تعاني صناعة السفر الأمريكية من نقص مستمر في العمالة وتأخير إصدار تأشيرات الدخول، وحتى من الانقسام السياسي، ما جعلها تتخلف عن المنافسين في استعادة حصتها من السياح الدوليين منذ تفشي جائحة كوفيد.
بحلول نهاية 2023، وصل قطاع السفر المحلي إلى 84% فقط من مستويات الزيارة لعام 2019، وفقاً لجمعية السفر الأمريكية.
تسلط الدراسة الأولى من نوعها، التي أجرتها مؤسسة “يورومونيتور إنترناشيونال”، ونُشرت نتائجها لأول مرة في 11 يناير، ضوءاً إضافياً على مدى تخلف الولايات المتحدة عن منافسيها العالميين.
قامت الدراسة التي أجرتها شركة أبحاث السوق المستقلة بتكليف من جمعية السفر الأمريكية، بتحليل أداء صناعة السفر في 18 دولة، بما فيها فرنسا والمملكة المتحدة وإيطاليا وكندا وإسبانيا وجنوب أفريقيا.
تم فحص البيانات عبر أربع فئات، وهي القيادة الحكومية ومشاركتها في صناعة السفر (تستحوذ على 25%)، والإدراك العالمي (20%)، والهوية والأمن والتي تشمل أوقات انتظار التأشيرة، فضلاً عن برامج التخليص السريع للمسافرين ذوي المخاطر المنخفضة (35%)، واتصالات السفر التي تشمل الوافدين الدوليين والوصول إلى الرحلات الجوية (20%).
أظهرت نتيجة الدراسة، التي شملت كافة الفئات و18 دولة، أن الولايات المتحدة جاءت في المركز الـ17، فيما كانت المملكة المتحدة وفرنسا صاحبتي أعلى أداء.
الدول الأفضل أداءً في صناعة السفر
احتلت صناعة السفر في الصين المرتبة الـ18 والأخيرة، ولا يشكل ذلك مفاجأة كبيرة نظراً لتأخر استئناف السياحة هناك لفترة طويلة، حيث تظل الرحلات الجوية المتجهة إلى هناك نادرة.
وتجاوزت دول أخرى الولايات المتحدة في الأداء العام لصناعة السياحة، مثل المملكة العربية السعودية التي احتلت المرتبة الـ13، والتي لا يزال اقتصادها السياحي في بدايته، وتركيا التي جاءت في المرتبة الثالثة رغم التوترات السياسية والكوارث الطبيعية خلال العام الماضي.
تؤكد الدراسة أن صناعة السفر الأمريكية أقل حداثة وكفاءة من منافسيها، سواء الذين تأسسوا منذ فترة طويلة أو كانوا في طور النمو، وفقاً لجمعية السفر الأمريكية، وهي منظمة غير ربحية تدافع عن المصالح نيابة عن قطاع السفر في البلاد.
قال جيف فريمان، الرئيس التنفيذي لجمعية السفر الأمريكية، خلال مؤتمر صحفي تناول تفاصيل نتائج الدراسة، إن هذا الأمر يجب أن يكون إشارة تنبيه، فرؤية الولايات المتحدة في المركز الـ17 في قائمة أفضل 18 سوقاً للسفر أمر مثير للدهشة ومذهل ومحبط في الوقت نفسه، ما يجب أن يجبر الناس في كابيتول هيل على طرح بعض الأسئلة المهمة للغاية”.
أكد فريمان، أن حصة الولايات المتحدة من سوق السياحة العالمية انخفضت منذ 2019، فيما ينجح منافسوها في زيادة حصتهم.
لم تُنشر النتائج القاتمة التي توصلت إليها دراسة “يورومونيتور إنترناشيونال”، التي اكتملت في بداية خريف 2023، حتى الآن، وقد كُشف النقاب عنها من خلال جمعية السفر الأميركية كدافع لإنشاء لجنة جديدة للسفر السلس والآمن، تم الإعلان عنها أيضاً في 11 يناير.
يرأس اللجنة، التي سيعقد اجتماعها الرسمي الأول في 1 فبراير، كيفن ماكالينان، القائم بأعمال وزير الأمن الداخلي الأمريكي السابق، وتضم 12 خبيراً من القطاع الخاص والحكومة (مع إضافة المزيد في المستقبل)، بمن فيهم القادة السابقون في وزارة الأمن الداخلي، وإدارة أمن النقل، والجمارك وهيئة حماية الحدود الأميركية، بجانب السفراء الأمريكيين السابقين.
ستُكلف هذه اللجنة بالاستماع إلى الجهات الفاعلة في قطاع السياحة، التي تمثل مختلف شرائح عضوية جمعية السفر الأمريكية، مثل كبار مسؤولي الفنادق الكبيرة، وأصحاب الشركات الصغيرة ومشغلي شركات الطيران والمطارات، ثم ستُصيغ حلولاً لصناع السياسات لتحديث إجراءات السفر في الولايات المتحدة بشكل شامل، ومعالجة القضايا التي تعيق الصناعة.
حتى الآن، ساعدت دراسة “يورومونيتور” في تحديد العديد من المجالات التي يجب التركيز عليها، بما فيها الجمارك وفحص المسافرين من قبل إدارة أمن النقل ومعالجة التأشيرات، وفقاً لجمعية السفر.
وصرح “فريمان” في مقابلة مع “بلومبرج” بأن مجموعة من التوصيات ستُقدم بحلول الخريف.
استقرار السفر في أمريكا تحت التهديد
يُعد استقرار اقتصاد السفر في أمريكا، الذي جمع في 2022 ما يصل إلى 1.2 تريليون دولار عبر إنفاق الزائرين الأجانب والمحليين، على المحك.
ويشير تقرير منفصل نشرته شركة أبحاث السوق “توريزم إيكونوميكس” في ديسمبر الماضي، إلى أن الفشل في تحسين عملية الفحص القديمة التي تجريها إدارة أمن النقل، قد تتسبب في عزوف المسافرين الأمريكيين عن 3 ملايين رحلة داخلية سنوياً، ما يكبد القطاع خسارة قدرها 7.4 مليار دولار من إنفاق هذا العام.
وأشار إلى أنه يمكن أن تخسر الصناعة 150 مليار دولار إضافية خلال العقد المقبل بسبب فترات الانتظار الطويلة والمستمرة للتأشيرات.
عندما سُئل في المؤتمر عن مصدر التمويل الذي يتوقع “فريمان” العثور عليه لتحسين السفر الأمريكي، أشار إلى الإيرادات التي تُجني من الزائرين، بما فيها الضرائب التي يدفعونها على الإقامة والتسوق.
يُذكر أن هذه هي الصيغة التي استخدمتها الدول الأخرى لتحديث صناعة السياحة لديها.
قال “فريمان”: “نحن نفتقر إلى الإصرار للتعامل مع هذه القضايا، وبالتالي جعل السفر أولوية”، معرباً عن أمله في تغير الأمور.







