قفزت أرباح معظم الشركات المدرجة بالبورصة المصرية خلال العامين الماضي والأسبق نتيجة تحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار، والتى انعكست تأثيراتها على نتائج أعمال الشركات، إلا ان تلك القفزات لم تنعكس على توزيعات الأرباح النقدية للشركات المدرجة، حيث سجل إجمالى التوزيعات النقدية خلال النصف الأول من 2024 قرابة 30 مليار جنيه، مقابل نحو 51.22 مليار جنيه توزيعات نقدية عن عام 2023 بأكمله.
وسجلت التوزيعات النقدية ايضًا خلال عام 2022 نحو 36.2 مليار جنيه، مقابل 17.5 مليار جنيه عن عام 2021، وعلى الرغم من الزيادة الملحوظة فى توزيعات النقدية إلا أنها لا تتماشى مع قفزات الأرباح التى حققتها الشركات.
جنينة: البنوك تختلف عن الشركات في استراتيجية التوزيعات
قال هاني جنينة، كبير الاقتصاديين بشركة كايرو كابيتال، إن الشركات التي توزع الجزء الأغلب من أرباحها تكون معظمها الشركات المملوكة للدولة مثل الإسكندرية لتداول الحاويات، والمصرية للاتصالات، و«أموك »، وسيدي كرير، وأبوقير للأسمدة، بينما حال وجود موازنة استثمارية مخصصة للعام القادم فعندها تقل الأرباح الموزعة نسبيا لكن ذلك نادرا.
وأضاف أن البنوك على النقيض من الشركات الحكومية، لا توزع أرباحًا بشكل كبير لمواجهة معيار كفاية رأس المال ومن ثم تحتفظ بجزء كبير من الأرباح بغرض تمويل التوسعات أو لامتصاص الصدمات غير المتوقعة خاصة في أوقات التضخم التي يحتاج فيها رأسمال أكبر.
وأشار إلى أن توزيعات الأرباح تختلف من شركة لأخرى في القطاع الخاص، وتتوقف على الشركة نفسها، فشركة عبور لاند ليس لديها توسعات قوية ولديها فائض في القوة الإنتاجية ومعظم مساهميها من العائلة فتحتاج دائما أن توزع على المساهمين الأرباح بنسبة 60 % أو 70% كمصدر دخل رئيسي لهم.
وتختلف السياسة فهناك شركات تحتجز الأرباح بغرض تمويل التوسعات، والبعض الآخر من الشركات يلجأ لعدم توزيع أرباح بهدف شراء مخزون كنوع من التحوط ليستفيد منها في وقت الأزمات.
وتطرق إلى أن توزيع الأسهم المجانية يعتبر أقصى درجات الاحتفاظ برأس المال، حيث عادة ما يتم تمويل رأس المال من الأرباح التى يتم احتجازها وتحويلها إلى رأسمال مصدر ومدفوع، وهو ما اتبعته عدد كبير من الشركات مؤخرًا لتمويل توسعاتها الإقليمية.
وطالب عبدالرحمن خالد، أحد المستثمرين بسوق المال، أن ترفع الشركات توزيعات أرباحها، مشيرًا إلى أن غالبية المستثمرين يفضلون الحصول على كوبونات نقدية أفضل من توزيع أسهم مجانية.
وتابع أن توزيع أسهم مجانية فى صالح الشركة لمنع خروج الأموال واستثمارها فى تعظيم العائد والذى سيعود على المساهمين فى النهاية، لكن سيكولوجية المستثمر تفضل الطابع المادى الملموس والذى يمثله التوزيع النقدى.
ويفضل كريم السيد، مستثمر آخر فى البورصة، أن يكون العائد من الربح الرأسمالى – الناتج من نمو سعر السهم والربح الموزع – الناتج عن أرباح الشركات وتوزيعاتها- يجب أن يتخطى 60% لتغطية عامل التضخم والفرصة البديلة.
واشار إلى أن توزيع الأسهم المجانية يدفع السهم للتراجع والاستقرار حتى ظهور نتائج أعمال جديدة تدفعه للصعود، بينما التوزيعات النقدية يتراجع السهم قليلا ثم يعود الصعود سريعا.
عبدالحكيم: ظروف السوق قد تتحكم في توزيع الأرباح
وقال محمد عبدالحكيم، رئيس قسم البحوث في شركة أسطول لتداول الأوراق المالية، أن توزيعات الأرباح تتوقف على استراتيجية الشركة فإذا كانت السياسات لدى الشركة توسعية فإن الأغلب ستحتفظ بالأرباح على عكس شركات أخرى تريد الحفاظ على الوضع الحالي فتتجه نحو توزيع أرباحها.
