مشروع تجريبى للهيدروجين الأخضر بقيمة 500 مليون دولار قيد الدراسة فى مصر
أكد سوريش ك. ريدي، سفير الهند لدى القاهرة، أن العلاقات الاقتصادية بين مصر والهند شهدت نقلة نوعية خلال السنوات الأخيرة، عقب الارتقاء بها إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية، وهو ما انعكس بوضوح على توسع التعاون التجارى والاستثمارى بين البلدين.
وأوضح «ريدى» لـ«البورصة»، أن الاستثمارات الهندية فى مصر بلغت 5 مليارات دولار، مشيرًا إلى أن الأهمية لا تقتصر على حجم الاستثمارات، بل تمتد إلى طبيعة الشركات الهندية العاملة فى السوق المصرى، والتى تُعد من الكيانات الرائدة عالميًا وإقليميًا فى مجالاتها، سواء على مستوى الشرق الأوسط أو القارة الأفريقية.
وأشار إلى أن العلاقات التاريخية بين البلدين قوية، لكن المرحلة الراهنة تمثل تطورًا مختلفًا، مع توسع ملحوظ فى التعاون الاقتصادي، يعكس من جهة النمو الكبير للاقتصاد الهندي، ومن جهة أخرى تحول مصر إلى وجهة جاذبة للاستثمارات الأجنبية.
وأضاف أن الشركات الهندية العاملة فى مصر ليست شركات تقليدية، بل كيانات كبرى تقود صناعاتها على المستوى العالمي، وهو ما يمنح التعاون الاقتصادى بين البلدين بعدًا استراتيجيًا طويل الأجل.
وأوضح «ريدى» أن الهند أصبحت من أكبر الاقتصادات الصناعية فى العالم، لافتًا إلى أن بعض الشركات الهندية الكبرى تمتلك رؤوس أموال تتراوح بين 200 و400 مليار دولار، ما يمنحها قدرة كبيرة على التوسع والاستثمار فى أسواق متعددة.
وأشار إلى أن الهند تنفق سنويًا نحو 135 مليار دولار على مشروعات البنية التحتية، وهو ما أسهم فى نشوء شركات هندية عملاقة فى هذا القطاع، موضحًا أن الطفرة التى تشهدها مصر فى تطوير الموانئ والمطارات وشبكات السكك الحديدية تفتح آفاقًا واسعة للتعاون فى مشروعات البنية التحتية.
الهند ثالث أكثر دولة جاهزية للذكاء الاصطناعى ومصر تترأس مجموعة عمل بقمة 2026
وأضاف أن الشركات هى التى تحدد مواقع استثماراتها وفقًا لطبيعة السوق المستهدف ونوع الإنتاج، معتبرًا أن جذب المزيد من الشركات الهندية إلى مصر أكثر أهمية من التركيز على إنشاء منطقة صناعية مخصصة. وأوضح أنه درس بالفعل فكرة إنشاء منطقة صناعية هندية داخل مصر، لكنه خلص إلى أن الأولوية يجب أن تكون لاستقطاب الشركات نفسها وليس تخصيص مناطق بعينها.
وقال «ريدى»، إن حجم التبادل التجارى بين البلدين لا يزال متواضعًا مقارنة بحجم الاقتصاد الهندي، الذى تجاوز إجمالى تجارته الخارجية 1.5 تريليون دولار خلال العام الماضي.
وأشار إلى وجود فرص كبيرة أمام مصر لزيادة صادراتها إلى السوق الهندى، خاصة فى المنتجات الزراعية مثل البرتقال والفراولة والرمان، إلى جانب الفوسفات الصخرى والأسمدة، مؤكدًا أن السوق الهندى يضم أكثر من 300 مليون فرد من الطبقة المتوسطة، ما يجعله من أكبر الأسواق العالمية للمنتجات الغذائية.
وأكد «ريدى»، أن الهند من الدول الرائدة عالميًا فى مجال الطاقة المتجددة، حيث تنتج أكثر من 300 جيجاوات من الطاقة النظيفة، معظمها من خلال القطاع الخاص.
وكشف أن إحدى الشركات الهندية الكبرى تدرس تنفيذ مشروع تجريبى للهيدروجين الأخضر فى مصر بقيمة 500 مليون دولار، مع إمكانية التوسع لاحقًا إلى استثمارات تتجاوز عدة مليارات من الدولارات، عقب استكمال الموافقات اللازمة.
وأوضح السفير أن الهند جاءت فى المرتبة الثالثة عالميًا ضمن تقييم دولى لمدى جاهزية الدول للذكاء الاصطناعي، بفضل توافر الكفاءات البشرية، ودعم منظومة الشركات الناشئة، والسياسات الحكومية المحفزة.
وأشار إلى أن الهند ستستضيف قمة الذكاء الاصطناعى فى فبراير 2026، على أن تترأس مصر إحدى مجموعات العمل المعنية بـ«دمقرطة الذكاء الاصطناعى»، مؤكدًا أن التعاون بين البلدين فى هذا المجال قائم ومتقدم بالفعل.
وأكد «ريدى» أن مصر تمتلك مقومات قوية تؤهلها لتكون مركزًا إقليميًا وعالميًا للتكنولوجيا الرقمية والتعهيد، بفضل الكوادر الشابة المؤهلة، مشيرًا إلى تواصله مع عدد من شركات تكنولوجيا المعلومات الهندية الكبرى، التى أجرت زيارات واجتماعات فى القاهرة، مع توقعات بضخ استثمارات خلال الفترة المقبلة.
وحول انضمام مصر إلى مجموعة «بريكس»، أكد السفير أن الهند رحبت بقوة بالعضوية المصرية، معتبرًا أن وجود مصر يعزز صوت الدول النامية داخل التجمع، ويفتح المجال أمام الاستفادة من تمويلات بنك التنمية التابع لبريكس.وفيما يتعلق بقطاع الدواء، أكد «ريدى» وجود تعاون قائم فى نقل تكنولوجيا اللقاحات والأدوية الحيوية المشابهة، كاشفًا عن أن وفدًا يضم أكثر من 75 شركة دوائية هندية سيزور مصر فى يناير المقبل لبحث فرص الاستثمار والشراكات مع الشركات المصرية.
وأوضح أن الزيارة لا تقتصر على اجتماعات بروتوكولية، بل تستهدف بحث فرص استثمار فعلية، سواء من خلال إنشاء مصانع جديدة أو الدخول فى شراكات مع شركات دواء مصرية قائمة، معتبرًا أنها تمثل خطوة أولى نحو تعميق توطين صناعة الدواء ونقل التكنولوجيا.
وأشار «ريدى» إلى أن جاذبية مصر لا تقتصر على كونها بوابة للأسواق الأفريقية، بل تمتد إلى كونها سوقًا استهلاكياً كبيراً وقابلاً للنمو، مؤكدًا أن الشركات الهندية تنظر إلى مصر باعتبارها مركزًا إقليميًا للتصنيع والتصدير فى آن واحد.








