إطلاق مشروعات ضخمة بالمشاركة مع المطورين العقاريين بشروط محددة ترسم هوية استثمارية لكل مدينة
ندرس التحول من المزايدة على الأراضى إلى الأسعار المحددة مسبقاً وقصر المنافسة على حجم المقدم
تعمل وزارة الإسكان على تغيير شكل القطاع العقارى فى مصر خلال الفترة القصيرة المقبلة، لتعظيم العائد منه ومحاولة جسر الفجوة بين العرض والطلب.
وقال وزير الإسكان، مصطفى مدبولى، إن الوزارة اتخذت عدداً من الإجراءات ضمن خطة شاملة لتوفير موارد مستدامة من القطاع.
ومن أبرز تلك الإجراءات السماح لهيئة المجتمعات العمرانية الذراع الاستثمارية للوزارة، والتى تسيطر على الأراضى المخصصة للنشاط العقارى فى المدن الجديدة فى مصر، بالدخول فى شراكات مع المطورين العقاريين لتطوير المشروعات.
إضافة إلى ذلك قال الوزير فى حوار لـ«البورصة» إن الحكومة تدرس التحول من بيع الأراضى للمستثمرين بنظام المزايدة إلى تحديد سعر للأرض المطروحة بشكل مسبق، وقصر المزايدة على أعلى مقدم فقط.
فى التفاصيل، تسعى وزارة الإسكان لاستغلال المؤتمر الاقتصادى فى الترويج لخطتها الجديدة التى تعتمد على توفير موارد مستدامة لذراعها الاستثمارية «هيئة المجتمعات العمرانية»، وبدأت الوزارة فى الترويج لمشروعات تعرض خلال وبعد المؤتمر تنفذ بالشراكة مع المستثمرين المحليين والأجانب.
خطة «الإسكان» يعبر عنها الوزير بأنها ترسم هوية استثمارية لكل مدينة عبر إنشاء مشروعات باستخدامات متعددة تخلط بين الإدارى والتجارى والسكنى وتقام على مساحات متنوعة تبدأ بـ12 فداناً وتنتهى بـ10 آلاف فدان.
ولضمان نجاح خطتها الاستثمارية وضعت الوزارة عددًا من الشرط لتأهيل المستثمرين الراغبين فى تطوير مشروعات بالشراكة أهمها الملاءة المالية الكبيرة والجدية فى التنفيذ وتطوير المشروع فى أقل وقت ممكن لضمان الاستفادة الشريعة من عائد التنمية فى المدن.
أضاف أن جميع الجهات المشاركة فى المؤتمر الاقتصادى تطرح مشروعات لكبار المستثمرين وتشجيعهم على ضخ استثمارات بمليارات الجنيهات فى السوق المصرى لأنها تعنى تشغيل 100 صناعة تابعة للقطاع العقارى فقط.
وتابع الوزير «جميع المشروعات المطروحة فى القمة نسعى من خلالها لتحقيق أهداف معينة، أولًا تغيير شكل المدن الجديدة بتدشين طابع حضارى متميز وأبراج فى المدن بحيث يرتبط المشروع فى أذهان المواطنين بالمدينة ليكون فى كل مدينة مشروع رئيسى وجذب استثمارات خارجية للسوق العقارى».
وبدأت الوزارة من خلال ذراعها المتمثلة فى هيئة المجتمعات العمرانية المسئولة عن إنشاء وإدارة المدن الجديدة، الاستفادة من الطلب القوى على الإسكان الموجه للشرائح الاجتماعية ذات الدخل المرتفع، والاحتياجات ذات الطبيعة الإدارية والتجارية.
وإلى جانب اهتمامها التاريخى بتوفير المساكن الرخيصة للطبقات محدودة الدخل، أضافت الهيئة جديداً إلى قائمة اهتماماتها وأطلقت مشروعاً لتوفير 150 ألف وحدة لمتوسطى الدخل باستثمارات تتجاوز 40 مليار جنيه الخريف الماضى.
وتعتزم الهيئة ضمن سياستها الجديدة إطلاق عدد من المشروعات السكنية والإدارية والترفيهية، بالمشاركة مع مطورين عقاريين، ويكون دور الهيئة هو المشاركة بالأرض.
