التحول من ضريبة المبيعات إلى القيمة المضافة العام المالى المقبل
الوزير مخاطباً المستثمرين: لا تبنوا توقعاتكم للاقتصاد المصرى على التقارير الدولية لأنها لا تتحدث عن المستقبل
دور الوزارة تفعيل الاقتصاد وليس النظر للعجز
لا ننظر إلى عجز الموازنة بقدر التركيز على تفعيل الاقتصاد والتوزيع العادل للثروات
الصكوك أداة مالية وسنختار الوقت المناسب لتنفيذها
اتفقنا مع اتحاد الصناعات على تطبيق الضريبة العقارية على أساس القيمة الاستبدالية
الحكومة الحالية تكتفى بمرحلة كوبونات البنزين فقط فى هيكلة دعم الطاقة
نستهدف خفض الدين العام الى ٪91 من الناتج المحلى خلال العام المالى الحالى
أعرب وزير المالية د. أحمد جلال، عن أمله فى زيادة عدد المستثمرين الأجانب والعرب فى مصر، وقال فى الجلسة الافتتاحية لمؤتمر اليورومنى أمس، أنه فى العادة ما يقاس مستوى اقتصاد الدولة بمدخراتها، لكنها إضافة وليست بديلاً عن الاستثمار، لأن ما ينعش الاقتصاد هو الاستثمار المحلى والأجنبى كذلك.
واستعرض الوزير الوضع الاقتصادى بمصر ومدى جاذبيتها للاستثمارات، وقال: سأضع نفسى مكان حضور المؤتمر وأطرح سؤالاً: هل أريد أن استثمر فى هذا البلد؟، وخاطب المستثمرين العرب والأجانب قائلاً: فإذا أردتم أن تستثمروا فإنكم تذهبون إلى مكان يخطو الخطوات الأولى للنمو، وإذا نظرنا إلى التقارير التى تصدر عن المؤسسات المالية فسنرى أن مصر فى المركز 118 أى أن مصر فى موقف سيئ، وفى تقرير التنافسية العالمى تقع مصر فى المركز الـ128، لكن هذه المراكز المتدنية تعبر عما حدث وليس عما سيحدث فى المستقبل، فالمؤسسات الدولية تنظر إلى الوضع الاقتصادى الآن وليس مستقبلاً.
أضاف الوزير أن كل المؤشرات العامة كانت سيئة والاقتصاد المصرى عانى مشكلات ثلاثاً، هى عدم توازن الاقتصاد الكلى وإجمالى الناتج المحلى كان منخفضا وأسعار العملة والاحتياطيات النقدية كلها كانت تظهر صورة سيئة، حتى إن معدل النمو الاقتصادى بلغ %2.1 فقط، فى حين أننا نحتاج إلى معدل نمو يتراوح بين 3 و%5 على الأقل، فضلا عن ارتفاع معدلات البطالة.
التحدى الآخر، الذى أشار اليه وزير المالية هو غياب العدالة الاجتماعية، فرغم ارتفاع معدلات النمو على مدار العشرة أعوام الأخيرة من حكم النظام الأسبق لتصل إلى %8، فإن توزيع الدخل لم يتسم بالعدالة، لهذا فإن الصورة لم تكن جيدة، وهنا يظهر السؤال عما إذا كانت هذه الصورة ستستمر فى المستقبل، وكيف نشكل توقعاتنا، فالتقارير الصادرة عن المؤسسات الدولية لا تنظر إلى المستقبل ولكن تتعلق بالحاضر فقط.
شدد وزير المالية د. أحمد جلال على أن مصر تشكل مستقبل جيد للاستثمار، وهو ما ينعكس فيما قامت به الحكومة الحالية، وما إذا حدث تغير فى سياساتها وما إذا كانت تؤتى ثمارها أم لا، فالحكومة تحاول حل المشكلات التى تواجهها، والتوقعات عالية للغاية، ولن ترضى بالحلول المتواضعة، لكن الوصول إلى استقرار يمكن الانطلاق منه سيستغرق وقتاً طويلاً.
أضاف جلال أن الحكومة لا تعتزم تطبيق برنامج تقشف بل تسعى إلى تنشيط الاقتصاد والوفاء بالطلبات الاجتماعية، وهو الطريق الذى اختارته الحكومة، فهى لن تقوم بسد الفجوات واجراء تعديلات مالية وتترك مشكلات اجتماعية وراءها، مشيراً إلى أنه رغم الاعجاب بالنمو الاقتصادى الرائع الذى حققته البرازيل، فإن توزيع الثروات كان سيئا للغاية وهو ما نحاول تفاديه.
