الجنيه قد ينخفض إلى ما بين 40 و45 جنيها للدولار خلال الربع الأول
قال تقرير صادر عن بنك “إتش إس بى سى”، إن رفع صندوق النقد حصص الدول الأعضاء 50%، سيضيف لخط تمويل مصر نحو 8 مليارات دولار حتى حال ظل حد السحب الأقصى عند 650% من الحصة.
أضاف أن ذلك بجانب برنامج جديد أو توسيع البرنامج الحالى قد يقدم دعم فورى للاحتياطيات، فى الوقت نفسه، فإن سيطرة المقرضين متعددى الأطراف على الدين الخارجى لمصر تفسح المجال أمام مناقشات هيكلة الديون.
لكنه ذكر أن هناك تحديات بشأن السقف الذى بوسع مصر، التى أصبحت ثانى أكبر مقترض من الصندوق فى غضون 7 أعوام، اقتراضه، وكذلك مدى تمسك البنك المركزى بسعر الصرف المربوط.
وقال إن وضع الدين فى مصر سيكون محل تقييم، فمنذ آخر مراجعة فى ديسمبر 2022، حينما صنفه الصندوق بأن فرص الإخفاق ليست مرتفعة تغيرت الكثير من الأمور إذ تباطأ النمو، كما تشير بيانات الربع الأول من العام كما أن فوائد الدين تجاوزت كل الإيرادات.
وقال البنك إنه على المدى الطويل، متفائل بمستقبل النمو فى مصر، متوقعًا أن يكون حول 5% أو أكثر، وأن تكون ديناميكيات النمو متجهة أكثر نحو توليد العملة الأجنبية بدعم من ارتفاع صادرات السلع والخدمات والتحويلات والاستثمار الأجنبى المباشر.
لكنه ذكر أنه على المدى القصير فإن مستوى الثقة هو ما سيحدد شكل الأساس وهو ما يرتبط بمدى توافر السيولة الأجنبية والتعاملات الخارجية.
وقال البنك إن توقعاته لمصر لم تختلف كثيرًا ويظل الجنيه هو المحدد الأساسى لها، ورجح أن تتخذ مصر خطوة تخفيضه خلال الربع الأول من 2024 فى خطوة من شأنها إعادة برنامج مصر مع الصندوق فى ظل تحقيق فوائض أولية والتقدم فى مبيعات الأصول.
وخفض البنك توقعاته لسعر الجنيه ليصبح ما بين 40 و45 جنيها للدولار خلال الربع الأول من 2024، مقابل 35 و40 جنيها فى توقعاته السابقة، ما يؤدى لرفع التضخم أيضًا عن التقديرات ويحفز رفع الفائدة من قبل البنك المركزى.
أضاف أن السياسات المالية ربما عليها أن تكون أكثر تشديدًا، لمواجهة خدمة الدين التى تسجل مستويات تاريخية، وهو ما يؤدى لإبقاء النمو ضعيفًا، ورغم الألم الاقتصادى فى تلك التوقعات لكن البنك يراها استعادة منظمة للتوازن وتقودها السياسات، ومدعاة للتفاؤل لأنها ستلبى شرط أساسى للتوسع الأكبر.
وقال محللو البنك إنه رغم أن رؤيتهم التى تمسكوا بها لفترة طويلة تظل قائمة، لكن هناك الكثير الذى يجعلهم يتوقفون لبرهة، فى ظل وعيهم بصعوبة التنبؤ بمستقبل عملة متقلبة ويتم إدارتها بشكل مكثف، ورغم أنهم يتوقعون تراجع السعر الرسمى للجنيه 30%، بما يعمق خسائر الجنيه إلى 60% خلال آخر عامين لكن الجنيه فيها مازال أقوى من السوق الموازية، كما أن توقيت خفض العملة من الصعب التنبؤ به.
أوضحوا أنه قد يكون منطقيًا بالنسبة لهم إجراء الخفض بمجرد الانتهاء من الانتخابات الرئاسية، لكن العديد من الفرص سنحت العام الماضى ولم تتم تلك الخطوة، وهناك شكوك بشأن الأهمية التى يوليها البنك المركزى وصندوق النقد لإجراء إصلاح الجنيه على المدة القصير، فى ظل عدم اليقين بشأن أولويات السياسة والاحتياجات التمويلية والقدرة على الوصول للدعم.
أضاف التقرير أنه فى وقت سابق، بدت مصر وكأنها قد بلغت ذروة الحصول على تمويل جديد، وكانت تعانى لتطبيق إصلاحات قاسية، لكن يبدو الآن هناك مجال للحصول على دعم بشروط سخية.
أضاف أنه حال تحقق ذلك الاحتمال، قد تقل العقبات ومخاوف إعادة هيكلة الديون قد تختفى، ولكن لحدوث تحول فى الرؤية المستقبلية، فإن إجراءات إصلاحية وتدفقات نقدية يجب أن تكون على نطاق كاف لتغطية فجوة التمويل واستعادة الثقة فى الجنيه وهى مهمة صعبة فى ظل التضخم المرتفع والنمو الضعيف وارتفاع عجز الموازنة والدين العام الكبير، والطلب المعلق على الدولار بعد عام من القيود على استخدامه.
