بقلم : عماد الدين أديب – الوطن
علاقة الجنيه المصرى بالدولار الأمريكى ليست مجرد تعبير عن سعر صرف لعملة محلية مقابل عملة عالمية، بقدر ما هى عملية كاشفة لحقيقة وضعية الاقتصاد الوطنى الحالية وأسلوب إدارته.
عاش سعر صرف الدولار مستقراً فى علاقته بالجنيه المصرى لسنوات طويلة، وكانت فترة إدارة الدكتور فاروق العقدة، المحافظ السابق للبنك المركزى المصرى، خير دليل على التعامل «المهنى المحترف» مع آليات تحديد سعر الصرف بشكل يبتعد عن التدخلات السياسية أو القرارات الشعبوية.
ومنذ ساعات طرح البنك المركزى 50 مليون دولار جديدة لمواجهة الطلب المتزايد على الدولار فى الأسواق، وبالذات لدى محلات الصرافة.
وإذا كان السعر الرسمى للدولار مقابل الجنيه يبلغ 6٫71 للشراء و6٫74 للبيع، فإن السعر فى الأسواق السوداء تعدى السبعة جنيهات خاصة فى حالة الطلب على أرقام كبرى.
وازدادت عملية الطلب على الدولار هذه الآونة لثلاثة أسباب رئيسية:
أولاً: احتياج أصحاب المصانع لفتح اعتمادات لموادهم الخام السنوية فى الفترة ما بين ديسمبر ويناير، واحتياج المستوردين وبالذات فى مجال السلع الغذائية والسيارات والأدوية إلى تدبير احتياجاتهم بالعملة الصعبة.
ثانياً: لجوء الكثير من المواطنين إلى الدولار كمخزن قيمة وتحويل مدخراتهم من الجنيه المصرى إلى الدولار.
ثالثاً: اضطراب الوضع السياسى والأمنى فى البلاد، مما دفع الكثير من المستثمرين والمدخرين إلى اعتماد الدولار كعملة قابلة للتحويل أو التهريب عن طريق أسلوب المقاصة أو تجار العملة، الذين وجدوا فى صناعة «إخراج الثروات» منجماً من الذهب فى الآونة الأخيرة.
من هنا، علينا أن نتوقف عند مسألة تضارب المصالح العليا بين طرفين فى هذا الملف؛ طرف الصناعة الوطنية الذى سوف يعانى معاناة شديدة من ارتفاع قيمة الدولار، وبين تيار آخر يعتمد سياسة المضاربة على العملة ويؤمن بأن مصالحه الشخصية تعتمد على تشجيع مسألة ارتفاع سعر صرف الدولار بأى ثمن وبأى كلفة ممكنة، حتى لو تحول الشعب المصرى كله إلى طوابير من المتسولين!
هذا التيار موجود فى مراكز مهمة من أماكن التأثير على الأوضاع المالية والاقتصادية فى البلاد، وهو يضغط بقوة من أجل إعادة اقتصاد مصر من اقتصاد وطنى إلى اقتصاد تجارة العملة.