وهذه هى المعضلة لأننا نعرف أن الوسيلة الوحيدة للخروج من هذه الأزمة هى الحصول على دعم مالى خارجي، بلغ 12 مليار دولار، بما يضع الاقتصاد المصرى على أول الطريق الصحيح، ولكن الحل الحقيقى هو زيادة الطلب من خلال استعادة السياحة والاستثمار، خاصة أن الظروف بدأت فى التوجه إلى الاستقرار.
أوضح الوزير أن الحكومة لديها عدد من البرامج تسعى لتنفيذها، حيث تستثمر 30 مليار جنيه فى البنية التحتية والبرامج الاجتماعية وتعليم للأطفال، للتعامل مع المشكلات الحالية على المدى القصير، لكن الحكومة تسعى لوضع الاقتصاد فى مساره الطبيعى وإعداد الأرضية للبرامج الجديدة، وهو ما ستجنى ثماره الحكومات المستقبلية، عبر تغيير السياسات التى تظهر تغيرات واضحة فى القطاع المالي، ففى الشهور الماضية القليلة زادت الاحتياطيات من النقد الأجنبى واستقر سعر الجنيه أمام الدولار، وقام البنك المركزى بخفض الفوائد مرتين على أدواته، ما سيصب فى زيادة إجمالى الناتج المحلي، أما فيما يتعلق بالاقتصاد الكلى فإن هذا يستغرق وقتاً طويلاً، ولكننا سنرى الكثير من الأنشطة فى الاشهر القليلة القادمة فى جانب الإنشاءات والجوانب الاقتصادية كذلك.
أما بالنسبة للسياسات المالية، فالحكومة تعد برامج فى قطاع العقارات والسياحة وأجرت عدة تغييرات تؤدى إلى الشفافية والانتقال من ضريبة المبيعات إلى القيمة المضافة، فنحن لا نستطيع أن نسد العجز بزيادة الضرائب الآن فى هذه الظروف، أما بالنسبة للمصروفات فتركز الحكومة الآن على دعم الطاقة.
ورداً على سؤال لريتشارد بانكس حول تفاقم الدين العام، قال وزير المالية أن الدين العام مرتفع بالفعل، فى حين أن الديون الخارجية هى نتيجة لقروض تراكمت على مدار الأعوام الماضية، لذلك تقدم الحكومة على الاقتراض لسد عجز الموازنة، وتتراكم هذه القروض، لذلك فإن تفعيل الاقتصاد هو الوسيلة الوحيدة لخفض هذه النسبة.
وكشف جلال عن استهداف الوزارة تخفيض حجم إجمالى الدين إلى %91 من الناتج المحلى الإجمالى فى السنة المالية الجديدة، مقابل %94 فى العام المالى الماضي.
كانت المجموعة المالية إى أف جى هيرميس قد توقعت فى تقرير حديث أن تتعدى نسبة الدين لأول مرة منذ سنوات طويلة، حاجز الـ%100، من إجمالى الناتج القومي، وهو ما نفاه الوزير.
وحول مستقبل العلاقة بين مصر والمؤسسات الدولية متعددة الأطراف، قال الوزير إن الحكومة المصرية تعرف أين المشكلة وكيفية حلها، وستبدأ بما يجب أن تفعله وليس بالنظر إلى ما إذا كنا سنتعامل مع صندوق النقد الدولى أو المؤسسات الدولية المختلفة أم لا، فإذا اكتشفنا أن هذه المؤسسات، ومن ضمنها صندوق النقد الدولي، هى الوسيلة الأفضل لحل المشكلة الاقتصادية، فسيتم اللجوء اليها، فهى ليست هدفاً بالأساس.
وبالنسبة للجوء لفرض ضرائب لتمويل برامج العدالة الاجتماعية، أوضح وزير المالية أنه لفترة طويلة كان الجميع يعتقد أن هناك ارتباطاً بين العدالة الاجتماعية والحد الأدنى للأجور، لكنهما يعتبران جزءاً من الصورة الكبيرة، فالأمر لا يتعلق بالموارد وإنفاقها ولكن بكيفية تفعيل الاقتصاد وتوزيع الثروات، وهذا هو دور وزارة المالية وليس النظر إلى عجز الموازنة. أضاف إن العدالة الاجتماعية تتحقق من خلال توفير الوظائف وتحسين الخدمات الصحية والتعليمية والمرافق والخدمات العامة وتقديم الحماية الاجتماعية من خلال التأمين، فالحكومة ليست مهتمة بضريبة الثروة، وإنما بالتحول من ضريبة المبيعات إلى ضريبة القيمة المضافة، وهو ما لن يحدث قبل بداية العام المالى المقبل.
