في ظل تسارع التحول الرقمي واعتماد المؤسسات المالية على الذكاء الاصطناعي لتسريع عملياتها، برزت منصة اتخاذ القرار المعتمدة على الذكاء الاصطناعي “Synapse Analytics” كواحدة من أبرز الشركات الناشئة المصرية التي نجحت في شق طريقها إقليميًا ودوليًا.
فمنذ تأسيسها عام 2018، وضعت “Synapse Analytics” نصب أعينها هدفًا واضحًا وهو تمكين المؤسسات من اتخاذ قرارات المخاطر بسرعة ودقة، اعتمادًا على منصة “كونان” التي تحولت من أداة لتشغيل النماذج إلى بنية تحتية أساسية لاتخاذ القرار في القطاع المالي.
اليوم، وبعد أقل من عقد، باتت “Synapse Analytics” حاضرة في 6 أسواق مختلفة، مقدمة حلولًا متكاملة للبنوك وشركات التمويل والاتصالات، ومؤسسة لشراكات استراتيجية غيرت قواعد اللعبة في صناعة الائتمان.
قال أحمد أباظة، الشريك المؤسس لشركة Synapse Analytics، إنها بدأت رحلتها عام 2018 بهدف مساعدة المؤسسات الكبرى في بناء وتشغيل أنظمة الذكاء الاصطناعي، موضحًا أنها طورت أول نسخة من منصتها “كونان” لتسهيل إدارة وإطلاق نماذج الذكاء الاصطناعي.
وأوضح أن الشركة ساعدت أكثر من 50 مؤسسة تعمل في 12 قطاعًا مختلفًا على بناء الجيل الأول من نماذجها، من بينها شركات متعددة الجنسيات نفذت أول حالة استخدام للذكاء الاصطناعي في مصر من خلال “Synapse”.
أشار أباظة إلى أن الشركة اتخذت في عام 2022 قرارًا استراتيجيًا بالتركيز على قطاع المخاطر والائتمان، وهو ما مكّنها من فهم هذا القطاع بعمق، والتركيز على نقطة ألم حقيقية ألا وهى كيف لمؤسسة مالية أن تستطيع اتخاذ قرارات لحظية دون مواجهة تعقيدات.
وأعادت الشركة تصميم منصة “كونان” لتصبح منصة قرارات مخاطرة لحظية تعتمد على الذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى أن القرار منحهما فرصة التوسع السريع في 6 أسواق خلال أقل من 18 شهرًا.
وأوضح أن المنصة تمكّن المؤسسات المالية من الانتقال من البيانات إلى القرار في لحظات، والتعامل مع مختلف أنواع البيانات سواء المهيكلة مثل سجلات العملاء أو غير المهيكلة كالمستندات والتقارير والصور.
أضاف أباظة، أن شراكتهما مع الشركة المصرية للاستعلام الائتماني (آي-سكور) تتيح للمؤسسات المالية الوصول المباشر إلى بيانات السجل الائتماني وبيانات حكومية، ما يسرع اتخاذ القرارات ويمنح فرق المخاطر استقلالية كاملة في بناء سياساتها ونماذجها دون الاعتماد على الفرق التقنية، فضلاُ عن توفير تحكم ورؤية كاملة خارج الصندوق لإدارة أى برنامج مالى.
ولتبسيط الأمر، شرح أباظة نموذج العمل قائلاً: “تخيل بنكًا يرغب في إطلاق برنامج جديد للقروض الاستهلاكية”.
في النظام التقليدي يقوم فريق المخاطر بكتابة السياسة ثم إرسالها إلى فريق التكنولوجيا، الذي يحتاج إلى عدة أشهر للبرمجة والاختبار والمراجعة.
والنتيجة أن المنتج قد يتأخر ستة أشهر ويبنى على بيانات ناقصة، أما مع منصة «كونان»، فيستطيع فريق المخاطر نفسه الدخول إلى المنصة وبناء السياسة بسهولة دون الحاجة إلى أي أكواد، مع إضافة بياناته الداخلية إلى بيانات «آي-سكور»، ورؤية المحاكاة بشكل لحظي، ثم إطلاق السياسة بضغطة زر لتصبح القرارات لحظية لأي عميل.
تحدث أباظة عن بدايات التمويل، قائلاً إن الشركة اعتمدت أولاً على موارد المؤسسين ثم دخلت في شراكات مع عملاء أوائل.
وأوضح أن جذب أول مستثمر لم يكن سهلاً عام 2018 لأن الذكاء الاصطناعي لم يكن بالقوة التي نشهدها الآن، إلا أن وضوح المشكلة التي تحلها الشركة وسعيها لتسريع قرارات المؤسسات المالية ساعد على إقناع المستثمرين.
ولفت أباظة إلى أن البنوك تنفق أكثر من 30 مليار دولار سنويًا على التحول الرقمي في قرارات المخاطر، ومع ذلك فإن السوق لا يعمل بالكفاءة المطلوبة رغم الانفاق الضخم بسبب تجزئة البيانات وتعقيد الأنظمة.
