تمتد التجارة غير المشروعة في مصر لتشمل عدة أسواق رئيسية للمستهلكين، رغم أن الحجم يختلف حسب فئة المنتج، ففي قطاع الاتصالات، كان حوالي 80% من الهواتف المحمولة المباعة خلال 2023- 2024 مهربة، مما يجعلها واحدة من أكبر الأسواق غير المشروعة.
أما في قطاع التبغ، فالاتجاه تصاعدي، حيث ارتفعت حصة السجائر المهربة من 8% في 2017 إلى حوالي 13.5% في 2024، وهو ما يشير إلى أنه بدون تنفيذ فعال للقوانين ووجود بدائل قانونية متاحة، من المرجح أن تستمر الحصة غير المشروعة في النمو خلال 2026.
في رأيي، تساهم معدلات التضخم المرتفعة وانخفاض الدخل الحقيقي للأسر في دفعها نحو المنتجات غير القانونية (الأرخص)، فهذا الضغط الاقتصادي يجعل شراء السلع غير القانونية يبدو مبررًا أو ضروريًا، وليس جريمة.
بالنسبة للعديد من الأسر، يُوصف الشراء من السوق غير الرسمي وغير القانوني بأنه “الطريقة الوحيدة لتغطية احتياجاتهم”، ويتطلب الحد من التجارة غير المشروعة كل من تطبيق القوانين للحد من العرض وتوفير بدائل قانونية ميسورة التكلفة.
التهريب يعمل على تطبيع خرق القانون وتقويض الثقة في المؤسسات، وعلى وسائل الإعلام تغيير تصور الجمهور من خلال إظهار كيف تغذي التجارة غير المشروعة الفساد والجريمة وضعف الخدمات العامة، كما يمكن للإعلام زيادة الدعم للسياسات التي تجعل البدائل القانونية والخاضعة للضرائب أكثر قدرة على التحمل المالي.
الذكاء الاصطناعي أيضاً يمكنه تحويل أسلوب الإنفاذ من أسلوب تفاعلي إلى أسلوب قائم على المعلومات الاستخباراتية، من خلال دمج بيانات الجمارك والضرائب وحماية المستهلك وإنفاذ القانون، بالإضافة إلى بيانات الشركات الخاصة، يمكن للسلطات توليد تنبيهات في الوقت الحقيقي، وتحديد درجات المخاطر، ورسم خرائط تدفق لاستهداف التهريب بشكل أكثر فعالية.
التجارة غير المشروعة الواسعة ليست مجرد مسألة اقتصادية، بل هي تحدٍ أمني وتنموي، فهي تموّل الشبكات الإجرامية، وتقوّض قدرة الدولة، وتترك المواطنين العاديين لدفع الثمن.
يمكن للتطبيق المستهدف للقوانين، إلى جانب توفير بدائل قانونية ميسورة التكلفة، أن يقلص الاقتصاد الموازي، ويحمي الإيرادات، ويضعف الشبكات الإجرامية.
أقترح إطارًا يتكون من ثلاثة أجزاء لمواجهة التجارة غير المشروعة، الأول يتضمن حجب السلع غير المشروعة عند الدخول من خلال تشديد الرقابة على الحدود والتفتيش القائم على تقييم المخاطر.
الثاني، يتضمن محاربة التوزيع الداخلي باستخدام تبادل المعلومات الاستخباراتية بين القطاعين العام والخاص وفرض عقوبات أقوى، فيما يتضمن الثالث استبدال العرض غير القانوني من خلال جعل البدائل القانونية ميسورة التكلفة ودعم الشركات الملتزمة بالقوانين.








