“الرقابة “تعقد دورات تدريبية على إدارة المخاطرللعاملين في القطاع المالى غير المصرفي
في أسواق المال التي تتعرض فيها الأوراق المالية إلى تذبذبات غير مفهومة أو ضغوط دائمة تقلل من فرص الربح، تظهر الحاجة الملحة إلى رافعة مالية يمكن من خلالها مضاعفة الربح، ولكن يأتي ذلك على حساب معامل مخاطر مرتفع أيضاً، إذ يمكن أن يؤدى رهان خاطئ إلى مضاعفة الخسائر.
وشهدت البورصة المصرية ظهور ما كان معروف بـ “الكريديت البلدي”، أو عمليات تسليف تقدمها شركات الوساطة للمستثمرين بدون عائد بهدف مضاعفة حجم تداولاتها اليومية أو كما هو دارج فى القطاع بـ “البرنت”، ما كان يؤثر على ملاءتها المالية ويعرض السوق ككل إلى مخاطر فى التسوية، وكان سبباً في ظهور صندوق ضمان التسويات، ووضع قواعد للملاءة المالية لـ”شركات السمسرة” ترسل يومياً وإسبوعياً إلى الجهات المنظمة للسوق للقضاء على مثل هذه الممارسة.
ومع غلق هذا الباب، اندفع المستثمرين إلى عقود المارجن “الهامش”، لتمويل عمليات الشراء قصيرة الأجل مقابل فائدة متفق عليها أو حجم دوران معين للمحفظة – كأحد صيغ التمويل الإسلامية وفقاً لوصف شركات السمسرة أنفسها – إلا أن التنظيم ظل متوقفاً عند هذا المستوى دون معرفة حجم التمويل الممنوح أو عدد الأفراد الذين حصلوا على هذه الصورة من التمويل أو نسب التركز فى الأوراق المالية محل التعامل بالمارجن، أو أى مؤشرات قياس أخر، ليظل سوق المال المصري مدفوعاً بأمرين، إما التفريط والفوضى من جانب أو الإفراط والتشديد الرقابي الخانق للتعامل من جانب آخر.
مصادر: الهيئة تدرس صيغ التمويل الحالية وفتح فرص أوسع للشركات لتمويل عمليات الشراء بالهامش
ورصدت “جريدة البورصة” رد فعل شركات السمسرة على التحركات الأخيرة للرقابة المالية على تنظيم هذه العمليات، فى ظل إجماع على ضرورة ابتكار البنوك لمنتج تمويل ائتماني جديد يخص عمليات الشراء بالهامش بعيدًا عن تمويلات “DVP” أو العقود الثلاثية، بعد ظهور عوائق تمويلية يتسبب فيها عدم وجود ضامن لشركة السمسرة في حالات الاقتراض بشكل مباشر.
واقترح بعض المتعاملين تخفيض نسب الفائدة التي تحصل عليها شركات التخصيم كبديل للاقتراض المباشر من البنوك، وهو ما تستبعده البنوك نظرًا لما تراه من مخاطر فى تمويل عمليات المارجن بسوق المال، وتحديدًا بعد حالة أحد البنوك الخاصة التي توسعت في تمويل عمليات المارجن بعض العملاء الأفراد وهو ما انعكس سلبًا على أدائها بسبب انفجار فقاعة أسهم الأفراد أو المضاربات، خلال العام الماضي.
قال محمد فتح الله، العضو المنتدب لشركة بلوم لتداول الأوراق المالية، إن تمويل شركات السمسرة لعمليات الشراء بالهامش يواجه عائقا كبيرا، مع عزوف البنوك عن تقديم أي تمويلات مباشرة بدون تفسير واضح، نظرًا أن هذه الآلية متاحة في أغلب أسواق المال حول العالم، ولكن لا توجد هذه الشروط سوى في مصر فقط.
فتح الله: عزوف البنوك عن تقديم أي تمويلات مباشرة للشركات يجب أن ينتهي
أضاف أن تجربة التمويل عبر شركات التخصيم أو من خلال العقود الثلاثية تكون باهظة التكلفة بل وتتجاوز أحيانًا الفائدة على التمويل نحو 20%، ولذلك يجب الوصول لحل بين البنك المركزي المصري، والهيئة العامة للرقابة المالية، والضمانات التي ستطلبها البنوك سيتم توفيرها بشكل أو بآخر.