وأضاف أن المنصة توفر حلاً موحدًا للتحكم في أي قرار مخاطر بشكل لحظي، مع تركيز أساسي على البنوك، وشركات التمويل متناهي الصغر، والمؤسسات المالية الناشئة.
قال أباظة إنه رغم وجود المنافسة ، إلا أن معظم الحلول التقليدية بطيئة أو تقدم أجزاء متفرقة من المشهد.
وأوضح أن “كونان” تتميز بالمرونة المطلقة في النشر سواء محليًا أو عبر السحابة أو بنظام هجين، مع قدرة التعامل مع جميع أنواع البيانات وتحويلها إلى قرارات في ثوانٍ.
أضاف أن ما يميزهم هو كونهم قاموا ببناء المنصة مع فرق المخاطر خطوة بخطوة، وكل خاصية فيها جاءت استجابة لاحتياج واقعي، فضلًا عن امتلاكهم قدرات متقدمة في إدارة وتشغيل النماذج (MLOps) بما يضمن تحديثها المستمر ومواكبتها لمتغيرات السوق، مما يعطيهم بعض الميزات التنافسية وأبرزها أن النماذج تبنى بسرعة أكبر وتتحدث اتوماتيكياُ، وتُدار باستمرار لتواكب السوق وتعطى قرارات أكثر أمانًا ودقة على المدى الطويل.
كشف أباظة أن فريق الشركة يضم اليوم أكثر من 50 متخصصًا بين علماء بيانات ومهندسين واستشاريين، موضحًا أن اختيار الأعضاء يقوم على مزيج من الخبرة التقنية وروح الريادة والقدرة على التكيف مع سوق سريع التغير.
وأوضح أن معظم أعمال التطوير تتم داخليًا بنسبة 95%، مع الاستعانة بأطراف خارجية في حالات نادرة تتعلق بعمليات التكامل مع أنظمة أو بيانات إضافية.
وتواصل الشركة، تطوير منصتها عبر إضافة خصائص متقدمة مثل تقنيات مكافحة الاحتيال وأدوات التحصيل، مشيراً إلى أن أهدافهم دائما هي زيادة سهولة استخدام المنصة، و إتاحة سرعة إنشاء منتجات مالية جديدة بسرعة و أمان و تحكم
وقال إنهم مؤخراً أطلوا مؤخرًا خاصية ’Type to Policy‘، حيث يمكن لفريق المخاطر كتابة السياسة بلغة طبيعية، فتقوم المنصة ببنائها تلقائيًا خلال ثوانٍ.
وأوضح أباظة أنهم واجهوا تحديات في البداية بموثوقية الذكاء الاصطناعي، وتحديات تمويلية في جذب مستثمرين فضلاً عن ثقافة السوق ، إذ كان يجب تغيير عقلية الاعتماد الكامل على العمليات اليدوية.
وأشار إلى أن النجاح يقاس بعدد العملاء المتعاقدين وحجم القرارات التي تتم عبر المنصة يوميًا والتي وصلت إلى ملايين العمليات. ويتجلى التأثير المباشر في خفض نسب التعثر بنحو 40% وزيادة عدد العملاء المقبولين بما يصل إلى خمسة أضعاف.
أضاف أن الشركة حصلت على عدة جولات تمويلية من مستثمرين إقليميين لدعم بناء التكنولوجيا والتوسع الجغرافي وتطوير الفريق، مع نية واضحة لجولات إضافية خلال الفترة المقبلة.
وقال إنهم يستهدفون التوسع بقوة في السعودية والخليج، بالإضافة إلى أسواق أفريقيا وأمريكا اللاتينية، عبر شراكات مع بنوك واتحادات ائتمانية.
أوضح أباظة أن من ضمن مستهدفاتهم، مضاعفة عدد العملاء الحاليين وزيادة الشراكات الاستراتيجية، وتطوير وحدات جديدة لمكافحة الاحتيال، بالإضافة إلى تسريع الشمول المالي بشكل كبير في مصر من خلال جذب مزيد من البنوك والمؤسسات المالية لاستخدام KONAN ليصبح البنية التحتية الأساسية لقرارات المخاطر في مصر.
ويلفت أباظة ، إلى أن السوق يتحول بالكامل إلى الرقمنة، موضحاً أن قرارات الائتمان لن تبقى معتمدة على تقارير تقليدية فقط بل على منصات ذكية تستخدم البيانات البديلة والذكاء الاصطناعي لاتخاذ القرارات اللحظية.
وأشار إلى أن العميل الجديد لن يقبل البيروقراطية و التأخر في القرار، و سيذهب دائما نحو الأسرع ومن يقدم خدمة سهلة واضحة وخبرة تعامل مختلفة.
واختتم حديثه بنصيحة لرواد الأعمال قائلاً: “الوصول إلى التوافق بين المنتج والسوق يحتاج ثلاثة أضعاف الوقت المتوقع .. قد تكون الفكرة عظيمة لكن النجاح مرهون بالصبر والمثابرة، ومن يستمر وقت تراجع الآخرين هو من ينجح في النهاية”.
