أبدى عدد من العاملين فى مجال تطوير المشروعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر تخوفهم من عدم جدية الحكومة فيما يصدر عنها من تصريحات بشأن السعى نحو دمج قطاع الأعمال غير الرسمى فى منظومة الاقتصاد الرسمي.
واعتبر الفاعلون فى القطاع الأمر كله مجرد تصريحات فى الهواء يطلقها المسئولون بين الحين والآخر دون إجراءات ملموسة على الأرض مشككين فى قدرة الحكومة على إنجاز هذا الملف فى ظل وجود العديد من المعوقات التى تحول دون ذلك.
قال نادر عبد الهادى، رئيس جمعية تحديث الصناعات الصغيرة إنه يشعر بالارتياح إزاء التصريحات الحكومية التى تتعلق بتقنين أوضاع الأعمال غير الرسمية، وأنه يعتبر هذه التصريحات «كلام فى الهواء» لا جدوى له وأن هذه العبارات صدرت من الحكومة مراراً وتكراراً لكنها لم تنفذ حتى الآن.
وأرجع البطء فى التنفيذ إلى البيئة التشريعية التى لا تسمح بتقنين أوضاع هذه الأعمال غير الرسمية، التى لا تستند فى الأساس إلى قاعدة دستورية، موضحاً أنه على الرغم من أن الدستور الجديد يولى اهتماما بالمشروعات الصغيرة إلا أنه لم يرد ذكر المشروعات متناهية الصغر، التى تبلغ حوالى 2.7 مليون مشروع متناهى الصغر.
وأشار عبد الهادى إلى أن الدولة لم يكن لديها قانون ينظم عمل المشروعات الصغيرة حتى عام 2004 حتى تم إقرار القانون رقم 141 الذى لم يتم تفعيله حتى الآن.
ورفض النهج الذى تسلكه الحكومة وهو مبدأ التقنين من أجل جباية الضرائب، فالحكومة ملتزمة بتوفير البيئة المناسبة التى تدفع هذه الأعمال لتحقيق نموا فى انتاجها، ومن ثم أرباحها ثم تأتى لتحصل الضرائب، وهى كذلك مطالبة بإيجاد آلية لتنفيذ الإعفاء من الضرائب لاسيما أن بعض الأعمال الرسمية تطعن على فكرة إعفاء قطاعات بعينها من الضرائب وتطلب هى الأخرى إعفاءات مقابلة من منطلق المعاملة بالمثل.
ومن جهته شكك فؤاد ثابت، رئيس اتحاد الجمعيات الاقتصادية لتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، فى إمكانية دمج القطاع غير الرسمى فى هذا التوقيت، وذكر أنه بالإضافة لغياب البيئة التشريعية اللازمة لإتمام هذا الدمج تبدو إشكالية التمويل التى تعجز الحكومة عن توفيره فى ظل اقتصاد يعانى عجزا فى موازنته العامة.
وقال ثابت إن البنوك رغم ما تعلنه من برامج لدعم وتيسير حصول هذه المشروعات على تمويلات فإن الواقع يذهب إلى غير ذلك، لأن البنوك تفضل المشروعات الكبيرة كونها تضع فى الاعتبار ارتفاع مخاطر إقراض المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، فضلاً عن ارتفاع تكلفة إقراض هذه المشروعات.
وركز د. وحيد عبد الصمد، نائب رئيس مجلس إدارة اتحاد الجمعيات الاقتصادية لتنمية المشروعات الصغيرة، على المشروعات متناهية الصغر التى يعانى العاملون فيها من مشكلات بالجملة على حد قوله.
وانتقد غياب البيئة التشريعية التى تنظم عمل المشروعات متناهية الصغر، مؤكداً أن مسودة الدستور تخلو من أى مواد تكفل فيها الدولة الرعاية للمشروعات متناهية الصغر مثل مشروعات الباعة الجائلين التى يعمل فيها حوالى 5.5 مليون مواطن بعد الثورة والذى يمكن أن يصل إلى 20 مليون إذا اعتبرنا أن كل مواطن منهم ملتزم برعاية أربعة أفراد.
وأوضح بعدالصمد أن أصحاب المشروعات الصغيرة يخشون اتخاذ الحكومة إجراءات تعسفية ضد أعمالهم فى حالة قبولهم العمل تحت مظلة الاقتصاد الرسمى مثل تحميلهم قضايا تهرب من الضرائب بحجة أنه لا إعفاء من الضرائب لأنها أموال سيادية أو أن توجه لهم الحكومة تهمة العمل دون ترخيص فى فترات سابقة.
فى سياق آخر أبدى عدد من أصحاب المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر رفضهم الدخول تحت مظلة الاقتصاد الرسمى بسبب الخوف من تحمل أعباء إضافية من تأمينات وضرائب.
وقال سيد إسماعيل، صاحب مشروع لتربية الدواجن، إنه يعانى هو وأقرانه من مشكلات كثيرة ينبغى الالتفات إليها قبل الحديث عن ضم مشروعاتهم للاقتصاد الرسمى ومعاملتهم بالمثل كالشركات المسجلة والموثقة رسميا.
وذكر أن زملاءه العاملين فى مهنته يتحملون كل الأعباء وحدهم والحكومة لا تهتم لأمرهم طالما أنهم يعملون فى الخفاء وأن جميع مدخلات الإنتاج اللازمة لصناعة الدواجن فى مصر تعانى ارتفاعاً شديداً فى أسعارها.
وأشار إلى أن ثمن العلف قد تضاعف خلال الفترة الأخيرة وأن الأدوية التى يتم استيرادها من الخارج لعلاج الدواجن يتم الحصول عليها بأسعار مرتفعة جداً، بالإضافة إلى الأمراض والأوبئة التى انتشرت مؤخراً والتى تؤدى إلى نفوق أعداد كبيرة من الدواجن فى الدورة الواحدة وتساءل سيد إسماعيل هل يعقل أن تلزم الدولة شخصاً بدفع الضرائب وهو فى الوقت ذاته يحقق خسائر فى رأس ماله؟
من ناحية أخرى، أعرب حسن فرحات ـ مقاول ـ عن عدم رغبته فى الانضمام للقطاع الرسمى معبراً عن رضاه بعمله الذى يمارسه منذ سنوات بعيداً عن الحكومة ومشاكلها حسب تعبيره.
وأوضح أنه يساهم فى توفير فرص عمل لعشرات العمال وأصحاب الحرف، وأنه يعمل مقاولاً من الباطن، وأنه لا يتعامل مع أى جهة حكومية رسمية تجبره على دفع الضرائب.
ولفت فرحات إلى أنه يعمل باجتهاد ويوفر المستحقات المالية للعاملين معه بانتظام وأنه لا يرغب فى فرض ضرائب عليه. وأن بعض أصحاب السجلات التجارية الموثقة رسميا يعملون فى مقاولات الباطن بعيداً عن سجلاتهم وأوراقهم، وأن هذه السجلات لا توضح حجم أعمالهم الحقيقى وبالتالى يصعب تقدير الضرائب المستحقة عليهم.
خاص البورصة








