بقلم: نادر موسافيزاديه
وصلت الأزمة الممتدة بشأن برنامج إيران النووي إلي لحظتها الحاسمة، فهذا هو العام الذي سيندلع فيه إما الحرب أو السلم أو هكذا يشير علي الأقل التوافق العالمي الملحوظ.
وعلي الأرجح يعرف عام 2013 بأنه فترة أخري من الجمود المستمر الذي يقوده ميل غير معلن من جانب جميع المشاركين في عملية التوازن التي تستبعد كلا من الحرب والسلم، إلا أن التأرجح بين التهديدات والمحادثات يدق حتماً أجراس المواجهة الحاسمة.
كل هذا يعد غالباً مسرحية، فالحقيقة ان الوضع الراهن، من عزل إيران دبلوماسياً وتعثرها اقتصادياً ومحاصرتها عسكرياً، بالنسبة لكل طرف من الأطراف الرئيسية أفضل البدائل المتاحة.
فبعد اندلاع حرب شاملة، بما في ذلك أسابيع من الهجوم علي منشآت مشتبه أن تكون نووية وانتقام إيراني واسع النطاق من خلال وسائل تقليدية وغير تقليدية، بمثابة لعنة، كما ان التوصل إلي سلام حقيقي مع إيران أمر غير محبب للغرب بالرغم من عدم اعترافهم بذلك الأمر.
كما أن آفاق دولة منفتحة وديمقراطية وتنعم بالسلام وتندمج في الاقتصاد العالمي يعد أمراً غير جاذب بالنسبة للنظام الايراني، الذي استولي علي السلطة وحافظ عليها لأكثر من ثلاثة عقود باستخدام مزيج من القمع الداخلي والعداء الخارجي، ففي الواقع تعتمد المصالح الشخصية والسياسية والمالية والأمنية للنخبة الايرانية بشكل كبير علي الحفاظ علي وضع ايران الراهن كبلد منبوذ، حيث يمثل السلام وليس الحرب بالنسبة لهم تهديدا لوجودهم.
بعد اعلانه ان الولايات المتحدة لن تسمح بوجود ايران مسلحة نوويا، شن الرئيس باراك اوباما في الواقع حربا لمنع حرب اخري، ووفقا لتعريف النزاع المسلح فان الولايات المتحدة ابعد ما تكون عن كونها في حالة حرب مع ايران، حيث تم شن حملة من التدابير المدمرة علي طهران مع عقوبات اقتصادية ومالية في الظاهر، ولكن في الباطن هناك حملة واسعة ممنهجة من التخريب والحرب المعلوماتية لمنع ايران من الوصول إلي القدرة النووية، هذا ايضا قلل من حاجة الولايات المتحدة للتفاوض مع حلفائها مثل اسرائيل والمملكة العربية السعودية حول بنود «صفقة كبري» مع ايران من شأنها ان تعيد تشكيل المستقبل الاستراتيجي للشرق الاوسط.
بالنسبة لقاعدة إسرائيل الأمنية، التي تعترف بقدرتها المحدودة في إلحاق اضرار بالغة بالبنية التحتية النووية لايران بمفردها، فيضمن لها الوضع الراهن مصالحها في الحفاظ علي تفوقها الاقليمي التقليدي وغير التقليدي.
بالنسبة للمملكة العربية السعودية وحلفائها من دول مجلس التعاون الخليجي ايضا فإن الوضع الحالي هو الافضل بالمقارنة باندلاع الحرب حيث انهم منهكون اقتصاديا ومنشغلون سياسيا مع اصدقائهم في الغرب بالنضال لمقاومة حركة الاحتجاجات «الربيع العربي» التي تجتاح المنطقة. أما روسيا والصين فكلاهما ينظر إلي أن الانشغال الأمريكي الكامل بايران عنهما يعد ذا قيمة استراتيجية لهما، طالما أنهما غير مضطرين إلي وقف أي تحرك عسكري عبر مجلس الأمن فإنهما يستطيعان التركيز علي الاولويات الامنية والاقتصادية الخاصة القريبة من ارضيهما. أضف إلي ذلك إن جميع الأطراف يدركون المصالح الحقيقية والقدرات التي يوفرها الوضع الراهن الذي يبدو مناسبا للحفاظ عليها.
تدرك إيران أن الغرب لا يرغب وغير قادر فعليا علي رفع العقوبات الحالية حتي لو استسلمت طهران لرغباتها، كما تدرك الولايات المتحدة أن طموحات ايران في المنطقة تتعارض مع وجودها الدائم في الخليج لدعم الاسر الحاكمة هناك كحصون ضد حلفاء ايران المقربين. ويبدو أن طبيعة المحادثات في هذا السياق سوف تغير هذا التفاعل بين اطراف النزاع.
هذا المسار أولا يدفع الغرب باتجاه سياسة الاحتواء حيث انها التعريف الصحيح لما وصل اليه الوضع الاستراتيجي، وثانيا أن بداية سياسة الاحتواء كانت تتعلق بالتسيلح النووي وليس شيئاً آخر، وثالثا العمل علي تغطية الساحة بقشرة دبلوماسية وهمية تثير لدي الرأي العام القلق ازاء مخاطر صراع مسلح آخر في منطقة الخليج وما قد يصحبه من اضطراب في سوق البترول العالمي.
ومع ذلك هناك مخاطر مما يبدو للآخرين أنه مستقر، وقد يحدث من اضرار مثل التوازن في السيطرة علي العدو فعلي المدي القصير، توجد مخاطر مثل سوء التقدير وسوء الفهم وسوء التفسير وعدم الكفاءة في إدارة هذا توازن الهش للحرب عبر وسائل غير تقليدية. وعلي المدي الطويل، فشل المفاوضات في تحقيق الهدف المعلن وهو ارغام إيران علي الانصياع لطلبات مجلس الأمن والهدف غير المعلن وهو كسب الوقت لعرقلة ضربة جوية أحادية الجانب تشنها دولة الاحتلال الإسرائيلي ضد المواقع النووية الايرانية، لكنها سوف تؤدي إلي تدمير النسيج النابض بالحياة في إيران وهو طبقة الشباب.
الهروب من هذه التداعيات مهمة الإدارة السياسية لما وراء هذه الاستراتيجية والخيال الذي تتمتع به الجهات الفاعلة الرئيسية العاملة في مجال الدبلوماسية المسئولة عن الملف الإيراني. والسؤال هو ما إذا كان يمكن تجنب وقوع اندلاع الحرب لفترة كافية تسمح لمعارضي النظام الإيراني بأن يرتقوا إلي مستوي التحدي.
إعداد: ربيع البنا ونهي مكرم
المصدر: فاينانشيال تايمز