وقال عبدالحكيم، إن بعض الشركات تختار توزيع أرباحها في صورة أسهم مجانية لتحتفظ بالسيولة داخل الشركة وسعيها لزيادة رأس المال.
وأضاف أن ظروف السوق قد تتحكم في توزيع الأرباح، فقد تتجه بعض الشركات لتوزيع أسهم مجانية في أوقات التضخم بغرض تعزيز رأس المال والمحافظة على حجمها وعلى حصتها السوقية.
وأشار إلى أن الحافز الاستثماري يتأثر بأوضاع السوق والاقتصاد، فكلما كانت معدلات النمو عالية والمخاطر أقل كلما كانت شهية المستثمرين للاستثمار والتوسع أفضل.
وأكمل أن لدى المستثمرين أيضا استراتيجية خاصة بهم وتختلف من مستثمر لآخر، فالبعض يستهدف نمو وتحقيق مكاسب للشركة ولا يحتاج لأرباح توزع عليه والبعض الآخر يكون توجهه الحصول على دخل ثابت منتظم كل عام.
وتابع أن الشركة التي تحقق مكاسب هي من تجذب المستثمرين أولا ثم تأتي سياسة الشركة من حيث توزيع الأرباح وكيفية توافقها مع المستثمر.
ويعد توزيع الأرباح إشارة إيجابية للمستثمرين حيث يعبر عن صحة الشركة واستقرارها المالي، مما يعزز الثقة ويحفز على شراء الأسهم، وإذا كانت الأرباح الموزعة صغيرة، قد لا تكون كافية لجذب المستثمرين الذين يبحثون عن عائدات أكبر، وقد تُفسر أحياناً على أنها علامة على نقص الفرص الاستثمارية داخل الشركة.
إلا أن بعض الشركات تفضل عدم توزيع أرباح حيث تسعى لتوسيع حصتها فى السوق وتعظيم ربحيتها والتى تعود على المستثمرين فى النهاية.
فاروق: معظم الأوراق المالية تتداول بأقل كثيرا من قيمتها العادلة
وقال عمرو فاروق، الرئيس التنفيذى بشركة تايكون للوساطة فى الأوراق المالية، إن العامل الرئيسى للاستثمار فى السوق المصرية هو الفرق بين سعر السهم الحالى وقيمته العادلة، حيث تتداول غالبية الأوراق المالية بأقل من قيمتها العادلة بمعدلات كبيرة.
وأوضح أن طبيعة الشركات المدرجة البورصة المصرية، الاحتفاظ بأرباح الشركة لاستخدامها فى توسعاتها بدلًا من توزيع أرباح، ومن ثم البحث عن مصادر تمويل لخطتها التوسعية بفائدة مرتفعة.
وأضاف أن سيكولوجية المستثمر تختلف إذا كان دخوله السوق بنية التركيز على توزيعات الأرباح أو تعظيم العائد على السهم، وبالتالى يختلف توجهه نحو الأسهم.
حمدى: أغلب الشركات تحتفظ بالأرباح لإعادة استثمارها
قال هشام حمدى، نائب رئيس قسم البحوث بشركة النعيم القابضة، إن التوزيعات محفزة للسوق فى ظل وجود فرص لتعظيم ربحية المستثمرين باختلاف طرق التوزيع نقدية أو أسهم مجانية والاحتفاظ بالأرباح داخل الشركة عن طريق زيادة رأس المال.
وأشار إلى أن قلة عدد الشركات الموزعة للأرباح يرجع لاختلاف سياسة كل شركة، مستدلًا بسياسة إدارة فورى فى إعادة استثمار أرباحها بالكامل والذى ينعكس على ربحية المستثمرين فى النهاية، وإى فاينانس التى توزع قيمة صغيرة جدا بالنسبة لأرباحها، حتى تستطيع إعادة تدوير أرباحها مرة أخرى.
وتابع أن الشركات التى لديها فرص للتوسع تفضل عدم التوزيع أو توزيع بقيم نقدية صغيرة بهدف الاحتفاظ بأكبر جزء من الأرباح لاستثماره مرة أخرى، بينما الشركات التى تقل فرص توسعاتها فتفضل توزيع أرباحها، مستدلًا بشركتى النساجون الشرقيون والدلتا للسكر، والتي توزع كوبونات نقدية مرتفعة.








