة النطاق لتمكين أوكرانيا من المطالبة “بالتعويضات” من أصول القلة الثرية في الولايات المتحدة، وقيل لي إن نوعًا مختلفاً من هذا قد يحاوله المدعون في فرنسا وهولندا أيضًا.

فكرة أخرى هي استخدام عمليات التحكيم المرتبطة ببعض معاهدات الاستثمار المباشر غير المعروفة الموقعة بين روسيا وأوكرانيا في التسعينيات، والتي تخلق طريقة لفرض الأضرار في حالات الضرر الاقتصادي.

بشكل منفصل، يمكن للإدارة الأمريكية أن تسعى للحصول على سلطة تشريعية صريحة من الكونجرس لإدخال تشريع جديد يسمح بمصادرة أصول العملة الروسية، أو قد يستخدم الرئيس الأمريكي قانون سلطات الطوارئ الاقتصادية الدولية لعام 1977 لإعادة توزيع الأصول في البنوك الأمريكية، وربما الاعتماد على السوابق في الثمانينيات فيما يتعلق بإيران. انبثقت واحدة من أكثر الأفكار إثارة للاهتمام من كييف، التي صاغت بهدوء مذكرة تدعو إلى إنشاء لجنة جديدة للأمم المتحدة من أجل تجميد ومصادرة “دستوريين وقانونيين وشفافين وفعالين” للأصول العائدة لأولئك المرتبطين بالعدوان المسلح، وبينما يتم الاستشهاد بالحرب الحالية في أوكرانيا كمشروع تجريبي، فإن الفكرة – أو الأمل – هي إنشاء إطار عمل عالمي لاستخدامه في صراعات أخرى أيضاً.

النبأ السار هو أن هذا يُظهر اعتراف كييف بالحاجة إلى اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، يفكر بعض رجال الأعمال الأوكرانيين بالطريقة نفسها: قال الملياردير الأوكراني رينات أحمدوف الأسبوع الماضي إنه سيقاضي موسكو “للحصول على تعويض مناسب عن جميع التكاليف والإيرادات المفقودة” من تدمير أصوله في ماريوبول، مثل مصنع الصلب في آزوفستال.

والخبر الأفضل هو أنه من المرجح أن يتم الترحيب بأفكار أوكرانيا، ويقول أحد المحامين الغربيين، الذي اطلع على مسودة المذكرة: “المفهوم الأساسي لوجود إطار دولي يغطي العقوبات يمكن أن يؤدي إلى تحسين نظانم فرض العقوبات الحالي إلى حد ما”.

لكن النبأ السيئ هو أن الفيتو الروسي في مجلس الأمن سيجعل من الصعب تشكيل لجنة تابعة للأمم المتحدة، كما أن فكرة استخدام قانون الطوارئ الأمريكية لعام 1977 مثيرة للجدل من الناحية القانونية، ومن المرجح أن يكون تمرير أي تشريع أمريكي بسرعة أمراً صعباً، وما لم يتم إلغاء مفهوم الإجراءات القانونية وحقوق الملكية، فمن المحتمل أن تظل الأصول الروسية مجمدة لسنوات عديدة أو ستنشأ معارك قانونية لا نهاية لها.

لا يوجد أي من هذه الاحتمالات جذابة عند النظر إليها من بعد، لكن يمكن القول إن الأخيرين هما الأقل سوءًا. ما لم يكن بإمكان فون دير لاين الآن العثور على عملية قانونية، أو الأفضل من ذلك، أن تتبنى الأمم المتحدة أفكار أوكرانيا المعقولة، في كلتا الحالتين، الشيء الوحيد المؤكد هو أن المحامين سيجنون قريبًا رسومًا باهظة، وهنا تكمن حقيقة الحرب الاقتصادية الحركية في القرن الحادي والعشرين.

بقلم: جيليان تيت، رئيس هيئة التحرير والمحرر العام لصحيفة “فاينانشال تايمز” بالولايات المتحدة.

المصدر: صحيفة “فاينانشال تايمز”.