إسماعيل حسن: لابد من حدوث توازن بين الاقتراض الحكومى والإنتاجى كى يحقق تخفيض الفائدة النمو الحقيقى
مصرفيون: الحكومة أكبر المستفيدين من تغيير «المركزى» لسياساته النقدية
تبنى البنك المركزى مؤخراً سياسة نقدية مختلفة عن المعهودة خلال السنوات الماضية على الرغم من ثبات المؤشرات الاقتصادية التى تتخذ قراراتها بناء عليها.
تجاهل البنك المركزى فى أغسطس الماضى استمرار ارتفاع معدلات التضخم شهرين متواصلين لتسجل %11.5 سنويا نهاية يوليو وفقا لجهاز التعبئة والإحصاء و%6.9 للتضخم الأساسى، ومع ذلك تحيز البنك المركزى لدعم معدلات النمو متخذا قرارا بتخفيض أسعار العائد على الكوريدور بمعدل %0.50.
وجاء قرار البنك المركزى غير المتوقع بخفض العائد على الايداع والاقراض مطلع أغسطس الماضى لأول مرة منذ 2010 لتسجل %9.25 للايداع و%10.25 للاقراض، مساندا بشكل مباشر لسياسات الحكومة ودعم تكلفة استداناتها، حيث تراجعت اسعار العائد على الاذون بداية يوليو الماضى فيما يسبق قرار المركزى بأسبوع واحد بمعدل %1 دفعة واحدة عقب سلسلة من الارتفاعات الكبيرة التى شهدتها عوائد أدوات الدين.
واستمر العائد على الاذون فى التراجع ليصل إلى أدنى معدلاته لأجل 91 يوماً منذ ثورة يناير مسجلاً %10.9، وقامت البنوك بالتوسع فى اكتتابات أدوات الدين خلال الشهرين الماضيين لتتعدى نسب التغطية أكثر من مرتين فى عدد من العطاءات.
واستفادت الحكومة من السياسة التوسعية للمركزى التى جاءت فى صالحها لتوسع اهتماماتها من مجرد سد عجز الموازنة إلى اعتزامها ضخ 20 مليار جنيه على هيئة استثمارات لمشروعات بنية تحتية تتمثل فى طرق وكبارى.
بينما قفز العجز الكلى للموازنة العامة المصرية خلال الفترة من يوليو إلى مايو 2012-2013 ليصل إلى 204.9 مليار جنيه، مقابل 136.5 مليار جنيه خلال نفس الفترة من العام السابق له، حسب التقرير المالى الشهرى عن شهر يوليو 2013، مع توقعات أن يبلغ العجز نحو 186 مليار جنيه خلال موازنة العام المالى الجارى المنتهى فى يونيو 2014.
وعلى جانب السيولة أدار البنك المركزى ملف مستويات السيولة بالجهاز المصرفى بشكل أكثر مرونة من خلال الاعتماد على بعض الآليات “كإعادة الريبو” عقب توقف الاعتماد عليه لفترات قصيرة لم تتجاوز أسابيع معتمدا فيها على آلية الودائع المربوطة لدعم تكلفة الأموال بالبنوك وسحب السيولة المكدسة بالبنوك دون توظيف.
قال إسماعيل حسن، محافظ البنك المركزى السابق رئيس مجلس إدارة بنك مصر-ايران أن البنك المركزى يحدد سياساته بناءً على المؤشرات التى يحصل عليها، مشيراً إلى أن الأوضاع الاقتصادية الراهنة استثنائية وتتطلب قرارات وسياسات مختلفة للسيطرة عليها، مشيرا إلى أن الاقتصاد فى أمس الحاجة لزيادة الإنتاج وهو ما دفع المركزى لتخفيض العائد الذى يعد أحد اهم عوامل تشجيع الاقتراض.
أضاف حسن أن قرار التخفيض سيؤتى ثماره فى حالة ان يحدث توازن بين الاقتراض الحكومى واقتراض القطاع الإنتاجى، نظرا لكون جزء كبير من الاقتراض الحكومى لصالح سد عجز الموازنة، فى حين الاقتراض الإنتاجى متجه نحو دعم الاستثمار بشكل أساسى.
وأكد محافظ البنك المركزى السابق أهمية أن توجه الحكومة اقتراضها لمشروعات سريعة الإنتاج كى تسهم فى خفض الأسعار بشكل مباشر وبالتالى يكون المركزى نجح فى تحقيق معادلة مزدوجة الهدفين وهى كبح التضخم ودفع معدلات النمو فى نفس التوقيت.
وأشار ياسر يسرى، مسئول خزانة بأحد البنوك الأجنبية إلى أن معدلات التضخم الراهنة على الرغم من ارتفاعاتها لكنها لم تصل لمستويات قياسية كما كان من قبل، مشيرا إلى أن المركزى يحدد أولوياته فى ضوء ما يتطلبة الاقتصاد، لذا فإن تغييره لسياساته النقدية بالتأكيد ناتج عن تلبية احتياجات اقتصادية أهمها دعم مستويات الإنتاجية التى تراجعت بشكل ملحوظ.
أضاف أن دفع النمو سيقلل من متطلبات النقد الأجنبى التى يتم الاعتماد عليها فى تلبية احتياجات الدولة من السلع المستوردة والأساسية، مشيراً إلى أن ارتفاع الأسعار الراهن ناتج عن تراجع معدلات الإنتاج وليس ارتفاع معدلات السيولة كما كان من قبل.
قال وائل زيادة، رئيس قطاع بحوث الاستثمار بشركة هيرميس إن البنك المركزى ليس لديه سياسة موحدة يدير من خلالها السوق ولكنه يستخدم آلياته المختلفة وفقا للتغيرات التى تطرأ، مشيراً إلى ان خفض المركزى للعائد على الرغم من استمرار صعود معدلات التضخم نتيجة إلى أن تلك الارتفاعات فى الأسعار ناتجة عن أسباب هيكلية تشمل ضعف الإنتاج، لذا فإن تراجع اسعار العائد سيسهم فى دعم الاقتراض وبالتبعية معدلات الإنتاج.
أضاف أن السوق المصرى فى الوقت الراهن يحتاج للتغلب على الركود الذى يعانيه من خلال تشجيع معدلات الاقتراض لاسيما فى القطاع الخاص، رافضا أى اتهامات تجاه مساندة الحكومة لتكلفة الاستدانة من خلال خفض العائد، مؤكداً أن دعم السياسات المالية الأخرى هو صميم عمل البنوك المركزية.