وكشف مدبولى أن الوزارة دعت عدداً كبيراً من المستثمرين لتقديم العروض الفنية والمالية لـ11 مشروعًا بالشراكة مع هيئة المجتمعات العمرانية تتراوح استثماراتها بين 5 و150 مليار جنيه، وتلقت الوزارة عدداً من العروض المبدئية من مستثمرين محليين وعرب قبل يوم 8 مارس، وشهدت تنافساً كبيراً وصل إلى 5 مستثمرين على مشروع واحد رغم أن الوزارة توقعت 3 مستثمرين بحد أقصى معتبرًا ذلك مؤشراً جيداً على أن السوق جاذب للمستثمرين ومطمئن خاصة أن عددًا من هذه المشروعات يمكن توقيع العقود الخاصة به خلال الفترة المقبلة.
ووفقًا لوزير الإسكان من المنتظر أن تطلق الوزارة عدة مشروعات فى مؤتمر القمة الاقتصادية اليوم، منها «واحة أكتوبر» و«زايد كريستال سبارك» بجانب 3 مشروعات فى مدينة القاهرة الجديدة و3 فى مدينة الشيخ زايد و4 فى مدينة 6 أكتوبر.
وكشف مدبولى عن أن الوزارة وضعت شروطاً صارمة للتقييم الفنى للمستثمرين الراغبين فى تطوير مشروعات بالشراكة مع «المجتمعات العمرانية» أهمها جدية المستثمر، وتقديم أقصر برنامج زمنى ممكن لتطوير المشروع.
وتابع «مشروعات القمة بها قطع أراض للاستخدام السكنى وأراضى خدمات والجزء السكنى لا نحتاج فيه لتنفيذ أبراج وارتفاعه لن يتجاوز 7 طوابق».
وردًا على سؤال حول ارتفاع القيمة الاستثمارية للمشروعات المطروحة بما يفوق القدرة المالية لعدد كبير من المطورين قال وزير الإسكان إنه يمكن تكوين تحالف بين أكثر من مستثمر مصرى وأجنبى لتنفيذ المشروع فى حالة عدم قدرته على المنافسة بمفرده.
مشروعات «الإسكان» المعروضة فى القمة الاقتصادية هى «واحة أكتوبر» على مساحة 10 آلاف فدان بتكلفة استثمارية 150 مليار جنيه بعائد استثمارى من المتوقع أن يبلغ %30.
ويضم المشروع عناصر إدارية وتجارية وسكنية وفنادق ومشروعات للإسكان المرتفع والفيلات والإسكان المتوسط والخدمات المركزية ومبانى إدارية بجانب ملاعب جولف والواحة الترفيهية ومناطق خضراء وطرق ومحاور خضراء.
كما أعدت الوزارة مشروع «زايد كريستال سبارك»، بمدينة الشيخ زايد، والذى سيحوى أعلى برج فى مصر، بطول 200 متراً وتصل المساحة الإجمالية للمشروع 1902 فدان باستثمارات تبلغ 8 مليارات جنيه غير شاملة قيمة الأرض.
ويتكون المشروع من 3 مناطق منطقة إدارية وتجارية ثم حديقة مركزية ومنطقة ترفيهية والبرج الأيقونة متعدد الاستخدامات وتبلغ النسب البنائية بالمشروع ككل حوالى 30% من إجمالى مسطح الأرض ويتراوح الارتفاع المسموح لعدد الأدوار بالاستعمال الإدارى والتجارى من 8 إلى 10 أدوار ويصل إلى 3 أدوار بالاستعمال الترفيهى، بينما تم السماح بزيادة الارتفاع بمبنى «البرج الأيقونة» إلى 49 طابقًا.
بجانب مشروع مارينا العلمين السياحى ونيل أسوان ومركز مال وأعمال فى أكتوبر وزايد.
ووقع وزير الإسكان فى وقت سابق مذكرات تفاهم مع مستثمرين خليجيين لنحو 20 مشروعاً تقدر قيمتها الاستثمارية بـ150 مليار جنيه فى مدة تتراوح بين 5 إلى 7 سنوات فى عدد من المدن منها القاهرة الجديدة و6 أكتوبر والشيخ زايد.
وحول آلية الشراكة قال وزير الإسكان إن الدور الأساسى لهيئة المجتمعات العمرانية يتمثل فى إتاحة أرض المشروع محل المشاركة خالية من الموانع الفنية والقانونية واستخراج التراخيص والتصاريح، بينما يقوم المستثمر بتطوير وتصميم وتسويق وبيع وتنفيذ وتمويل المشروع، وتحمل التزاماته تجاه العملاء، وله الحق فى إضافة أنشطة أو مكونات أخرى يرى أنها تحقق عائدًا اقتصاديًا أفضل للمشروع واستغلالاً أمثل لمساحة الأرض.
