يكافح مستثمرو التكنولوجيا فى الهند من أجل تسييل أصولهم بشكل مربح بعد تراجع التمويل من مستوياته المرتفعة القياسية أثناء وباء “كورونا”.
وتشير شركة “تراكسن” لتزويد البيانات إلى انخفاض تمويل رأس المال المغامر الأجنبى للتكنولوجيا الهندية فى 2022 بنسبة بلغت 40%، مقارنة بالعام السابق، ليهبط إلى 25.7 مليار دولار، كما قلصت شركات استثمارية بارزة، بما فيها صندوق “تايجر جلوبال”، و”سوفت بنك”، و”سيكويا كابيتال”، مستوى استثماراتها بأكثر من النصف.
ولم يكن التراجع فريداً بالنسبة للهند، التى كانت عمليات جمع الأموال والتقييم فيها أقوى مما كانت عليه فى المناطق المجاورة فى جنوب شرق آسيا، حتى فى الأسواق الناضجة كالولايات المتحدة، لكنه أوقف النمو السريع لسوق تم الترويج لها منذ فترة طويلة باعتبارها أفضل فرصة فى عالم التكنولوجيا والتى قد تعيد توليد العوائد المرتفعة التى كانت تولدها الصين التى من المنتظر أن تتفوق عليها الهند فى التعداد السكانى هذا العام.
ووجد مستثمرو الأسواق الخاصة أنفسهم غير قادرين على الخروج من استثماراتهم بشكل مربح بعد توقف نشاط التمويل وإلغاء عمليات الطرح العام الأولية، وأدى نقص رؤوس المال بدوره إلى إجبار الشركات الناشئة على الحد من أنشطتها التجارية وخفض عدد موظفيها.
ووصف سانديب مورثى، الشريك فى شركة لايتبوكس فينتشرز لرأس المال المغامر، الهند بأنها كانت “مثل مراهق مجنون شب عن الطوق بسرعة كبيرة جدا”، مضيفاً أن “أولئك الذين استثمروا فيها قلقون باستمرار بشأن نقص السيولة”.
وذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز”، أن حملة بكين على شركات التكنولوجيا الصينية خلال الوباء آثارت مخاوف المستثمرين الذين أعادوا توجيه أموالهم إلى الهند وجنوب شرق آسيا، فقط ليضطرهم التضخم العالمى وأسعار الفائدة إلى إعادة التفكير فى أوضاعهم.
وفى الوقت نفسه، تضررت بشدة شركات التكنولوجيا التى بدأت الإدراج فى سوق الأسهم عام 2021، فقد انخفضت أسهم “بيتيم”، و”زوماتو”، و”نايكا”، أكثر من 40% خلال العام الماضى، حتى مع ارتفاع مؤشر “سينسكس” المعيارى الهندى بنحو 2%.
وقال سونيل كايتان، رئيس أسواق المال لجنوب شرق آسيا فى بنك أوف أمريكا: “تجاوزت الهند الوفرة التكنولوجية لفترة أطول حتى من الولايات المتحدة”، مضيفاً أن “سؤال المليار دولار” هو ما إذا كان المستثمرون الدوليون سيتغلبون على هذه الدورة أم أنهم يشعرون بالإرهاق الكافى للانسحاب.
ويقول أصحاب رأس المال المغامر إن عدم وجود مخارج يشكل مصدر قلق خاص، حيث يقترب كثير من الصناديق التى تركز على الهند من نهاية دورات حياتها، وهذه هى النقطة التى يجب أن يسددوا عندها للمستثمرين، كصناديق التقاعد والمكاتب العائلية.
وذكرت شركة “أوربت ستارت أبس” لرأس المال المغامر على لسان مديرها الإدارى، وليام باو بن، أنها لم تستثمر فى الصين لمدة ثلاثة أعوام، لكنها أبطأت أيضا وتيرة الاتفاقيات فى الهند، حيث يوجد لديها 55 استثمارا.
وأضاف بن أن “أوربت” أبرمت أخيرا مزيدا من الاتفاقيات فى باكستان وبنجلادش وأمريكا اللاتينية، وقال إن “أحد التحديات هو أن الأسواق لديها ذاكرة قصيرة وليس لدى الهند ذاكرة كبيرة، لأن هذه هى أول دورة تكنولوجية لها”، مضيفاً أن التصحيح فى الأسواق الخاصة الهندية “لا يغير حقيقة أن الهند تمر بتحول مذهل على صعيد الاقتصاد المدفوع بالتكنولوجيا.. بوصفنا مستثمرين على المدى الطويل، نحن متفائلون”.
وبالفعل، شهدت سوق الهند انتعاشاً بطرق أخرى، ومن المتوقع أن ينمو اقتصاد الهند أكثر من 6% عام 2023، كما أنها تروق للمستثمرين كبديل ملائم بالنسبة لبكين خلال فترة التوترات المتصاعدة حالياً بين الولايات المتحدة والصين.
ونتيجة لذلك “سيكون هناك رؤوس أموال قادمة إلى الجنوب”، بحسب أندريا كامبانيولى، وهو شريك فى شركة “باين آند كومبانى”.
وتشير أبحاث “باين” إلى أن الانخفاض فى صفقات الاستثمار المغامر والأسهم الخاصة فى الهند العام الماضى لم تكن بحجم الانخفاض نفسه فى الصين وجنوب شرق آسيا.