«المنشآت ذات الطبيعة الخاصة» بلا إطار واضح يؤدي لتضارب التنفيذ
وأوضح أن خصوصية الأصول التي تديرها هذه القطاعات، وتنوع أنماط الحيازة والاستخدام، وعدم وضوح بعض التعريفات التشريعية، كلها عوامل تجعل تطبيق القانون رقم 196 لسنة 2008 عملية شديدة الحساسية.
وقال العقدة فى حديثه لـ«البورصة»، إن غياب تعريف تشريعي واضح للمنشآت ذات الطبيعة الخاصة يمثل أحد أبرز الإشكالات، إذ اكتفى المشرّع في المادة (13) بالإشارة إلى أن وزير المالية يحدد القيمة الإيجارية لهذه المنشآت بالتنسيق مع الوزير المختص، دون وضع إطار جامع يضبط مفهوم «الطبيعة الخاصة».
وأكد أن هذا الغياب أدى إلى تضارب في تطبيق الضريبة بين المأموريات وظهور خلافات حول خضوع منشآت كبرى، مثل الفنادق السياحية والموانئ الخاصة.
وذكر أن المكتب الفني لمصلحة الضرائب العقارية انتهى إلى اعتبار المصانع والفنادق ضمن المنشآت ذات الطبيعة الخاصة الخاضعة للضريبة، بينما استُبعدت الورش والمحال الصغيرة، نظرًا لاختلاف حجم النشاط وطبيعته الاقتصادية.
وأشار إلى أن هذا التباين يؤكد الحاجة إلى تعريف تشريعي يمنع الاجتهادات المتضاربة، ويضمن عدالة تطبيق الضريبة على مختلف القطاعات.

وقال العقدة إن تقدير القيمة الإيجارية يمثل التحدي الفني الأبرز في تطبيق الضريبة العقارية على الأنشطة غير المصرفية، خاصة مع تعدد الأصول وتنوع طبيعتها بين الاستثمارية والخدمية.
وأوضح أن التقدير يحتاج إلى توازن دقيق بين العدالة الضريبية والمعايير الفنية، إلا أن غياب دليل موحد للتقييم يفتح الباب لاختلاف التقديرات وارتفاع حجم المنازعات.
وأضاف أن نطاق تطبيق الضريبة يتداخل مع القوانين المنظمة للقطاع غير المصرفي، بما يشمل قانون التأمين رقم 10 لسنة 1981، وقانون التمويل العقاري رقم 148 لسنة 2001، وقانون التأجير التمويلي رقم 176 لسنة 2018، وهو ما يخلق تساؤلات مستمرة حول الملتزم الحقيقي بسداد الضريبة.
وتساءل: «هل الملتزم هو المستأجر أم الممول؟ الشركة المالكة أم المنتفع؟ وهل تختلف المسئولية في العقود طويلة الأجل أو مشروعات الشراكة بين القطاعين (PPP)؟».
وأشار العقدة إلى خصوصية التحديات داخل كل نشاط، موضحًا أن قطاع التأمين يعاني ضعف الإفصاح عن الأصول العقارية وتنوع أنماط الحيازة بين ملكيات مباشرة واستثمارات عبر صناديق عقارية.
وأضاف أن التمويل العقاري يواجه إشكالية الفصل بين الممول والمنتفع، بينما يعاني التأجير التمويلي غموضًا في تحديد الطرف الملزم بالضريبة، في حين يصعب في التمويل متناهي الصغر إجراء حصر دقيق للأصول بسبب ممارسة الأنشطة غالبًا في وحدات صغيرة.
ونوه بأهمية إجراء مراجعة لائحية وتشريعية شاملة، تبدأ بإضافة باب جديد إلى اللائحة التنفيذية للقانون 196 لسنة 2008 تحت عنوان «الأصول العقارية للقطاع المالي غير المصرفي»، يحدد بدقة كيفية التعامل الضريبي مع الأصول المملوكة أو الممولة أو المؤجرة.
وشدد على ضرورة استحداث تعريف قانوني واضح للمنشآت ذات الطبيعة الخاصة، وتعديل المادة (13) لتوحيد أسس التقدير بين مختلف القطاعات، بما في ذلك الأنشطة المالية غير المصرفية.
وأكد العقدة أن التكامل الرقمي وتبادل البيانات بين وزارة المالية والهيئة العامة للرقابة المالية والجهات الممولة يمثل عنصرًا حاسمًا في تطوير المنظومة، عبر الربط الإلزامي لسجلات الأصول والقيم الدفترية المعتمدة، وتفعيل التقييم الإلكتروني وربط الإفصاحات المالية للقطاع بمنظومة إدارة الضريبة العقارية.
وقال إن هذا الربط سيضمن تحديث قاعدة بيانات الوعاء الضريبي وتقليل فجوات التقدير وتعزيز الشفافية.
توحيد أسس التقييم يقلل الفجوة بين التقييم المحاسبي والضريبي ويحد النزاعات
وأضاف أن توحيد الأسس الفنية للتقييم عبر إصدار دليل تقييم وطني موحد يعد خطوة جوهرية، على أن يتضمن نماذج محدثة لتقييم عقارات التأمين والتمويل والتأجير التمويلي والمنشآت السياحية والبترولية. ولفت إلى أن وجود دليل معتمد سيساهم في تقليل الفجوة بين التقييم المحاسبي والضريبي، ويحد من النزاعات المتعلقة بالقيمة الإيجارية.
وكشف عن أهمية إنشاء لجنة دائمة لتسوية المنازعات الضريبية العقارية تضم ممثلين من الضرائب العقارية والرقابة المالية والقطاع الخاص، للنظر في الطعون قبل اللجوء إلى القضاء، إلى جانب لجنة تنسيق فنية مركزية لتوحيد منهجيات التطبيق بين الجهات.
وبيّن العقدة أن الشركات القابضة تظل خاضعة للضريبة العقارية، نظرًا لأنها ليست من أشخاص القانون العام ولا تتمتع بامتيازات السلطة العامة، وبالتالي فإن عقاراتها تُعامل كأصول مملوكة لجهة خاصة تعمل وفق قواعد السوق.
وقال إن استثناء هذه الشركات من الخضوع لا يجوز إلا بنص تشريعي صريح، «ولا يجوز القياس أو التوسع في الاستثناءات».
وأكد أن إصلاح منظومة الضريبة العقارية في القطاع المالي غير المصرفي بات ضرورة ملحّة، مشيرًا إلى أن تحقيق العدالة الضريبية وتوسيع الوعاء لا يتعارضان مع دعم الأنشطة الاقتصادية الحيوية.








