السفير التركي بالقاهرة: الديمقراطية ليست بالمهمة “السهلة “..وعلى الشعب المصري الصبر واحترام الصندوق

عقدت بالأمس مجلة الديمقراطية مؤتمراً بعنوان ” مصر وتركيا .. تجارب وخبرات مع الديمقراطية والتنمية” بحضور عدد من المتخصصين وأساتذة العلاقات الدولية والاستراتيجية والاقتصاد وعلى رأسهم الدكتورعبد الخالق فاروق خبير ،السفير هاني خلاف، مساعد وزير الخارجية للشئون العربية، الدكتور ياسين أقطاي رئيس معهد التفكير الاستراتيجي بتركيا، السفير التركي بالقاهرة حسين عوني بوطصالي.

صرح السفير هاني خلاف، مساعد وزير الخارجية للشئون العربية، ومندوب مصر الأسبق بالجامعة العربية، في تصريح خاص لـ”البورصة”، إن حجم تركيا الاقتصادي والتجاري في تعاظم، كما أن العلاقات المصرية التركية في تحسن ملحوظ، حيثا أن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ 2.7 مليار دولار في يناير 2011، معتبراً شروط التحسن والتضخم تختلف باختلاف ساسة الدول وأنظمتها الحاكمة.

وأضاف إن العلاقات السياسية بين مصر وتركيا اتسمت بحالة من التحفظ والارتياب فيما يتعلق بالسياسات الخارجية للبلدين، معتبراً حجم العلاقة بين الجانبين ستتسع بحكم التقارب الأيديولوجي لنظام الحكم.

وكشف أن عمرو موسى رئيس حزب المؤتمر، كان قد سبق وأن طرح فكرة إنشاء آلية للحوار الجغرافي مع الدول اللصيقة بالدول العربية كتركيا وإيران، ولكنها لم تحظى بالاهتمام ونالت من الإهمال ما نالت.

أشار الدكتور عبد الخالق فاروق، الخبير في الشئون الاقتصادية والاستراتيجية، إلى أن مجالات التعاون بين مصر وتركيا تتلخص في 3 أنواع وهي مجال الاستثمارات التركية في مصر وخصوصاً في المجال الصناعي والزراعي، ومجال السياحة المشتركة، والتبادل التجاري.

وأوضح أن قطاع البترول والغاز الطبيعي أصيب بنكسة كبرى بسبب القيادة الخاطئة التي تولت الإدارة لعقود طويلة، مشدداً على ضرورة إعادة النظر في الاتفاقيات والعقود مع الشركاء الأجانب، ومراجعة سياسات تشغيل هذا القطاع وإنما استرداد التكاليف وتركيز التعاقد مع الشركات شرقاً.

وأشار في جانب التباين والتفاوت في التطور الاقتصادي بين الجانبين حيث نجح الاقتصاد التركي في تحقيق تقدم في عدة مجالات خلال الفترة الممتدة من عام 2002 حتى 2011 حيث ارتفع الناتج المحلي GDP من 300 مليار دولار عام 2002 إلى 774 مليار دولار عام 2011، والذي ترتب عليه زيادة متوسط دخل الفرد من الناتج من 3,3 ألف دولار سنوياً عام 2002 إلى حوالي 10,7 ألف دولار، وكذلك انخفض معدل التخضم وارتفاع الأسعار من 70% عام 2001 في ذروة الأزمة الاقتصادية العاصفة التي تعرضت لها البلاد، 8,5% في عام 2007.

كما اتبعت حكومة العدالة والتنمية سياسات نقدية جديدة قامت على أساس تخفيض أسعار الفائدة الممنوحة على الإقراض خصوصاً في المشروعات الصناعية فوصلت معدلات الفائدة في إبريل عام 2009 إلى ما دون 10% وبرغم هذه النجاحات الواضحة التي حكمتها رؤية متماسكة لكيفية تعديل هياكل الاقتصاد التركي.

وأشار إلى أن التوزيع الاقليمي لتجارة تركيا بلغ حجم صادراتها 50% متجهة إلى دول أوروبا ليلها 34.4% إلى آسيا، بينما ما يذهب إلى شرق آسيا لا يزيد على 17.4% وتعتبر ألمانيا وروسيا من أهم الشركاء التجاريين لتركيا.

وعلى الجانب التركي قال الدكتور ياسين أقطاي رئيس معهد التفكير الاستراتيجي بتركيا، في حوار مصغر مع ” البورصة” على هامش المؤتمر إن العلاقات المصرية التركية في ارتفاع ملحوظ والذي بحاجة للازدياد، كما أن تركيا تتميز بأنها جسر بين أوروبا ومصر فضلاً عن كون الجانبين سيؤثروا على بعضهما البعض على مستوى التجربة الديمقراطية.