واشترطت «الإسكان» أن يتضمن العرض المالى من المستثمر بياناً بالجدارة الائتمانية والمالية اللازمة لتنفيذ المشروع مع إرفاق القوائم المالية المعتمدة لمقدم العرض للسنوات الأربع الأخيرة مع دراسة جدوى مالية للمشروع بجميع عناصره ومكوناته والتدفقات النقدية.
وتابع «لابد من التفكير فى استدامة موارد هيئة المجتمعات العمرانية لأن الشراكة تعظم العائد من أراضى الهيئة بدلًا من بيعها.
وذكر أن الوزارة دعت 150 مستثمرًا لحضور الجلسة الخاصة بالإسكان والاستثمار العقارى فى القمة الاقتصادية من كبار المستثمرين المصريين والعرب والأجانب.
وأبدى مدبولى ثقته فى قدرة وزراة الإسكان على إنجاح مشروعات الشراكة وقال “هذه المشروعات ستسوق وتحقق العائد المرجو منها والأسهل أن تقوم الوزارة بتقسيم الأراضى وطرحها للمستثمرين المحليين لتنفيذ مشروعات عادية ولكننا نسعى لعمل هوية استثمارية لكل مدينة”.
وعلى صعيد ملف أراضى الاستثمار العقارى قال وزير الإسكان إن الوزارة تدرس رفع قيمة التأمين للاشتراك فى الأراضى المطروحة لتنفيذ مشروعات عمرانية متكاملة والسبب كما يقول الوزير “نسعى لمنع مشاركة السمسارة فى طروحات الوزارة لمجرد رفع الأسعار وتحقيق فائدة مالية لمشروعات أخرى مجاورة للأراضى المطروحة وخسارة مبلغ التأمين سيمنعهم من الاشتراك فى المزايدة لمجرد المضاربة فى الأسعار”.
وأضاف مدبولى أن الوزارة كانت تسمح بدخول شركات تحت التأسيس للمزايدة على الأراضى وهذا الشرط تم إلغاؤه لضمان الجدية.
أوضح أن هناك بعض المزايدات التى تتجه الوزارة لإلغائها لأنها تضر بالسوق العقارى على المدى البعيد وقال “وزارة الإسكان ليست تاجر أراض يهتم فقط بارتفاع سعر الأرض لكننا نفكر فى المشترى وتأثير ذلك على السعر النهائى للوحدة”.
وذكر أن الوزارة تدرس طرح الأراضى بسعر محدد وتكون المزايدة على أعلى مقدم يتم سداده لقيمة الأرض على أن يتم تحديث السعر فى كل طرح.
وحول ملف تسوية المشكلات مع المستثمرين فى القطاع العقارى، قال مدبولى إنه تم الانتهاء من النزاعات الكبيرة، ويتم العمل حالياً على المستوى الثانى للشركات الأصغر.
أوضح أن تسوية نزاع مشروع مدينتى مع مجموعة طلعت مصطفى هى الأكبر حيث ستحصل الوزارة على حصة عينية وعائد مالى يصل 20 مليار جنيه مقابل أراض لو كانت الوزارة باعتها للشركة لحصلت على 3 مليارات جنيه فقط عند بدء المشروع.
وقال مدبولى إن شركة “رؤية” للاستثمار العقارى سددت بالفعل 250 مليون جنيه من قيمة التسوية البالغة 1.2 مليار جنيه وكان هناك خلاف بسيط حول إجراءات ليست جوهرية واليوم لا يوجد لدى الهيئة مستثمر عليه متأخرات ضخمة للهيئة ولا نترك أى مستحقات للهيئة ونعمل فى هذا الملف بالتدريج ووفق رؤية وخطة تعتمد بالأساس على الحفاظ على أموال الدولة.
وحول مشروع شركة “آرابتك” الإماراتية لبناء مليون وحدة سكنية فى مصر قال وزير الإسكان “كان هناك جلسة مفاوضات الشهر الماضى وأرسلنا لهم صيغة التعاقد لدراستها وسيتم وضع آلية لهذا المشروع لا يكون فيه استثناء أو ميزة إضافية لأى مستثمر ونسعى لعمل تجربة ونموذج يمكن تعميمه على المستثمرين المصريين”.
وحول تغيير الهدف من المشروع من إسكان لمحدودى الدخل إلى إسكان استثمارى قال مدبولى “المشروع عند طرحه وضع رئيس «آرابتك» السابق تصوراً للتنفيذ بدون دراسات كافية وطلبوا مهلة 6 أشهر لاستكمال الدراسات ثم أعادوا الإعلان عن المشروع بشكل جديد لذا مع تغير رؤيتهم للمشروع أصبح لابد من وجود نظام آخر للشراكة”.