أما بالنسبة للحد الأقصى للأجور، فالخدمات العامة لا تتعلق بالراتب لأنه إذا كنت تريد جنى المزيد من المال فتذهب للقطاع الخاص، والقانون ينص على أن الحد الأقصى فى الحكومة يكون 35 ضعف الحد الأدنى، ويبقى أن نتأكد من تطبيق الحد الأقصى، لكن الحكومة لم تتفق بعد على سقف للأجور.
وبشأن استخدام الصكوك فى تمويل المشروعات وعجز الموازنة، قال وزير المالية إن الصكوك أداة تمويلية، ولهذا لدينا وحدة مستقلة فى الوزارة خاصة بها، ونخطط لاستخدامها ولكن سنختار الوقت والأسلوب الصحيح لتنفيذها.
وقال وزير المالية إن الحكومة ملتزمة بتنفيذ أحكام القضاء فيما يتعلق باسترداد الدولة عدد من الشركات التى تمت خصخصتها.
وفيما يتعلق بفرض ضريبة القيمة التصاعدية، والتى تعد محور جدل فى لجنة الخمسين، أكد وزير المالية أنه لا نية لفرض أى أعباء ضريبية جديدة على المستثمرين فى الوقت الحالي، حتى لا تؤثر على حركة الانعاش الاقتصادى، وقال إنه ليس من المعقول أن نتخذ اجراءات تستهدف تنشيط المناخ الاستثمارى وتحريك عجلة الاقتصاد، وفى الوقت نفسه نوجه صدمات مقابلة تحد منها، فالنظام الضريبى مشوه، ولكن الآن ليس الوقت المناسب لتطبيق كل التعديلات اللازمة».
ورفض الوزير، رغم إلحاح الحاضرين، تحديد قيمة الحزمة التحفيزية الثانية، مؤكدا أنه سيتم إعلان تفاصيلها قبل يناير المقبل، وسيتم تحديد قيمتها بما لا يؤدى إلى زيادة عجز الموازنة على %10، وهو الرقم المستهدف للعام المالى الحالي.
وعن مصادر تمويل الحزمة الثانية، أوضح جلال أن ذلك سيتم من خلال 6 مليارات دولار قيمة المساعدات العربية، بالإضافة إلى وفورات نتجت عن خفض تكلفة سعر الفائدة على الديون الحكومية، وخفض عجز الموازنة، وتنشيط الاقتصاد.
وعن خطة ترشيد دعم الطاقة، أكد الوزير أن الحكومة الحالية تكتفى بتطبيق المرحلة الأولى منها من خلال كوبونات البنزين، على أن تعكف وزارة البترول على إعداد خطة تدريجية لالغاء الدعم، كما أن العدالة الاجتماعية لا تتحقق فقط من خلال تحصيل أموال من بعض فئات المجتمع وتوجيهها إلى الفئات الاكثر فقرا. فمن الممكن تحقيقها من خلال استخدام أفضل للموارد.
وقال إن الوزارة تبحث إعادة النظر فى ضريبة الدمغة على التعاملات فى البورصة فى إطار خطتها لإصلاح منظومة الضرائب بشكل عام، خاصة أنها لا تحقق حصيلة مغرية.
وقال إن الوزارة توصلت مع اتحاد الصناعات إلى تطبيق الضريبة العقارية على أساس القيمة الاستبدالية، مشيراً إلى أن القانون بتعديلاته الأخيرة نص على تشكيل لجنة للتقييم تضم أطرافاً من أصحاب المصلحة وخبراء محايدين، بالاضافة إلى لجنة أخرى للطعن.
قال إن الوزارة تنسق مع وزارة المالية والبنك المركزى لسداد جزء من مستحقات الشركاء الأجانب فى قطاع البترول التى قدرها بما يزيد على 6 مليارات دولار، قبل نهاية العام، وإعادة جدولة المتأخرات والتوافق مع الشركات على زيادة إنتاجها وضخ استثمارات جديدة فى الاستكشافات.