وأوضح أن ما يحدث في تركيا ليس امتداداً لربيع الثورات العربية، وأن ما يطالب به المتظاهرون لا علاقة له بحقوق الشعب الأصيلة وإنما لامتيازات كمنع الحجاب، مشيراً إلى أن الحكومة التركية لم تسعى لقطع الأشجار الخاصة بحديقة جيزي من ميدان تقسيم التي اندلعت التظاهرات بشأنها وإنما مكانت تعمل على نقلها من مكان لآخر، مستشهداً على ما أنجزه أردوغان خلال 15 عاماً السابقة منذ أن كان رئيساً للبلدية حيث تمكن من زراعة 2 مليار و 800 مليون شجرة، فضلاً عن دفاعه المستميت في وجه الأغنياء لرفض بعض الغابات التركية.

وأردف قائلاً إن ما يحدث في تركيا يعبر عن مستوى الديمقراطية فيها، كما أن الدولة الديمقراطية هي التي تسمع مطالب شعبها رغم اختلافهم.

ويرى أن تظاهرات 30 يونيه تعكس عدم احترام الشعب للعبة الديمقراطية وصندوق الانتخاب، مضيفاً إن تغير الأنظمة والتحولات دائماً ما يصحبها اضطرابات نتيجة للخلاف والجدال الداخلي الناشئ عن اختلاف التطلعات، وأن السبيل لتفادي هذه الاختلافات حتى لا تتحول لصراع عنيف هو العمل على بناء مناخ من التوافق من خلال تحقيق التوازن والفصل بين القوى المختلفة.

وشدد على أن المجتمع المصري في حاجة إلى مجموعة من الضوابط للحفاظ على طموحات المجموعات المختلفة بل والأهم من ذلك الحفاظ على إحساس الانتماء من خلال شعور أكبر بالحقوق والحريات.

وأشاد بقدرة مصر على بناء أسس صلبة وقاعدة عريضة لدعم الديمقراطية الناشئة وأن سبيل تحقيق ذلك تكريس الجهود والاستجابة لاحتياجات وطموحات شعبها.

ويرى أن أسباب تأخر الرئيس في الخروج بنتائج ملموسة كما وعد هي حالة التظاهر والاحتجاج الدائمة والمتكررة للشعب، داعياً الشعب للصبر انتظار انتهاء مدة حكم الرئيس واحترام الفترات المحددة لرئاسته، ومؤكداً أن طريق الديمقراطية ليس طريقاً قصيراً.

وأشار السفير التركي بالقاهرة حسين عوني بوطصالي، إلى أنه من الطبيعي في مسار الديمقراطية الدستورية أن يكون هناك عقبات، اختلافات مؤسسية أو اجتماعية، واصفاً الشعب المصري بأنه يريد التغيير الحقيقي معتبراً أحد السبل لبلوغ هذا التغيير أن يكون سلمياً تجاه حكم ديمقراطي.

وأضاف أن كلا من الشعب المصري والقوى السياسية في حاجة إلى تأسيس اتفاق قومي جديد، لافتاً إلى أن الشعب المصري قادر بجدراة على رسم مستقبله معتمداً على الحوار والتوافق المجتمعي وليس على المواجهة، وأن الديمقراطية ليست بالمهمة سهلة التحقيق.

ويرى أنه لا مجال لاكتمال ثورة دون قيامها على أسس ديمقراطية سليمة، متوقعاً أن تسفر التظاهرات الحاصلة في تركيا إلى ارتفاع شعبية أردوغان لما فوق 55% لا العكس.

وانتقد بوطصالي قوى المعارضة التركية باعتبارها غير مثمرة وأشبه بنموذج المعارضة المصرية، التي تجيد الاعتراض دون تقديم رؤية والمشروع والبرنامج البديل، كما أنهم غير قادرين على اقتراح حلول ملموسة وكافية، معتبراً السبب الرئيسي في ضعف الحالة السياسية ككل هو ضعف المعارضة.

قال الدكتور أحمد أوزال، رئيس مركز النيل للدراسات الاقتصادي والاستراتيجية بتركيا، في حوار مصغر لـ”البورصة”، إن مصر تمر بمرحلة طبيعية من التحول الديمقراطي، حيث يرى أن ما يحدث في الشارع التركي قوى موقف أردوغان، مؤكداً أن السبيل لنجاح الثورة المصرية يأتي بتنشيط النظام الديمقراطي من الشفافية والمحاسبة وحكم القانون وهو ما استطاعت تركيا بلوغه.