بقلم: ديفيد أوكلاى
ينفصل البنك الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى عن واقع أسواق السندات العالمية، وهذا الانفصال قد يؤدى إلى أسوأ موجة بيع للسندات منذ وقت طويل، ويرى بعض مديرى الصناديق، أن 2015 قد تكون مثل 1994، عندما انهارت أسواق السندات الحكومية بعد رفع الفيدرالى أسعار الفائدة بحدة.
ويقول ويسلى سباركس، مدير الاستثمار فى السندات الأمريكية فى صندوق «شرودرز» البريطاني، إنه لم ير مثل هذا الانفصال بين توقعات المركزى الأمريكى لمستقبل رفع الفائدة وبين توقعات السوق.
ويتوقع صناع السياسة فى الفيدرالى، أن ترتفع الفائدة الأساسية من قرب «الصفر» فى الوقت الراهن إلى %1.25 بنهاية العام المقبل، على أن يكون أول رفع بحلول يونيو المقبل، بينما يتوقع السوق أن ترتفع الفائدة بنهاية 2015 بنسبة %0.50، وأن يكون أول رفع لها فى أكتوبر.
وبحلول نهاية 2016، يتوقع صناع السياسة فى الفيدرالى أن تكون الفائدة عند مستوى %2.75، أما الأسواق فلا تتعدى توقعاتها %1.50، وبنهاية 2017، يتوقع واضعو السياسات فى المركزى الأمريكى أن تكون الفائدة عند %3.75، أما توقعات السوق فتقف عند %2.
ويحذر بيل إيجين، مدير استثمارات الدخل الثابت فى «جى بى مورجان» لإدارة الأصول، من حمام دم محتمل فى سوق السندات العام المقبل، خاصة إذا استمر السوق فى تجاهل العلامات التى يقدمها الفيدرالى الأمريكى، والتى تشير إلى اتجاهه لرفع سعر الفائدة بحدة.
وبالطبع، قد يثبت أن مخاوفه غير صحيحة، وقد يواصل سوق السندات فترة صعوده التى امتدت لـ32 عاماً، وكما حدث العام الجاري، رغم توقعات معظم مديرى الصناديق الكبار والمحللين فى وول ستريت ولندن بوقوع تصحيح كبير فى أسواق السندات.
وأشار آخرون إلى أن عائدات السندات- التى لديها علاقة عكسية مع الأسعار- قد تبقى منخفضة نتيجة التطبيق المحتمل لبرامج تيسير كمى هائلة فى أوروبا (والمتوقع تنفيذها بداية العام المقبل)، والنظرة المستقبلية المتواضعة لمعدلات التضخم العالمية، واستمرار تعثر النمو فى الكثير من الاقتصادات الصناعية.
ولكن فى الولايات المتحدة، يوجد خطر كبير بأن ترتفع العائدات بحدة فى حال التزم الفيدرالى بتوقعاته، وبدأ فى تضييق السياسة النقدية بعنف منتصف العام المقبل.
وفى ظل اقتراب العائدات على سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات من أدنى مستوى لها على الإطلاق، وتراجعها بنسبة %1 عن مستواها فى أول العام، فلا يوجد أمامها سوى طريق واحد أكيد وهو الارتفاع، وإذا صعدت العائدات على السندات الأمريكية، فسوف تحذو السندات الحكومية الأخرى حذوها، حتى وإن كانت توقعات التضخم متواضعة، وحتى وإن أطلق البنك المركزى الأوروبى برنامج التيسير الكمي.
وهذا يعنى أن عام 2015 قد يكون عاماً خدّاعاً لمديرى صناديق الاستثمار فى الدخل الثابت، خاصة لهؤلاء الذين لا يديرون سوى المحافظ طويلة الأجل، وهذا يفسر سبب شيوع الصناديق التى تستثمر فى أصول لا تتم مقارنة عائداتها بأصول أو مؤشرات أخرى والتى يطلق عليها صناديق «العائد المطلق»، لأن هذه الصناديق بإمكانها الخروج بسهولة من السوق واستخدام المشتقات لحماية رأس المال فى حال انهيار سوق السندات.
فعلى سبيل المثال، اشترت بعض صناديق العائد المطلق عقود مقايضة مخاطر الائتمان على سندات الأسواق الناشئة لحماية محافظها من الارتفاع الشديد فى العائدات، ويخصص إيجين نقدية تعادل حوالى %60 من قيمة صندوقه الرائد، والتى سوف يضعها فى سوق السندات عندما يحدث به تصحيح.
ومحاولة التنبؤ بأداء الأسواق لعبة لا جدوى منها، كما أثبت الفشل الذريع لمعظم التنبؤات بسوق السندات هذا العام، ولكن فى ظل عدم التناغم الشديد بين واضعى السياسات فى الفيدرالى وبين الأسواق، تزداد احتمالية انهيار سوق السندات فى 2015 على غرار ما حدث فى 1994، عندما تضاعفت قيمة العائدات.
إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: الفاينانشيال تايمز