بقلم: رولا خلف
يستطيع أى قائد إقليمى أى يروى كيف لا ترحم القيادة السعودية عندما تشعر بالخيانة، فقد عانى رئيس الوزراء العراقى نورى المالكى لسنوات من التعنت العاطفى للسعودية الذى تسبب فى تجنبه وتجاهل دولته باعتباره شخصاً طائفياً موالياً مؤيداً لإيران.
ومؤخراً وضعت السعودية الاخوان المسلمين فى الجانب الخاطئ وعاقبتها عندما دعمت الانقلاب الذى اطاح الرئيس الاسلامي.
ولكن الآن فقد أخذت السعودية سياسات الغضب إلى مستوى جديد كليا عندما رفضت مقعداً دائماً فى مجلس الأمن وأدهشت المؤسسة الدولية بالإضافة إلى الكثيرين من الدبلوماسيين السعوديين الذين كانوا يضغطون للحصول على هذا المنصب على مدار العامين الماضيين.
ولكن إذا كانت السعودية تأمل فى قلب الأوضاع فى مجلس الامن بهذا الرفض، فمن المرجح أن يخيب أملها، فالخاسر الأكبر من هذا التصرف المسرحى هى الرياض نفسها.
ويبدو أن الخطوة التوبيخية لمجلس الأمن ترجع إلى حد كبير إلى الطريق المسدود الذى وصل إليه مجلس الأمن بشأن سوريا بالإضافة إلى اتساع الشقاق السياسى بين واشنطن والرياض.
وأثار الاتفاق الأمريكى الروسى بنزع الأسلحة الكيميائية السورية حفيظة السعودية، فباعتبارها مؤيداً سياسياً ومالياً وعسكرياً كبيراً للثوار، كانت الرياض الداعم الوحيد تقريبا لخطة الرئيس باراك اوباما الأولى المتمثلة فى ضرب أهداف نظامية بصواريخ من سفن حربية.
ولم تشر السعودية فى بيانها الذى شرحت فيه أسباب رفضها للمقعد أى ذكر لإيران، ولكن السعوديين غير مسرورين بالتودد الدولى للرئيس الوسطى الجديد، حسن روحاني، ويقال إن الرياض تشعر بالغيظ من غزل واشنطن المتزايد لطهران كما هو واضح فى تسريع المحادثات لحل الخلاف النووي.
وفى الحقيقة، لا يعد مجلس الامن مكانا مريحا لدولة مثل السعودية التى تفضل المناورات من خلف الستار والصفقات السرية عن الدبلوماسية المعلنة، وعلاوة على ذلك، فمنذ الانتفاضة العربية فى 2011، كانت معظم السياسات فى المنطقة التى ناصرتها المملكة على خلاف مع حلفائها الغربيين، وطالبتهم السعودية بإما دعمها وإما الانسحاب.
وقد يكون للتخلى عن مقعد مجلس الأمن صدى جيد فى العالم العربى حيث تضررت الصورة السعودية، فطبقا لمركز “بو” للأبحاث والدراسات، تراجع وضع المملكة السعودية بين العديد من الشعوب الرئيسية فى الشرق الأوسط، ففى المناطق الفلسطينية هبطت شعبيتها من %65 فى 2007 إلى %52 فى 2013، وفى لبنان من %82 إلى %51 على مدار نفس الفترة، ولا تتمتع السعودية بشعبية إيجابية شديدة إلا فى الأردن ومصر.
ومع ذلك، من الصعوبة بمكان معرفة كيف أن البقاء خارج مجلس الامن قد يدعم أهداف السعودية، فالغضب الذى صبته يوضح عدم قبولها لمواقف المجلس وينذر باحتمالية اتباعها سياسات أكثر تدخلا فى سوريا بما فى ذلك رفض مؤتمر السلام الأمريكى الروسى المقترح.
ورغم ذلك، فإن العيوب والثغرات فى منظومة الأمم المتحدة والسياسات غير الفعالة لأعضائها الدائمين لا تبدو على وشك الإصلاح قريبا، وبالتالى فإن غضب السعودية لن يحث روسيا على هجر دعمها للنظام السوري، ولن يقنع الولايات المتحدة بقصف دمشق او وقف المحادثات مع طهران.
بل على العكس، سيؤدى رفض السعودية لمقعد مجلس الامن إلى تعميق حس غربتها عن المجتمع الدولى وسوف يتسبب فى إثارة تساؤلات جديدة عن اتخاذ القرارات فى المملكة ويزيد التكهنات بشأن عدم الاتفاق السياسى وزيادة مراكز التنافس داخل النظام الحاكم.
ومما لا يمكن إنكاره ضرورة زيادة تركيز وتفعيل المجهودات الدولية بشأن سوريا، ولكن نوبة الغضب لن تبنى المزيد من النفوذ أو تضمن سياسات أفضل.
إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: الفاينانشيال تايمز








