مدة التنفيذ والتمويل أهم الصعوبات.. والاستعانة بمقاولين أجانب حتمى.. وعودة المطور العام أبرز الإيجابيات
العاصمة الإدارية الجديدة وأيقونة المؤتمر الاقتصادى تواجه تحديات كبيرة، أهمها مدة التنفيذ المحددة بـ12 عاماً تنتهى المرحلة الأولى منها خلال 7 سنوات، إضافة إلى ضخامة التمويل الذى يصل إلى 80 مليار جنيه، وعدم قدرة المقاولين المصريين على تنفيذ أجزاء معينة تتطلب تقنيات حديثة، ما يستدعى مشاركة شركات مقاولات أجنبية.
ووقع الدكتور مصطفى مدبولى، وزير الإسكان، على هامش القمة الاقتصادية مع محمد العبار، رئيس شركة «كابيتال سيتى» المؤسسة، تنفيذ مشروع تطوير العاصمة الإدارية الجديدة على مساحة 70 ألف فدان.
وطرحت فكرة العاصمة الإدارية قبل ذلك فى مرات عديدة، ولكن لم تدخل حيز التنفيذ ومنذ عدة أشهر أعلنت وزارة الإسكان عن وضع المخطط العام لها، وبدأ البحث عن شريك عالمى لتطويرها.
وقال مطورون، إن المشروع نقلة نوعية جديدة للاستثمار العقارى والتنمية فى مصر، لاسيما أنه يطور بالشراكة مع مستثمرين، وأعاد العمل بنظام المطور العام والذى طالبوا به كثيراً، وأكدوا أن التكلفة الضخمة تتطلب حلولاً من الشركة المطورة، مطالبين باختصار إجراءات التراخيص لسرعة تنمية المشروع.
فيما أكد المهندسون الاستشاريون، أن مدة التنفيذ المحددة بـ12 عاماً التحدى الأكبر، خاصة أن المساحة لا تزال فى حاجة إلى مرافق، إضافة التصميمات المبتكرة والجديدة، واستخدام نظام الاستدامة فى المشروع التى تعد الأولى من نوعها فى مصر، وتحتاج الى اختبارات أولية لتنفيذها.
وقال مقاولون، إن ضخامة المشروعات تتطلب الاستعانة بشركات أجنبية سواء عبر تحالفات أو دخولها منفردة، خاصةً أن المشروعات تنفذ بتقنيات جديدة تتطلب شركات عالمية تمتلك سابقة خبرة فى هذه النوعية من المشروعات، مؤكدين ضرورة تدريب العمالة فى قطاع التشييد للتمكن من العمل بالأنظمة الحديثة.
ووفقاً لوزير الإسكان، فإن مشروع العاصمة الإدارية الجديدة سوف ينفذ بالشراكة بين الحكومة المصرية وشركة «كابيتال سيتى» الإماراتية، وتتولى وزارة الإسكان توصيل المرافق الرئيسية إلى حدود أرض المشروع، والشركة توصيل المرافق الداخلية بما فيها تمهيد البنية الأساسية للحى الحكومى، وستتولى «كابيتال سيتى» إدارة المشروع وضخ الاستثمارات وعملية البناء والصيانة.
وأوضح مدبولى، أن شركة «كابيتال سيتى» أسست خصيصاً لتنفيذ مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، ويضم هيكل ملكيتها كبار رجال الأعمال الإماراتيين، خاصة أن المشروع مدعوم بقوة من جانب الحكومة الإماراتية.
وبحسب وزير الإسكان ستبلغ حصة الحكومة العينية %24 من قيمة المشروع تعادل قيمة الأرض.
قال المهندس حسين صبور، رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين، إن المشروع يعد نقلةً نوعيةً كبيرة فى أعمال التطوير والتنمية فى السوق المصرى، لما يتضمنه من تقنيات حديثة إلى جانب عودة العمل بنظام المطور العام، والذى طالبنا الحكومة بتطبيقه كثيراً لانهاء احتكار الدولة للتصرف فى الأراضى.
أوضح أن كثيراً من دول العالم تعمل بنظام المطور العام، وتتيح للشركات القوية تأهيل مدن جديدة، وهو ما تسعى وزارة الإسكان لتطبيقه على غرار مدن أنشأها مطورون فى السابق من بينها المقطم والمعادى وغيرهما.
أشار إلى أن توفير بدائل للأراضى يتيح للمطور العقارى المفاضلة بين أكثر من جهة وينهى احتكار وزارة الإسكان ويسهم فى زيادة معدلات التنمية.
