قال الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، إنه لكى نتجاوز الأزمة الاقتصادية فإن ذلك سيكون خلال عام 2024 وجزء من العام القادم 2025، حتى نستطيع أن نتعافى من هذه الأزمات ونعود لما كنا عليه فى 2021.
وأضاف رئيس الوزراء: “مصر دولة كبيرة يصل تعداد سكانها إلى 105 ملايين نسمة، بالإضافة إلى 9 ملايين ضيف على أرض مصر، وهو ما يعنى أننا نتحدث عن دولة يسكنها 115 مليونا، وكل مواطن له الحق فى الحصول على الخدمات والسلع والمنتجات وفرص عمل وجودة حياة”.
وأوضح أن المواطن يريد أن يعرف رؤية الحكومة خلال الفترة القادمة وما هى خطة التحرك لتجاوز هذه الأزمة الاقتصادية، مضيفا: الحكومة تتابع آراء جميع الخبراء فى هذا المجال، وأن المواطن تحمل مع الحكومة بهدف تخفيف وتقليص فجوة الدعم الموجودة، ومؤكدا أن هدف الحكومة الآن هو عدم اتساع فجوة الدعم، حيث تعمل الحكومة على الإبقاء عليها وتثبيتها.
وأشار رئيس الوزراء إلى أنه فيما يتعلق بوضع الاقتصاد المصرى فإن الدولة مع الإصلاح الاقتصادى الذى تم تنفيذه، ووفقا للخبراء فإن أى اقتصاد يتم تقييمه على أنه اقتصاد ناجح وجيد، وفقا لثلاثة معايير هى: التضخم، والنمو، والبطالة، فكلما قلت معدلات البطالة والتضخم دل ذلك على أن الاقتصاد جيد، وكلما زادت نسبة النمو عكس ذلك أيضا أن الاقتصاد جيد.
وأوضح أن الاقتصاد المصرى مع تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى حتى عام 2021 كان قد حقق هذه المعادلة السحرية، فاستطعنا تحقيق أعلى معدل نمو وأقل معدل تضخم وأقل نسبة بطالة، وكان الاقتصاد المصرى حتى عام 2021 يحقق كل هذه المستهدفات، وتابع قائلا: التطورات التى حدثت بعد عام 2021، والأزمة العالمية الخانقة التى نتجت عن زيادة معدلات التضخم العالمية والحرب الروسية والأوكرانية وكل ما نواجهه اليوم حول حدودنا وفى المنطقة، هو ما تسبب فى وجود التضخم بنسب كبيرة للغاية.
واستطرد رئيس الوزراء بقوله: نُجرى مناقشات كثيرة مع كل خبراء الاقتصاد حول كيفية استعادة المسار الإصلاحى وعودة الاقتصاد المصرى مرة أخرى ومتى يحدث ذلك، مشيرا إلى أن الاقتصاد المصرى – أو أى اقتصاد- يعتمد فى الإصلاح على 3 محاور هي: السياسة المالية والسياسة النقدية والإصلاحات الهيكلية، موضحا أن السياسة المالية هى التى تختص بها الحكومة وتحديدًا وزارة المالية التى تعمل ضمن أمور أخرى على التحكم فى معدلات الدَين وترشيد الإنفاق الحكومى.
كما أوضح الدكتور مصطفى مدبولى أنه بالنسبة للدَين – قبل عام 2021 – كان مساره نزوليا بصورة كبيرة، وكانت مستهدفات الحكومة خفض الدَين – فى 2020-2021 – إلى أقل من 75% من الناتج المحلى الإجمالى، مُضيفًا أنه طبقًا للمعايير الصحية، عندما تكون نسبة الدَين أقل من 75% فى دولة ما، يعكس ذلك أن اقتصاد هذه الدولة هو اقتصاد سليم وصحى وقادر على الانطلاق والنمو بصورة كبيرة للغاية، مؤكدًا أن مصر كانت على بُعد خطوات قليلة للغاية لتحقيق هذا الأمر لولا حدوث الأزمة العالمية وما صاحبها من زيادة فى معدلات التضخم، لكن الدولة استطاعت استيعاب جزء كبير من هذا التضخم، وزاد الدَين فى صورة زيادة للدعم بشكل كبير حتى لا نُحَمِّل كل ذلك على المواطن، فيما عادت مرة أخرى مؤشرات الدَين للزيادة، ففى آخر سنة ارتفعت نسبة الدَين مرة أخرى لـ95% من الناتج المحلى الإجمالي، ومع ذلك الدولة تضع اليوم خطة واضحة لمسار 5 سنوات قادمة، تستهدف الوصول تدريجياً إلى ما دون 80% بنهاية الـ 5 سنوات، حيث تتضمن هذه الخطة العديد من الإجراءات والمحددات الواضحة، التى تسهم فى زيادة حجم الإيرادات وتخفيض حجم المصروفات.
وفيما يتعلق بالمحور الثانى الخاص بالسياسة النقدية، أوضح رئيس الوزراء أن الاختصاص فى هذا الشأن يرجع إلى البنك المركزى المصري، مشيراً إلى أن الشغل الشاغل للبنك هو كيفية مكافحة التضخم، والتقليل من معدلاته، من خلال تنفيذ العديد من الآليات، من بينها ما يتعلق بسعر الفائدة، وسعر الصرف، مؤكداً فى هذا الصدد على التنسيق الكامل بين الحكومة والبنك المركزي، وما يتم من لقاءات واجتماعات أسبوعية، بهدف الوصول بالتضخم بحلول عام 2025 إلى ما دون 10%، وهو ما سينعكس على مختلف مؤشرات الدولة.
وعن المحور الثالث، الخاص بالإصلاحات الهيكلية، لفت رئيس الوزراء إلى أننا نستهدف من خلال تطبيق هذه الإصلاحات، جعل الاقتصاد المصرى قادر على مواجهة أى صدمات عنيفة من الممكن أن تحدث، مضيفاً: يتم ذلك من خلال التركيز على قطاعات الاقتصاد المستدامة التى لا تتأثر بتلك الصدمات، والسعى لنمو هذه القطاعات، والتى من بينها قطاعات الصناعة، والزراعة، والمشروعات الإنتاجية، لافتا فى هذا الصدد إلى أن الدولة المصرية على مدار العام ونصف العام الماضى نفذت مجموعة كبيرة من الإصلاحات، تضمنت إقرار العديد من الحوافز، وتعديل قانون الاستثمار، وتشكيل مجلس أعلى للاستثمار، وتطبيق الرخصة الذهبية، وغير ذلك من القرارات والإجراءات التى تسهم فى تشجيع وجذب الاستثمارات لمختلف القطاعات.
وتطرق رئيس الوزراء، خلال حديثه، إلى وثيقة سياسة ملكية الدولة، التى تنفذ حالياً، وكذا ملف الطروحات، حيث أكد أنه لا يتم من خلال هذا الملف بيع أصول الدولة، بل على العكس يتم العمل على زيادة تواجد القطاع الخاص فى النشاط الاقتصادي، باعتباره شريكا أساسياً، بحيث يكون قادرا على الإدارة الأفضل لهذه الأصول، وتحقيق استفادة أكثر منها، وهو ما ينعكس على حجم استفادة الدولة أيضا، قائلا: نهدف إلى تعزيز دور القطاع الخاص فى مختلف الأنشطة الاقتصادية، بحيث تصل نسبة الاستثمار الخاص إلى أكثر من 65% من جملة استثمارات الدولة خلال السنوات القادمة، مؤكداً أن ذلك هو الإصلاح الحقيقى الذى تستهدفه الدولة المصرية.








