شارك المسئولون الحكوميون بتصريحاتهم فى أزمة الدولار الأخيرة فى مؤشر على عدم استقلالية قرار البنك المركزى فى إدارة سوق الصرف.
ولم تكن التصريحات الحكومية وليدة الأحداث الأخيرة فى سوق الصرف بل سبقتها عندما أعلن عدد كبير من المسئولين بينهم رئيس الجمهورية رفضهم خفض سعر صرف الجنيه بناء على طلب من صندوق النقد الدولى.
أما بعد نشوب الأزمة فقد شهد السوق سيلا من التصريحات على جميع المستويات عن موقف الجنيه ومستقبل سعر الدولار وكلها تقريبا كانت من خارج البنك المركزى.
وكشفت عن عدم وجود تنسيق بين الحكومة والبنك المركزى بشأن حقيقة الموضوع وآليات إدارة سوق الصرف، وأبرز التصريحات فى هذا الصدد تلك التى أطلقها رئيس الوزراء عن عدم نية الحكومة تعويم الجنيه والتى جاءت فى نفس اليوم الذى فقد فيه الجنيه 18 قرشاً فى مواجهة الدولار.
وعلى الرغم من اعتراف الحكومة وتصريحها بالمسئولية الكاملة التى تقع على عاتق البنك المركزى ومحافظة إلا انها لم تكف عن التصريحات بالمؤتمرات الصحفية، حيث قال رئيس الوزراء الدكتور هشام قنديل فى مؤتمره الصحفى الأحد الماضى «السياسة النقدية مسئولية العقدة ولا نية لتعويم الجنيه» وتبعه أشرف العربى وزير التخطيط والتعاون الدولى ردا على الصحفيين بالمؤتمر «إدارة السياسة النقدية مسئولية البنك المركزى ولا نية لطبع البنكنوت والقياس بأمريكا لطبعها الدولار فى وقت الازمات ليس فى محله».
برر رئيس أحد البنوك التصريحات المتوالية للحكومة عن السيطرة على سوق الصرف والحفاظ على قيمة بحالة التخوفات والقلق لدى العملاء والمستثمرين ورغبتها فى بث الطمانة بشأن الاقتصاد المصرى وقدرتة على استيعاب الموقف.
أضاف أن حالة القلق والتخبط السياسى والاقتصادى هى السبب وراء التخوفات والتضارب فى التصريحات، مشيرا إلى ان البنك المركزى هو صاحب القرار النهائى فى ملف إدارة سوق الصرف، كما ان أغلب تصريحات الحكومة عامة وبعيدة عن الآليات الفنية المعنى بها البنك المركزى ومحافظه.
قال مسئول بالبنك المركزى إن التصريحات الحكومية التى تصدر بشأن سعر الصرف غير واقعية فى اغلبها مشيرا إلى ان الواقع العملى، يؤكد أن هناك تحررا بطيئا لسعر صرف الجنيه المصرى تلبية لمتطلبات صندوق النقد الدولى.
واضاف أن سياسة تحرير سعر الصرف المتدرجة لن تعيق عمليات الاستيراد ولن تترك تأثيرات كبيرة على السلع الاستهلاكية.
وقال ان تحرير سعر الصرف سيدعم احتياطيات النقد الاجنبى متوقعا الا يؤدى تحرير سعر الصرف إلى ارتفاعات كبيرة فى قيمة الدولار امام الجنيه.
وأشار أحمد الخولى، رئيس قطاع الخزانة بأحد البنوك إلى أن تصريحات الحكومة بشأن أسعار الصرف وعدم الاتجاه لتعويم الجنيه هى رسائل طمأنة على قيمة الجنيه، مشيرا إلى أن التعويم الراهن للجنيه هو نتيجة لعدم القدرة على السيطرة على اسعار صرف الدولار، مؤكداً أهمية وجود تنسيق بين الحكومة وبين مسئولى البنك المركزى.
أضاف انه من غير الضرورى ان يكون رئيس الوزراء أو أى منهم على دراية بآليات إدارة السياسة النقدية أو سوق الصرف ويقتصر دورها على مباشرة الاتجاهات والاطلاع على حقيقة الأوضاع ولكن لابد من التنسيق الإعلامى بين الطرفين تجنبا لحالة البلبلة والتصريحات المتضاربة التى تثير القلق وتكون مجال خصب لانتشار الشائعات.
وقال مسئول خزانة ببنك قناة السويس إن تعويم الجنيه امر واضح للبيان ذلك، مشيرا إلى ان تلك السياسة مفروضة على البنك المركزى، نظرا لعدم قدرته على اتباع نفس عمليات الدعم للجنيه التى انتهجها خلال الأزمات الماضية.
أضاف أن ارتباط تراجع قيمة الجنيه اضطرارى فى ظل الأوضاع الاقتصادية السلبية وارتفاع أسعار الدولار وتراجع المعروض منه وزيادة الطلب، فضلا عن عمليات المضاربات التى انتهجتها الصرفات وبعض العملاء معا تخوفاً من ارتفاعات أسعار الصرف.
كتب – أسماء نبيل وناصر يوسف