فى عام 2022، شهد الاتحاد الأوروبى طفرة قياسية فى طاقة الرياح والطاقة الشمسية، وتم بيع ثلاثة ملايين مضخة حرارية.
والآن، فإن نحو واحدة من كل 4 سيارات جديدة أصبحت كهربائية، وهذا بفضل الصفقة الأوروبية الخضراء.
وعملنا لإنهاء واردات الوقود الأحفورى الروسي، ومن المتوقع أن تتسارع هذه الاتجاهات هذا العام.
لكن أوروبا لن تضمن أمنها في مجال الطاقة وتحقيق طموحاتها المناخية إلا إذا حافظنا على وتيرة سريعة في نشر مصادر الطاقة المتجددة وتحويل الاقتصاد للاعتماد على الكهرباء.
ومع ازدهار العرض والطلب في مختلف أنحاء أوروبا، يتعين علينا الآن أن نضمن إمكانية تسليم الكهرباء النظيفة إلى مختلف أنحاء القارة. وكي يحدث هذا، يجب أن تكون البنية التحتية للطاقة لدينا جاهزة.
شبكاتنا البالغ طولها 11 مليون كيلومتر تحتاج إلى النمو، والتغيير لتلبية الطلب المتزايد، ومن المتوقع أن يرتفع استهلاك الكهرباء بنحو 60% من الآن وحتى عام 2030.
ستحتاج الشبكات إلى نقل قدر من الطاقة المتجددة المتقطعة، والتكيف مع نظام كهرباء أكثر لامركزية، فمع توزع الموارد على جهات عدة فى ظل وجود ملايين من الألواح الشمسية على الأسطح والمركبات الكهربائية، والمحللات الكهربائية التي تنتج الهيدروجين الأخضر، سنحتاج إلى المرونة والسرعة والتنوع، والرقمنة.
واليوم، يمكن أن تواجه مشاريع الطاقة المتجددة المكتملة فترات انتظار طويلة لتوصيلها بالشبكة. ويمكن أن يستغرق الحصول على تصاريح الدخول للشبكة ما يصل إلى 10 سنوات.
عندما لا يكون ثمة يقين بشأن الجداول الزمنية للاتصال بالشبكة أو تكاليفه، يتم ببساطة التخلى عن مشاريع التوليد المخطط لها.
وحتى محطات الطاقة المتجددة القائمة غالبًا ما تتعرض للعقوبات.
فغالباً ما تكون الألواح الشمسية هي التكنولوجيا الأولى التي يتم إيقاف تشغيلها عندما تكون الشبكات محملة بأكثر من طاقتها، لأنها مرنة وسهلة الإدارة. وذلك هدر ومكلف.
في جميع أنحاء أوروبا، تتأخر مشاريع الربط البيني للشبكات بسبب تجاوز التكاليف والتضخم وارتفاع أسعار الفائدة. ولكن من خلال التركيز بشكل أقوى على شبكات النقل والتوزيع، يستطيع الاتحاد الأوروبى تحويل أى تحدى محتمل إلى فرصة للاقتناص.
لقد أدى الإطار التنظيمي للاتحاد الأوروبي إلى تقليل طول إجراءات الترخيص لمشاريع نقل الكهرباء ذات الأولوية لأقل من ثلاث سنوات ونصف فى المتوسط.
وقد أدى تشريع الطوارئ الذي تم تقديمه العام الماضى إلى تسريع عملية الترخيص لمشاريع الطاقة المتجددة الجديدة، وإذا تم توسيعه ليشمل اتصالات الشبكة الأوسع، فيمكن أن يساعد في تسريع التقدم، دون التقليل من الضمانات البيئية.
ومن شأن مزيد من المساعدة التقنية وتبادل أفضل الممارسات أن يساعد الإدارات فى البلدان المختلفة على التحرك بشكل أسرع.
يجب علينا أن نستثمر أكثر وأفضل. تحتاج أوروبا إلى استثمار 584 مليار يورو فى شبكاتها بحلول عام 2030.
وهناك سبل لاستكشافها، وفى يوليو، قام بنك الاستثمار الأوروبى بزيادة التمويل بنسبة 50% للمساعدة في تعبئة أكثر من 150 مليار يورو فى استثمارات خضراء جديدة.
علاوة على ذلك، يمكن لتصنيف الاتحاد الأوروبي للأنشطة المستدامة أن يوفر فرصًا لزيادة الجاذبية المالية لمشغلى النقل والتوزيع.
ومن شأن التوصل إلى اتفاق سريع بشأن إصلاح سوق الكهرباء المقترح أن يساعد أيضًا في تغيير آليات دفع المستحقات لمشروعات الشبكات، مما يعزز الاستثمارات الاستباقية.
ويتعين علينا أيضاً أن نحرز تقدماً في مجال الربط البينى عبر الحدود حيث لا يزال متخلفاً عن الركب، رغم مستهدف الـ15% الذى حددته، وهذا من شأنه أن يزيد أمن المعروض من الكهرباء النظيفة ويخفض الأسعار.
وأخيرا، لا ينبغي لنا أن نقلل من شأن الفرص الصناعية والتجارية المتاحة لأوروبا. أكبر ثلاث شركات مُصنعة للكابلات في العالم أوروبية. وهناك حاجة إلى تحسين المواءمة بين الاستثمار فى الشبكات وفى قدرات التصنيع.
وإذا عززنا قدرتنا الصناعية، وقمنا بتوسيع مجمع العمالة الماهرة وتحسين سلاسل التوريد، فسيكون لذلك تأثير إيجابي من حيث الوظائف والنمو.
كبداية، سيدعم قانون صفر الانبعاثات فى الاتحاد الأوروبي تصنيع الكابلات إلى جانب التقنيات النظيفة الأخرى، لأسواقنا المحلية وأسواق التصدير. وبهذه الطريقة، يمكن للصناعة الأوروبية أيضًا الاستفادة من الطفرة العالمية فى الاستثمار في الشبكات – فهناك حاجة إلى 80 مليون كيلومتر من الشبكات الجديدة في جميع أنحاء العالم بحلول عام 2050.
إن الإجابة على تحدي الشبكة لا تعني بالضرورة “مزيد من الكابلات والخطوط”.
ثمة طرق لتعزيز الشبكات دون بناء مزيد من البنية التحتية.
وتشير “خطة عمل رقمنة الطاقة” الصادرة عن المفوضية الأوروبية إلى حلول مختلفة. يمكن أن يكون التخزين المرن وحلول الاستجابة للطلب أمرًا بالغ الأهمية.
تواجه أوروبا تحديا أساسيا فى ضمان استقلالها فى مجال الطاقة وتحقيق أهدافها المناخية.
لقد حان الوقت لتحويل اهتمامنا من الأهداف والقواعد إلى التنفيذ، وهذا يعني وضع مسألة الشبكات فى قلب المناقشة، لأن تحديث شبكة الكهرباء من شأنه أن يربط أوروبا بمستقبل مستدام.
بقلم: كادري سيمسون
مبعوثة الاتحاد الأوروبى للطاقة
المصدر: فاينانشيال تايمز