بقلم: شاشانك جوشى
من المفترض أن تستمر الأزمات الدولية لعدة أيام أو ربما تمتد لأسابيع مثل أزمة صاروخ كوبان، أو حتى لأشهر مثل المناوشات التى سبقت الحرب العالمية الأولى عام 1914، ولكن الأزمة النووية الإيرانية التى بدأت مع اكتشاف المواقع السرية النووية فى 2002، استمرت لعقد كامل حتى الآن، ورغم اعتقاد البعض بأن عشر سنوات دون حرب تعد نجاحاً فى حد ذاته، إلا أنه سيكون من الحماقة أن نزعم أنه بإمكاننا الصمود عشر سنوات أخرى.
أهم شىء ينبغى أن نفعله الآن هو استغلال الظروف الدبلوماسية ونسعى لإبرام اتفاقية مع إيران التى من شأنها معالجة قلقنا الأساسى بشأن الأمن وتحفظ ماء وجه طهران.
اتت نافذة الدبلوماسية مفتوحة حيال الملف النووى بين إيران والغرب منذ إعادة انتخاب باراك أوباما، الرئيس الأمريكى لفترة ولاية أخرى، ولكن سوف تنغلق تدريجياً مع اقتراب انتخابات الرئاسة الإيرانية فى يونيو الماضى، وظهر النظام السياسى الإيرانى مفتتاً خلال الولاية الثانية للرئيس محمود أحمدى نجاد، وسوف تحتدم المنافسة بين الأحزاب، وبما أن إجراء المفاوضات قبل يناير بات صعباً، فلم يعد أمامنا سوى فترة قصيرة لا تزيد على خمسة أشهر للتوصل إلى اتفاق.
الجميع على دراية بشكل المساومات، سوف يعرض الغرب الحد من العقوبات ويسمح لإيران بتخصيب اليورانيوم، وفى المقابل تضع طهران حداً أقصى للتخصيب بنسبة 5%، وإيقاف إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 20% الأكثر خطورة، يتعين على إيران أيضاً الموافقة على أن تحول مخزونها من اليورانيوم لوقود وتحد من إمكانياتها على إنتاج المزيد فى المستقبل، والأهم من ذلك كله أن توافق على قيام الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعمليات تفتيش مفاجئة.
تعد النقطة الأخيرة حاسمة لأن إيران إذا سعت لتصنيع قنبلة لن تكون مشكلتها الأساسية هى كيفية الحصول على المواد، ولكن أن يتم اكتشافها، ويجب ضمان بقاء طهران على هذا النحو، وينبغى أن نفضل برنامجاً إيرانياً نووياً أكبر وأكثر شفافية عن برنامج آخر أصغر ولكن أكثر غموضاً.
وتكمن المشكلة كما هو الحال ـ غالباً ـ فى المفاوضات باقتناع كل طرف بأنه يستطيع الصمود أكثر من الآخر، فنحن نعتقد أن إيران، التى تنوء تحت وطأة عقوبات لم يسبق لها مثيل، سوف توافق فى نهاية المطاف على تنازلات أكبر بكثير من تلك التى ذكرتها، وهذا قد يكون خطأ.
أولا، من الممكن أن تكون للعقوبات طويلة الأمد آثار دبلوماسية وإنسانية مدمرة كتلك التى حدثت فى العراق عام 1990، ثانياً: كلما طال أمد الأزمة ازداد الخطر من شن إسرائيل هجمات جوية على إيران خوفاً من أن تحرز تقدماً خفياً فى تطوير القنبلة النووية، وهو ما قد يؤدى إلى طرد إيران للمفتشين وإعادة صياغة برنامجها النووى بعيداً عن الأنظار ومضاعفة جهودها، مثلما فعلت العراق بعد قصف إسرائيل لها عام 1981، فضلاً عن ذلك فإن الانهيار المحتمل بشكل كبير لنظام الأسد سوف يجرد إيران من حليفها الوحيد، عند حدوث ذلك من المتوقع أن يكون موقف إيران أكثر تصلباً.
قد ترفض إيران بكل بساطة تقديم التنازلات اللازمة، وحينئذ لن نكون أسوأ حالاً مما نحن عليه الآن، ولكن عدم محاولة التفاوض مع إيران سيكون نوعاً من التهاون مع العلم بأن الدول المصرح لها بامتلاك أسلحة نووية تستغرق أقل من عشر سنوات لتصنيع قنابلها، وامتداد الأزمة الإيرانية ملفت للانتباه ويثير القلق، قد تكون العقوبات لعبت دورها فى إجبارها على العودة إلى المحادثات النووية، ولكنها لن تتمكن من القيام بالمزيد بعد الآن فى تلك المهمة الشاقة.
إعداد: نهى مكرم
المصدر ـ صحيفة الجارديان البريطانية







