يواجه قطاع السينما البريطاني المأزوم ضربة جديدة بعد أن جدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تهديده بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على جميع الأفلام المنتجة خارج الولايات المتحدة، وهو ما قد يقلب صناعة السينما العالمية رأساً على عقب.
كان ترامب قد أعلن للمرة الأولى في مايو الماضي عن نية فرض هذه الرسوم على الأفلام المنتجة خارج البلاد، ثم عاد ليؤكد موقفه في سبتمبر، قائلاً في منشور عبر وسائل التواصل الاجتماعي إن “دولاً أخرى سرقت صناعة الأفلام من الولايات المتحدة”.
تواجه صناعة السينما البريطانية منذ سنوات تحديات متلاحقة، بدءاً من تراجع مبيعات شباك التذاكر عن مستويات ما قبل الجائحة، وصولاً إلى المنافسة المتزايدة من المنصات الرقمية، وإضرابات نقابات الممثلين، والآن التهديد بفرض رسوم جمركية على الأفلام.
تستعد المخرجة جوريندر تشادا،، لإطلاق فيلمها الجديد في موسم الشتاء المقبل بعنوان “Christmas Karma”، والمستوحى من رواية تشارلز ديكنز الكلاسيكية “A Christmas Carol”.
وقالت تشادا في تصريح لشبكة “سي إن بي سي” إنه “من المعجزة أن أتمكن من إنتاج الفيلم في ظل هذه التحديات التي تواجه الصناعة”.
وأضافت: “لست متأكدة من أن الرسوم الجمركية عملية، لكن علينا أن نأخذ في الاعتبار الرسالة التي تحملها، وهي أن كل دولة تحاول حماية صناعتها السينمائية الخاصة بها”.
مع ذلك، يبقى قطاع السينما والتلفزيون البريطاني نقطة مضيئة في الاقتصاد، إذ يساهم بمليارات الجنيهات الإسترلينية عبر الإنفاق الإنتاجي الذي بلغ 5.6 مليارات جنيه إسترليني (7.5 مليارات دولار) العام الماضي، وفق بيانات المعهد البريطاني للأفلام.
قالت كارولين دايننج، عضو البرلمان ورئيسة لجنة الثقافة والإعلام والرياضة في المملكة المتحدة: “نعلم أن صناعاتنا الإبداعية تدر نحو 126 مليار جنيه سنوياً. وغالباً ما ينظر الناس إلى السينما والتلفزيون على أنهما وسيلتان للترفيه فقط، لكنهما في الواقع يخلقان آلاف الوظائف ويجلبان استثمارات ضخمة إلى مختلف أنحاء المملكة المتحدة”.
الاعتماد على الولايات المتحدة
تعتمد استوديوهات المملكة المتحدة، من “باينوود” إلى “شيبيرتون”، بشكل كبير على الشراكات الأمريكية.
ووفقاً لتقرير “المعهد البريطاني للأفلام”، جاءت 65% من إجمالي الإنفاق الإنتاجي على الأفلام البريطانية العام الماضي من استوديوهات ومنصات بث أمريكية.
قال المخرج هوارد بيري إن غياب هذا التمويل الأمريكي سيجعل إنتاج الأفلام البريطانية أكثر صعوبة.
وأضاف: “نحن نعتمد كثيراً على استثمارات الولايات المتحدة في المملكة المتحدة لصناعة الأفلام. ننتظر أن يقرروا إنتاج فيلم، ثم نسعى لتنفيذه هنا”.
وتابع قائلاً: “ليست لدينا ميزانية وطنية كافية تقول إننا سننتج أفلاماً بريطانية بتمويل محلي، وإذا توقف التمويل الأمريكي، فسنكون في مأزق لأننا نفتقر إلى رأس المال الكافي لإنتاج أفلامنا الخاصة”.
وأوضح تيم ريتشاردز، الرئيس التنفيذي لشركة “فيو”، أن عملية صناعة الأفلام الحديثة تعتمد على تعاون دولي يشمل كتابة النصوص والتصوير وما بعد الإنتاج وتطوير الموسيقى، ما يجعل من الصعب تطبيق الرسوم الجمركية.
وأضاف: “بسبب التعقيدات، هناك طرق أخرى لتحقيق الأهداف نفسها مثل نظام الحوافز الضريبية، أو حتى ما اقترحه حاكم ولاية كاليفورنيا غافين نيوسوم. فهناك وسائل بديلة لدعم الصناعة دون الإضرار بها”.
كان نيوسوم قد رفع هذا الصيف إجمالي الحوافز الضريبية للأفلام والبرامج التلفزيونية في كاليفورنيا إلى 750 مليون دولار، أي ما يقارب ضعف الحد السابق، في محاولة لجذب مزيد من الإنتاجات إلى لوس أنجلوس.
وقال ريتشاردز: “السؤال الأهم هو: كيف ستُحدد طبيعة الأفلام التي ستخضع فعلياً لهذه الرسوم؟ وهذا ما يثير قلق الجميع حالياً”.
في الوقت الراهن، لا تزال الكاميرات تدور، لكن العاملين في القطاع يأملون أن تتحرك الحكومة البريطانية لحماية الصناعة.
فعندما دعا ترامب لأول مرة إلى فرض رسوم 100% على الأفلام، قال متحدث باسم الحكومة البريطانية لوسائل الإعلام المحلية إن من “غير المناسب التعليق بشكل مستمر” على مسائل التجارة مع الولايات المتحدة، مضيفاً أن صناعة السينما البريطانية “عالمية المستوى”.