أضاف البنك أنه رغم عدم تحقيق مصر لتقدم متوازن على صعيد الإصلاحات بما يكفى لتدفق التمويلات، لكن آفاق الدعم الإضافى زادت بعد الحرب فى غزة، وذلك يرجع جزئيًا لتعويض مصر عن تضرر قطاع السياحة، وأيضَا دعم الدور الحيوى الذى تلعبه فى احتواء الحرب، وتأكد أهمية دور البلاد بعدما كانت مؤثر فى الوصول لاتفاق الهدنة فى نوفمبر، وتسهيل دخول المساعدات للقطاع، وتبادل الأسرى، وهو ما يجعل مصر مركز معظم جهود دعم الأمن وإعادة البناء بمجرد انتهاء تلك المرحلة من الحرب.
وأشار إلى أن لم يكن هناك تعهد صريح بذلك، لكن صندوق النقد كان واضحًا فى دعمه لمصر منذ بداية اندلاع الحرب، وامتدح التقدم المحرز فى الإصلاحات رغم الظروف الصعبة، وأكد أنه يدرس بجدية زيادة الدعم المقدم لمصر.
وقال البنك إن بيانات الحساب الجارى تعكس انخفاض العجز إلى أقل من 2% من الناتج المحلى خلال العام المالى الماضى، بدعم من نمو الناتج المحلى وتحقيق أدنى عجز منذ 2007.
لكنه قال إنه متشكك من أن ذلك التحسن هو تقييد للطلب على الواردات وتحويل الشركات للدولار إلى الخارج، وإنه رغم ذلك أيضًا فإن هناك علامات استفهام على نمو الصادرات البترولية الذى ظل قويًا رغم تحديات الوصول للعملة الأجنبية، وكذلك ارتفاع الاستثمار الأجنبى المباشر 12% رغم المشكلات الحادة التى تواجه الشركات بشأن السيولة الدولارية.
وقال البنك إنه من الصعب الجزم بما ستؤول إليه إيرادات السياحة فى ظل الحرب فى غزة، لكن حال ظل تحت السيطرة، فإن التأثير سيكون ضعيف، ومصر أثبتت قدرة فى الماضى أنه حتى أثر التهديدات المباشرة للأمن تخفت سريعًا.
وذكر البنك أن بعض تحويلات المصريين بالخارج قد تكون تسربت للسوق غير الرسمية لكن ميزان السهو والخطأ مازال منخفضًا ما يعنى أن المصريين فضلوا الانتظار حتى استقرار الجنيه.
أوضح أن ذلك رغم أنه يعد عقبة لكنه يرجح أنه حال تم استعادة الثقة فى العملة، وعادت السيولة لطبيعتها فإن التدفقات قد تعود بقوة.
وذكر أن تقدير حجم التدفقات اللازمة صعب، لكن البرنامج الحالى لمصر مع الصندوق حدد الاحتياجات التمويلية بقيمة 53 مليار دولار خلال العامين الماليين الحالى والمقبل، ورغم أن استمرار انخفاض عجز الحساب الجارى يخفض تلك الاحتياجات لكن مازال أمام مصر حاجة لسداد 36 مليار دولار خلال العامين المقبلين، ترتفع إلى 40 مليار دولار إذا لم يتم تجديد ودائع الخليج، وتصل إلى 52 مليار دولار باحتساب الفوائد.
أضاف أن هناك أيضًا طلب مُعلق على الدولار، رغم أنه سينخفض بمجرد تلبية احتياجات السوق لوجود طلب اكتنازى، لكن عند احتساب المبالغ المطلوبة للبضائع فى الموانىء وتوزيعات الأرباح، وتحويل النفقات الرأسمالية ومتأخرات مستحقات الموردين سيكون الرقم كبيرًا.
أوضح أنه أيضًا يجب الأخذ فى الاعتبار أن برنامج مصر مع مع صندوق النقد الدولى رجح جمع 30 مليار دولار من الأسواق العالمية سواء عبر تدفقات استثمارات المحافظ المالية أو طروحات السندات والصكوك طويلة الأجل.
تابع: “بدون مبيعات أصول واسعة النطاق، سيكون من الصعب تغطية الاحتياجات التمويلية”.
وقال إن الأفراد والشركات الخاصة يملكون ودائع دولارية بقيمة 50 مليار دولار قد يبيعوا جزءًا منها لجنى الأرباح، لكن ذلك سيحدث فقط إذا حدث تعويم موثوق وذو مصداقية.
وتوقع أن تكون المبيعات فى حدود الـ8 مليارات التى تراكمت فى أرصدة ودائع الأفراد والشركات خلال آخر عامين.
وذكر البنك أنه بناء على ما سبق، فإن مصر سيزيد اعتمادها على التمويلات من المؤسسات والدولار، وأن هناك بعض الارتياح من مستوى الدعم الذى تتلقاه من جهات دولية عدة لكن ليس هناك إطار عمل واضح للحصول على الدعم أو التمويل.
وأشار إلى أن دول الخليج لديها مساحة لتقديم مزيد من الدعم، وذلك قد يعطى البنك المركزى أدوات للتعامل مع الطلب المُعلق واستعادة الثقة، لكنه ذكر أنه حتى الآن لا يوجد إشارات على وجود دعم استباقى من المنطقة.