وقال المهندس علاء فكرى، رئيس مجلس إدارة شركة بيتا إيجيبت للتنمية العمرانية، إن أهم مميزات المشروع طرحه بنظام الشركة التى تعمل على توفير قيمة الأرض والتى ستوجه إلى أعمال التنفيذ، موضحاً أن الشركة المطورة عليها البحث وسائل تمويل، لاسيما أن مدة التنفيذ قصيرة رغم المساحة الكبيرة للمشروع التى تتطلب استثمارات ضخة.
أكد أهمية اختصار وزارة الإسكان لإجراءات التراخيص التى تستغرق وقتاً طويلاً حتى لا تكون عائقاً أمام المشروع، مطالباً بالتوسع فى هذه النوعية من المشروعات بما يزيد من معدلات التنمية، وتوفير وسائل نقل وطرق حديثة تربط المشروع بالقاهرة والمحافظات القريبة.
وتقع أرض العاصمة الجديدة فى المنطقة المحصورة بين طريقى القاهرة/ السويس والقاهرة/ العين السخنة شرق الطريق الدائرى الإقليمى مباشرة، أى بعد القاهرة الجديدة ومشروع مدينتى ومدينة المستقبل، ويبعد الموقع المقترح حوالى 60 كيلومتراً من مدينتى السويس والعين السخنة لتتكامل مع تنمية محور قناة السويس.
قال المهندس ممدوح عبدالوهاب، رئيس مجلس إدارة شركة آمار كونسلت للاستشارات الهندسية، إن المدة الزمنية التى حددتها وزارة الإسكان للانتهاء من تنفيذ المشروع غير كافية والمحددة بـ12 عاماً، خاصة أن مساحته 70 ألف فدان غير مرفقة، بالإضافة إلى الأشكال الهندسية التى سوف تطبق فى مصر لأول مرة، متوقعاً أن تتخطى مدة التنفيذ المحددة.
وأضاف الاستشارى الهندسى محمد جمال، رئيس مجلس شركة موجا ديزاين، أن الأنظمة الهندسية المزمع تنفيذها بالمشروع تحتاج إلى دراسات متخصصة، حيث تنفذ لأول مرة هذه المجسمات فى مصر، وتقدمت شركات استثمارية من قبل لإنشاء مشروعات بهذا التقسيم وتم تأجيلها أو رفضت لعدم تناسبها مع الشروط البنائية المتبعة فى مصر.
وتكونت شركة «كابيتال سيتى بارتنرز المحدودة» المطورة للمشروع من صندوق خاص لمستثمرين عالميين، بدعم من شركة التصميم الهندسية الرائدة على مستوى العالم سكيدمورى، أوينغس وميريل(SOM) والتى وضعت الإطار الأولى والعناصر الأساسية للمدينة المستدامة الجديدة، بأسلوب متناغم مع البيئة الطبيعية الصحراوية المحيطة، وهو ما يلبى كافة احتياجات المدن الحديثة.
وأكد فيليب إنكويست، الشريك ورئيس قسم تصميم المدن فى شركة «سكيدمورى»، التزامهم خلال مراحل التصميم الأولية بكافة المعايير والأسس العالمية لإنشاء المدن الحديثة المتكاملة، والتى ستتضمن العديد من المرافق الحيوية، مثل المؤسسات التعليمية وغيرها مع الأخذ بعين الاعتبار توفير فرص اقتصادية ونوعية حياة خاصة لفئة الشباب من السكان، مشيرًا إلى تصميم وبناء المدينة بأسلوب ينسجم كلياً مع البيئة الطبيعية، ما يجعلها نموذجاً فريداً من نوعه على مستوى المنطقة.
ويرى «إنكويست»، أن مشروع العاصمة الجديدة يتمتع بمزايا عديدة أبرزها الموقع الجغرافى الذى يحوى ودياناً وهضاباً وتضاريس أخرى ترسم معالم استثنائية وفريدة، وسوف تزود كل مناطق المدينة بالمرافق الحيوية الضرورية التى تخدم مختلف الاحتياجات، وسوف تصبح مقراً لعدد من المراكز منها مركز إدارى وآخر للأعمال، بالإضافة إلى مركز ثقافى وآخر للتقنية والابتكار وغيرها.
ومن جانبه، قال دانييل رينغليستين، مدير التخطيط العمرانى فى شركة سكيدموري، أوينغس وميريل، إن مشروع العاصمة الجديدة سيخدم التنمية والنهضة الاقتصادية للبلاد برمتها، مشيراً إلى أنها ستشكل منعطفاً استراتيجياً مهماً ستسمح للشعب المصرى بالسير قدماً نحو تحقيق تطلعاته بحياة أفضل، ودفع عجلة التطوير والنهضة الاقتصادية من خلال تطوير مشاريع جديدة للسكن والعمل.