وقال معتز عشماوي، العضو المنتدب لشركة عربية أون لاين لتداول الأوراق المالية، إن تمويل عمليات المارجن بالنسبة للمستثمرين الأفراد يواجه عقبات كبيرة، خاصة عقب إعادة تقييم المخاطر في السوق بسبب التوسع من أحد البنوك في هذا النوع من التمويل بالتوازي مع الطفرة في أسهم المضاربات.
وأوضح أن إدارة المخاطر والائتمان في البنوك وشركات السمسرة أصبح من الواجب عليها أن تكون أكثر مرونة في التعامل مع المتغيرات المستمرة فى أداء الأسهم بالسوق، لتقليل المخاطر المرتبطة بهذا النظام الذي يتصف بأنه عالي المخاطر.
يعقوب: تمويلات البنوك لعمليات الشراء بالهامش بأي شكل أصبحت أكثر تقييدًا
أوضحت رانيا يعقوب، رئيس مجلس إدارة شركة ثري واي لتداول الأوراق المالية، أن تمويلات البنوك لعمليات الشراء بالهامش بأي شكل، أصبحت أكثر تقييدًا مما كانت عليه في أوقات سابقة، بعد ما وصفته بـ”الفوضى” في الموافقة على تمويل بعض العملاء على أسهم بعينها.
عزت انهيار السوق خلال عام 2021 إلى كيفية استخدام أداة الشراء بالهامش وإدارتها من قبل البنوك وشركات الوساطة التي كان يجب عليها تقييم الوضع وتقلبات السوق المستمرة.
أوضحت أن شروط شركات التخصيم، الخاصة باختيار أسهم بعينها، تجعل هناك صعوبة كبيرة في تفعيل عمليات التمويل بجانب التكلفة المرتفعة من ناحية أخرى.
أضافت أن تفعيل دور إدارات المخاطر في شركات السمسرة وزيادة الوعي عبر الدورات المستمرة من الهيئة العامة للرقابة المالية جهد مشكور وسينعكس على أداء السوق في الفترة المقبلة.
عشماوي: نحتاج مرونة أكثر في التعامل مع متغيرات أداء الأسهم بالسوق
قال ياسر المصري، العضو المنتدب لشركة العربي الإفريقي لتداول الأوراق المالية، إن شركات السمسرة تصطدم منذ فترة طويلة بمنع تمويل البنوك لها بشكل مباشر لكي تقوم بتوفير السيولة المطلوبة لعمليات الشراء بالهامش للعملاء، في شكل قروض أو بأي شكل آخر، باستثناء تمويل خطوط “DVP” للمؤسسات وصناديق الاستثمار، حتى موعد التسوية نظرًا لعدم وجود ضامن في حالة إقراض شركة السمسرة.
اقترح أن تقترض الشركات القابضة التي لديها شركات سمسرة تابعة وتقوم هي بإقراضها، موضحًا أن العقد الثلاثى بين أمين الحفظ وشركة الوساطة والعميل هو البديل الوحيد، أمام شركات السمسرة ومتاح في بعض البنوك حاليًا.
ذكر أن شركات التخصيم لديها مشكلة في التمويل عبر العقود الثلاثية، نظرًا لعدم إصدار رخصة أمين حفظ للشركات تمكنها من تأمين الأسهم التى يتم التعامل عليها بآلية الشراء بالهامش.
وقال مصدر رفيع المستوى بالرقابة المالية، إن الهيئة ستعمل على تدريب جميع المتعاملين في القطاع المالي غير المصرفي على إدارة المخاطر، إذ لن يقف الأمر على العاملين في إدارات الائتمان والمخاطر فقط، كما تعهد بأن الهيئة ستنظر في الأدوات المتاحة لتمويل مثل هذه العمليات في السوق، وعمل مؤشرات ومحددات تكشف مكامن الخطر، ولن تضع معوقات تشريعية تقيد السوق.








