الإيكونوميست: الدعم فى مصر يصل إلى %12 من الناتج المحلى الإجمالى مقابل %4 للتعليم
«السيسى» قال إنه يتفهم الحاجة إلى خفض الدعم ولكنه حذر من تقديم الوعود
تعد مهمة خفض الدعم على الطاقة مهمة صعبة، فالواقع يؤكد أن سلبيات هذا الدعم ضخمة، إذ أنه يشوه الاقتصاد، ويزيد من معدلات الفساد، ويرفع عجز الموازنة بالميزانيات، وفى نفس الوقت يعود بالنفع بشكل كبير على الأغنياء، كمستخدمين كبار للطاقة، بدلاً من الفقراء.
والثابت عملياً أن الدعم الحكومى للطاقة يأتى على حساب مجالات أهمها الرعاية الصحية والتعليم، وبالرغم من كل ذلك فإن وضع حد لمثل هذا الدعم من الممكن أن يحول الفقر إلى عوز وغضب، والحكام فى مصر وإندونيسيا ونيجيريا والعديد من البلدان الأخرى يعرفون عيوب هذا الدعم عن ظهر قلب لكنهم لا يستطيعون اتخاذ قرار تجاهه.
ومن الممكن أن تكون الضغوط الخارجية حافزاً جيداً، إذ إن ارتفاع أسعار البترول جعل التكاليف مرتفعة جداً، مما حث العديد من البلدان على البدء فى تقليص تكاليف الدعم على الطاقة، فبعد تحفيز النقد الدولى وتحت تهديد خفض التصنيف الائتمانى، خفضت غانا فى 2013 الدعم على البنزين والديزل والغاز البترولى المسال.
وتعد أيضاً الحملات الإعلامية مهمة جداً فى مثل هذه المهمة، فعلى سبيل المثال، أرسلت إندونيسيا رسائل نصية إلى مواطنيها تشرح فيها سياسة الدعم الجديدة، وأقنعت السلطات الأوغندية الإعلام بأن استبدال الدعم بالمدفوعات النقدية سيساعد الفقراء.
وتسلط الهند الضوء على عنصر آخر للنجاح فى مهمة خفض الدعم، حيث ألغت البلاد الدعم تدريجياً بوتيرة بطيئة، وتواصل حكومة «ناريندرا مودى» الإصلاحات التى قامت بها سابقتها، والتى بدأت فى خفض الدعم عن الديزل أوائل العام الماضى، وإذا استمر خفض الدعم فى الهند بنفس الوتيرة الحالية، سيختفى تماماً بحلول 2016، والهند مطالبة بأن تخفض تكلفة الدعم من %1 من الناتج المحلى الإجمالى فى 2013 إلى %0.5 بحلول 2016.
وفى نفس الوقت تخفض إيران، التى تعانى من العقوبات والاقتصاد العليل، الدعم باستمرار، ففى أبريل الماضى رفعت أسعار 60 لتراً من البنزين المدعم الذى يحق للإيرانيين شراؤه شهرياً من 4 آلاف ريال إلى 7 آلاف ريال، ويهدف برنامج التعويض الخاص بالتحويلات النقدية الشهرية إلى تخفيف آثار خفض الدعم، إلا أنه أثبت أنه مكلف جداً فى أعقاب قرار حصول جميع المواطنين على التحويلات النقدية وليس الفقراء فقط.
وفى البلدان الأخرى، كان إحراز التقدم فى مهمة خفض الدعم أقل استدامة، ففى نيجيريا، تبلغ تكلفة الدعم سنوياً 6 مليارات دولار، أو ما يعادل %20 من ميزانية البنك المركزى النيجيرى واتفق صانعو السياسة فى البلاد مثل نغوزى أوكونجو إيويالا، وزير المالية والمدير السابق للبنك الدولى، على أن سياسة الدعم غير فعالة، ولكنه أحرز تقدماً هزيلاً حيال خفضه، وكان عمر يارادوا، الرئيس النيجيرى قد أصدر آنذاك، تعليمات برفع الدعم عن الكيروسين، ولكنها لم تنفذ، كما أثار خفض الدعم فى يناير 2012، الذى ضاعف ثمن البنزين بين عشية وضحاها، الاحتجاجات التى جعلت البلاد أمام طريق مسدود حتى تراجعت الدولة عن قرارها.
وأوضحت مجلة الإيكونوميست أن مصر تقدم مثالاً أخطر لسياسة الدعم، حيث تبلغ تكلفة الدعم فى البلاد أكثر من 17 مليار دولار، أى ما يعادل 10 إلى %12 من الناتج المحلى الإجمالى، فى حين تشكل ميزانية التعليم أقل من %4 من الناتج المحلى الإجمالى.
كانت مساعى خفض الدعم على الغذاء قد أدت إلى اندلاع المظاهرات ضد نظام أنور السادات، فى أحداث انتفاضة يناير 1977 وتجاهل خليفته، حسنى مبارك هذه المسألة بالرغم من ارتفاع تكاليف الدعم إلى عنان السماء، وقد أخذ محمد مرسى، خلال فترة ولايته الوجيزة، مسألة خفض الدعم عن الوقود بعين الاعتبار لأنها جزءاً من صفقة صندوق النقد الدولى، وأكد عبدالفتاح السيسى، الرئيس المصرى الجديد، أنه يتفهم الحاجة إلى خفض الدعم ولكنه كان حذراً جداً فى تقديم أى وعود، وتعد مقترحاته حتى الآن واهية إذ إنه اقترح أن يدفع الأجانب أسعاراً أعلى للطاقة كما اقترح استخدام اللمبات الموفرة، ولكن الإجراء الذى ربما يكون أكثر فاعلية هو رفع الدعم عن قطاع التصنيع أولاً.