وقال أشرف سلمان، وزير الاستثمار فى تصريح سابق لتليفزيون بلومبرج، إن تمويل المشروع سوف ينفذ بشكل رئيسى من قبل المطور المستثمر، بالإضافة إلى شركاء دوليين محتملين، حيث تتراوح تكلفة المشروع من 75 ملياراً إلى 80 مليار دولار ويستغرق 12 عامًا لتنفيذه.
قال المهندس طارق الجمال، رئيس مجلس إدارة شركة ريدكون للتعمير، لـ«البورصة»، إن العاصمة الإدارية الجديدة التى أعلن عنها خلال المؤتمر الاقتصادى بشرم الشيخ ستسهم فى حدوث انتعاشة فى السوق المصري، خاصة بالنسبة لشركات المقاولات التى عانت خلال الأربع سنوات الماضية من انخفاض حجم الأعمال فى السوق نتيجة لعدم الاستقرار السياسي.
وأضاف أن الاستعانة بشركات مقاولات أجنبية ذات سمعة وخبرة عالمية لتنفيذ العاصمة الإدارية الجديدة ضرورى للغاية، فى ظل عدم امتلاك العديد من الشركات المصرية خبرات بمجال الإنشاءات فى الأبراج الجديدة، بالإضافة إلى وسائل الاتصالات الحديثة فى مثل هذه المنشآت.
وأوضح أن وزارة التعليم الفنى التى استحدثت مؤخراً ستسهم فى توفير العمالة القادرة على تنفيذ مثل هذه المشروعات، مؤكداً أهمية الاستعانة بعمالة مصرية فى الخارج سواء مهندسيين أو فنيين ممن يمتلكون الخبرة فى تنفيذ مثل هذه المشروعات.
وذكر أن غالبية المشروعات الكبرى فى مدينة دبى بالإمارات أنشئت بأياد مصرية، لذلك يجب الاستعانة بمثل هذه الكوادر خلال المرحلة المقبلة، للاستفادة منها ونقل خبراتهم إلى العمال المصريين فى المشروع.
ويتوقع أن يشهد سوق مواد البناء حركة انتعاشة كبيرة بعد طرح العدد غير المتوقع للمشروعات خلال القمة الاقتصادية، خاصة العاصمة الإدارية الجديدة بطريق السويس والتى ستعد امتداداً طبيعياً للقاهرة.
وتوقع المهندس أحمد الغنام، رئيس مجلس إدارة شركة الغنام للتطوير العقاري، أن تتأثر أعمال العاصمة الإدارية الجديدة بسبب كمية المشروعات المطروحة خلال القمة الاقتصادية، نتيجة عدم توافر عمالة مدربة كافية بشركات المقاولات المصرية.
وطالب باتخاذ بعض الإجراءات الاحترازية لعدم تأثر أعمال العاصمة الجديدة، منها منح الشركات المصرية الفرصة للاستعانة بعمالة مدربة، خاصة بعد الاستغناء عن العديد منها خلال المرحلة الماضية نتيجة تراجع حجم الأعمال وعدم القدرة على سداد الرواتب.
كما طالب بأهمية إسراع شركات المقاولات الراغبة بالمشاركة فى العاصمة الإدارية الجديدة بزيادة رأسمالها سواء من خلال إدخال شركاء جدد أو بقروض بنكية كبيرة للبدء فى تنفيذ المشروع دون توقف.
وشدد على ضرورة الاستعانة بخبرات إدارية وفنية قادرة على إدارة وتوجيه العمال المصريين أثناء إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة، مؤكداً أهمية الاستعانة بالخبرات المصرية بالبلدان العربية، خاصة فى الدول التى تعرضت لمشاكل سياسية، أبرزها ليبيا وسوريا، مضيفاً أن أهمية الاستعانة بشركات أجنبية للمساهمة فى المشروع لنقل الخبرات اللازمة للشركات المصرية، بهدف الاعتماد عليها مستقبلياً خاصة مع انخفاض الأسعار المقدمة من الشركات المصرية.
وأكد ضرورة إعداد دراسة وافية عن مواعيد بدء المشروعات التى أعلنت خلال قمة شرم الشيخ، حتى لا يؤثر ذلك على ارتفاع أسعار مواد البناء.








