نشرت مؤسسة فريشفيلدز بروكهوس ديرينجر ، إحدى أكبر مكاتب المحاماة والاستشارات القانونية العالمية، تقريرًا حديثًا يرصد الاتجاهات الحديثة في مشروعات البنية التحتية عبر المنطقة، مع تركيز خاص على التحولات الهيكلية التي تشهدها مصر ضمن الموجة الإقليمية لتسريع التنمية وجذب التمويلات الأجنبية.
وأوضح التقرير أن مشروعات البنية التحتية أصبحت من الركائز الرئيسية للنمو الاقتصادي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مع زيادة واضحة في حجم الاستثمارات الموجهة إلى قطاعات الطاقة المتجددة والمياه والنقل، إلى جانب توسع الحكومات في تطبيق صيغ الشراكة بين القطاعين العام والخاص كآلية استراتيجية لتقليل الضغط على الموازنات العامة وتحفيز القطاع الخاص على المشاركة في التنمية.
وأشار إلى أن مصر تتصدر قائمة الدول التي تشهد تطورًا متسارعًا في بيئة البنية التحتية، بعد أن عززت الإطار التشريعي والتنظيمي لمشروعات الشراكة، وأطلقت سلسلة من المبادرات الوطنية في مجالات الكهرباء وتحلية المياه والطرق والموانئ والسكك الحديدية، بما يرسخ موقعها كمركز إقليمي للمشروعات الكبرى العابرة للحدود.
وأكدت «فريشفيلدز» أن مصر أصبحت بوابة محورية للاستثمار في البنية التحتية الإفريقية، مستفيدة من موقعها الجغرافي الفريد بين البحرين الأحمر والمتوسط، ومن حجم السوق المحلي الكبير الذي يتجاوز 110 ملايين نسمة، ما يجعلها محور اهتمام المؤسسات التمويلية الدولية وصناديق الاستثمار السيادية التي تبحث عن مشروعات طويلة الأجل ذات عوائد مستقرة.
وبحسب التقرير، فإن مصر ودول الخليج تقودان موجة جديدة من المشروعات التحولية في الطاقة النظيفة، مع توسع ملحوظ في الاستثمارات الخاصة بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح والهيدروجين الأخضر، إلى جانب مشروعات الربط الكهربائي بين الدول.
وأشار التقرير إلى أن مشروع الربط الكهربائي بين مصر والسعودية يُعد أحد أبرز الأمثلة على التعاون الإقليمي في مجال البنية التحتية العابرة للحدود.
وأضاف التقرير أن المياه أصبحت محورًا استراتيجيًا رئيسيًا في خطط التنمية بالمنطقة، مع اتجاه مصر وعدة دول عربية إلى التوسع في محطات تحلية المياه ومشروعات إعادة التدوير، بالتعاون مع مستثمرين من أوروبا وآسيا.
كما لفت إلى أن مشروعات النقل الجماعي واللوجستيات والسكك الحديدية شهدت اهتمامًا متزايدًا من قبل المستثمرين الدوليين، نظرًا لقدرتها على تحقيق تأثير مباشر في النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل.
وشدد التقرير على أن الإصلاحات القانونية والتنظيمية تمثل عامل جذب رئيسي للمستثمرين، موضحًا أن مصر اتخذت خطوات جوهرية لتحسين مناخ الاستثمار عبر تعديلات قوانين الاستثمار والشراكة والطاقة المتجددة، إضافة إلى إطلاق وحدات متخصصة داخل الوزارات لتسريع إجراءات التعاقد والموافقات الخاصة بالمشروعات الكبرى.
وأشارت «فريشفيلدز» إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد دخول موجة جديدة من الشراكات القانونية والمالية الدولية إلى السوق المصرية، مع سعي المستثمرين لتأمين أطر تعاقدية طويلة الأجل تتسم بالمرونة والشفافية، مؤكدة أن نجاح الحكومة المصرية في الحفاظ على توازن بين مصالح المستثمرين واحتياجات الدولة يعزز ثقة المؤسسات العالمية في استدامة السوق.
ورأت المؤسسة أن التمويل المستدام أصبح عنصرًا محوريًا في تصميم مشروعات البنية التحتية الحديثة، حيث تتجه المؤسسات التمويلية الكبرى إلى ربط القروض بمعايير البيئة والحوكمة (ESG)، مشيرة إلى أن مصر من الدول التي تبنت هذا التوجه مبكرًا عبر طرح أول سندات خضراء سيادية في المنطقة، وهو ما فتح الباب أمام المزيد من التمويلات الخضراء للمشروعات الحكومية والخاصة.
واختتم التقرير بالتأكيد على أن مشروعات البنية التحتية في مصر والمنطقة لم تعد مجرد استثمارات تقليدية، بل أصبحت أداة استراتيجية لإعادة تشكيل خريطة الاقتصاد الإقليمي، متوقعًا أن تستحوذ مصر على حصة متزايدة من التدفقات الاستثمارية خلال السنوات الثلاث المقبلة بفضل استقرارها التشريعي، ووضوح رؤيتها في التحول نحو الاقتصاد الإنتاجي المستدام.








