كشفت نتائج أعمال 8 بنوك، رصدتها “البورصة”، تباينا واضحا في اتجاهات إدارة المخاطر، إذ رفعت خمسة بنوك مخصصاتها خلال الفترة من يناير وحتى سبتمبر الماضي، مقارنة بالفترة نفسها من 2024، استعدادًا لأي تقلبات محتملة، بينما خفضت 3 مصارف تلك المتطلبات ، نتيجة انخفاض درجة تعرضها للمخاطر.
وتبين أن قيمة المخصصات الموجهة لإدارة المخاطر لدى بنك قطر الوطني – مصر قفزت من 2.37 مليون جنيه بنهاية ديسمبر 2024، إلى 19.03 مليون جنيه في سبتمبر 2025، محققة أعلى نسبة نمو بين البنوك عند 702%.
كما سجّل بنك الإسكندرية نموًا كبيرًا في متطلبات رأس المال لمخاطر السوق، لترتفع من 23.3 مليون جنيه إلى 170.8 مليون جنيه، بنسبة نمو بلغت 632%.
كما رفع بنك التعمير والإسكان مخصصاته إلى 327.5 مليون جنيه نهاية سبتمبر الماضي، مقابل 250.1 مليون جنيه في ديسمبر 2024، محققًا زيادة حوالي 31%.
وسجل بنك الكويت الوطني – مصر، زيادة في متطلبات رأس المال لمخاطر السوق إلى 407.1 مليون جنيه في سبتمبر، مقابل 346.5 مليون جنيه بنهاية 2024، بنسبة نمو بلغت 17.5%.
وعزّز البنك المصري لتنمية الصادرات ، مخصصاته لمخاطر السوق، لترتفع إلى 412.8 مليون جنيه، مقارنة بـ 383.3 مليون جنيه، مسجلًا نموًا بنسبة 7.7%.
وفي المقابل تراجعت المتطلبات لدى مصرف أبوظبي الإسلامي بشكل حاد من 845.5 مليون جنيه في ديسمبر الماضي إلى 96.1 مليون جنيه بنهاية سبتمبر 2025، بنسبة تراجع 88.6%.
كما شهد البنك العربي الأفريقي الدولي تراجعًا كبيرًا بين البنوك، لتصل مخصصات مخاطر السوق لديه بين 7.19 مليار جنيه، إلى 2.97 مليار جنيه، ليتراجع بنحو 59%.
أما بنك القاهرة ، فخفّض متطلبات رأس المال لمخاطر السوق إلى 13.01 مليار جنيه، بدلًا من 13.37 مليار جنيه في ديسمبر 2024، ليشهد تراجعًا طفيفًا بلغ 2.7%.
ويمثل رأس المال المخصص لمخاطر السوق في البنوك، الحد الأدنى من متطلبات رأس المال التنظيمي الذي يجب على البنك الاحتفاظ به لتغطية الخسائر المحتملة الناتجة عن التغيرات السلبية في أسعار السوق للأدوات المالية الموجودة في محفظته التجارية.
وتطبق متطلبات رأس المال لمخاطر السوق، بشكل أساسي، على الأدوات المالية التي تحتفظ بها البنوك بغرض إعادة البيع على المدى القصير، أو الاستفادة من تحركات الأسعار على المدى الآجل.
سليمان: حجم ونوع الاستثمار له دور كبير في تغير قيم رأسمال مخاطر السوق
قال أيمن سليمان، الخبير المصرفي، إن حجم ونوع الأنشطة الاستثمارية له دور كبير في تغير قيم رأسمال مخاطر السوق. فالبنوك التي تمتلك محافظ تداول كبيرة، مثل الاستثمار في المشتقات المالية والعملات الأجنبية والسلع، تواجه مخاطر سوق أعلى، مما يتطلب تخصيص رأس مال أكبر لتغطية الخسائر المحتملة مقارنة بالبنوك التي تركز بشكل أساسي على الإقراض التقليدي.
وأشار إلى أن مستوى التعرض لأنواع محددة من المخاطر يختلف بين البنوك، فالبنك الذي لديه تعرض كبير لمخاطر معينة، مثل مخاطر سعر الصرف، سيخصص رأسمال أكبر لتلك المخاطر.
ولفت سليمان، إلى أن نماذج وأساليب قياس المخاطر تختلف بين البنوك، مثل استخدام القيمة المعرضة للمخاطر (VaR)، وبعض الأطر الرقابية تسمح باستخدام نماذج داخلية متقدمة، بينما يعتمد آخرون على أساليب قياسية موحدة، موضحًا أن هذه الاختلافات في تصميم النماذج تؤدي إلى نتائج متباينة في تقدير رأس المال المطلوب.
وأوضح أن السياسات الداخلية لإدارة المخاطر تختلف من بنك لآخر، فالبنوك ذات التوجه الأكثر تحفظًا قد تختار الاحتفاظ بنسب رأسمال أعلى كحاجز حماية إضافي يتجاوز الحد الأدنى المطلوب رقابيًا.
أشار سليمان، إلى أن المتطلبات الرقابية والتنظيمية المحلية تلعب دورًا أساسيًا، إذ تفرض البنوك المركزية والسلطات الرقابية متطلبات رأسمال كافية ضمن أطر عمل دولية مثل اتفاقيات “بازل”، مع بعض التعديلات المحلية، مؤكداً أن هذه القوانين يمكن أن تختلف بين الدول وحتى بين البنوك الكبرى داخل الدولة نفسها.
وأضاف أن جودة وكفاءة أنظمة تكنولوجيا المعلومات والضوابط الداخلية مهمة جدًا، فالبنوك التي تمتلك أنظمة قوية لإدارة ومتابعة المخاطر وتقييم كفاءة الضوابط الداخلية يمكنها إدارة مخاطرها بشكل أكثر فعالية، ما قد ينعكس على متطلبات رأس المال المخصصة.
أوضح سليمان ، أنه في إطار العمل التنظيمي للخدمات المصرفية، بعد تكوين رأسمال مخصص لمخاطر السوق، يُعد هذا المطلب إلزاميًا بشكل عام للبنوك التي لديها تعرض كبير لهذه المخاطر، مع وجود بعض الاستثناءات والحالات التي قد لا ينطبق عليها هذا المطلب.
وأوضح أن البنوك الصغيرة جدًا التي لا تمتلك أنشطة تجارية أو تعرضات كبيرة لمخاطر السوق قد تُعفى من حساب رأس المال المخصص لمخاطر السوق بشكل منفصل، اعتمادًا على القوانين المحلية.
أما البنوك التي تقتصر أنشطتها على الخدمات المصرفية التقليدية، مثل قبول الودائع وتقديم القروض، ولا تمتلك محافظ تداول كبيرة أو أدوات مالية معقدة، قد لا تحتاج إلى تخصيص رأسمال محدد لمخاطر السوق، حيث تعتبر هذه المخاطر هامشية مقارنة بمخاطر الإقراض.








