بقلم: كونداليزا رايس
ضربت هجمات 11 سبتمبر والأزمة المالية العالمية والاضطرابات التى يشهدها العالم العربى مصالح الولايات المتحدة فى مقتل منذ بداية القرن الحالى، وإذا رغب الأمريكيون فى استقرار النظام الدولى بطريقة يصبح العالم معها أكثر أمناً وحرية ورخاء، ينبغى على الولايات المتحدة أن تتغلب على ترددها فى قيادة العالم، يجب أن ندافع عن قوتنا ونعززها ونعد بأسواق حرة وشعوب تنعم بالحرية، ونؤكد أن الهيمنة الأمريكية تحمى العالم بدلاً من أن تعيق تقدمه.
فى الشرق الأوسط يجب أن نستخدم برصانة مساعداتنا وخبرتنا ونفوذنا من أجل دعم إنشاء مؤسسات ديمقراطية شاملة، المشكلة الأساسية التى تعانيها المنطقة هى غياب المؤسسات التى يمكن أن تسوى النزاع القائم بين السُنة والشيعة وحماية حقوق المرأة والأقليات، حتى مع اتخاذ القرارات السريعة والضرورية بما فيها تسليح الثوار السوريين، يجب أن نصر على السياسات الشاملة، لن تطيق الولايات المتحدة أن تقف مكتوفة الأيدى خشية من أن تسعى القوى الإقليمية إلى تنفيذ أجنداتها الخاصة التى يمكن أن تؤدى إلى تفاقم الانقسامات الطائفية.
وبينما نعمل مع المصلحين فى مختلف أنحاء المنطقة، يتعين علينا ألا ننسى أن العراق لديه هذا النوع من المؤسسات التى تهدف إلى التغلب على هذه الانقسامات، ونحن فى حاجة ماسة إلى الاندماج مرة أخرى مع بغداد نظراً لموقعها الجغرافى المهم والفوضى التى تجتاح جيرانها ونفوذ إيران المدمر.
والولايات المتحدة فى حاجة للعودة مرة أخرى إلى تطوير أنظمة ديمقراطية داخل وخارج الشرق الأوسط، فقد ضاعفت إدارة جورج بوش الانفاق على المساعدات العالمية أربع مرات لأفريقيا، وقدمت المساعدات – أيضاً – للدول التى كانت تستثمر فى صحة وتعليم شعوبها خاصة التى تحكم بالعدل وترسخ ديمقراطية وتبنى اقتصادات مفتوحة وتحارب الفساد، هذه الدول بالطبع سوف تنجح فى تحقيق الانتقال من مرحلة تلقى المساعدات إلى الاستثمارات الخاصة وتساهم فى الاقتصاد الدولى والأمن العالمى.
ينبغى ألا يغيب عن أذهاننا كيف تترسخ الديمقراطية فى نصف الكرة الغربى، ويمكن أن تساهم السياسة التجارية والمساعدات الأمريكية فى نشر الديمقراطية بدول أمريكا اللاتينية، وفى الوقت ذاته يجب أن نساعد المعارضين من كوبا إلى فنزويلا حتى نيكاراجوا، كما أننا فى حاجة إلى وضع أجندة للمكسيك تتضمن التحدى الأمنى المدمر الذى يهددها والولايات المتحدة على حد سواء.
والأهم من ذلك هو أننا فى حاجة إلى توطيد علاقتنا مع أصدقائنا فى جميع أنحاء العالم، حيث ألقى اتجاه الولايات المتحدة إلى المحاكم الدولية للفصل فى الخصومات بظلاله على علاقاتنا مع حلفائنا الجديرين بالثقة، فعلاقاتنا مع أوروبا تتسم بالتشتت والازدراء فى بعض الأحيان، والروابط الاستراتيجية مع الهند والبرازيل وتركيا لم تعزز خلال السنوات الأخيرة، ورفضت كل من فنزويلا وإيران إقامة علاقات مع أفريقيا ولا توجد هناك دولة فلسطينية ولن تقام إلا من خلال التفاوض مع إسرائيل التى تثق فى الولايات المتحدة، ورفض فلادمير بوتين إعادة ترسيخ العلاقات مع الولايات المتحدة الذى عاد سريعاً إلى انتهاج السبل المناهضة لأمريكا.
وفى النهاية يجب ألا ننسى أن القوة تبدأ من الداخل، وقيادة العالم تبنى على اقتصاد قوى وانضباط مالى ودعم نمو القطاع الخاص، ونجاح أمريكا بالطبع يعتمد على تعبئة الامكانات البشرية، وهو ما نفذته الولايات المتحدة بشكل أفضل من أى دولة فى التاريخ.
إعداد: رنا علام
المصدر: فاينانشيال تايمز






